map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

تفكك القيم المجتمعية في ظل النزاعات.. مأساة المخيمات الفلسطينية في سورية

تاريخ النشر : 14-11-2024
تفكك القيم المجتمعية في ظل النزاعات.. مأساة المخيمات الفلسطينية في سورية

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

 في ظل الظروف الصعبة والقاسية والانفلات الأمني التي يعايشها الفلسطينيون في مخيمات الشتات على الأرض السورية، انتشرت الكثير من السلبيات في المجتمع الفلسطيني كنتائج مسمومة بنهاية الحرب، متمثلة بانتشار السرقة والنهب والسلب وحتى التحرش بالأطفال الصغار الذي تحدثنا عنه في تقرير سابق.

ما يثير القلق هو أن هذه السلبيات باتت أمراً عادياً لا يحظى بالكثير من الاستهجان والاستنكار من قبل المجتمعات المحلية، وهذا ما يتطلب عملاً مكثفاً لنشر الوعي والثقافة العربية الأصيلة القائمة على النخوة والمروءة واحترام الجيرة، وخير دليل على ذلك قول الشاعر الجاهلي عنترة العبسي:

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي             حتى يواري جارتي مأواها

لكن للأسف الشديد، نسمع بين فينة وأخرى عن المشاكل والخلافات التي تشتعل بين أبناء المخيم الواحد وقد تصل أحيانا لإطلاق النار على بعضهم البعض كما حدث عديد المرات في المخيمات، وللأسف من هم جيران منذ النكبة أي منذ أكثر من 76 عاماً.

مجموعة العمل التقت بعدد من سكان مخيمات الشتات، مثل أبو محمد الذي اضطر لترك منزله بسبب سلوك جيرانه السيئ، يقول: إن أحد أفراد تلك الأسرة - التي رفض ذكر اسمها لدواعٍ أمنية وخوفه من المضايقات والاعتقال – ينتمون إلى أحد الفروع الأمنية السورية،  وهو يقوم بالتشبيح عليه وتهديده بالاعتقال وأذية عائلته، على حد قوله، فهو يغلق سكر المياه، ليقوم بالتعبئة لوحده، ولا يحترم الجيرة، ويجلس هو وأصدقائه على مصطبة المنزل المجاور لمنزلهم ويزعجهم بشكل مستمر ويشغّل الأغاني بصوت مرتفع في منتصف الليل ولا يراعي حرمة الجيرة، مستغلاً علاقاته وسطوته الأمنية وغياب أبنائه الثلاثة الذين هاجروا خارج سورية منذ بدء الحرب.

يتابع أبو محمد حديثه وعلامات الحزن بادية على محياه، تلك المعاملة السيئة وعدم احترام الجيرة والمشاكل اليومية، دفعتني مرغما لاستئجار شقة خارج المخيم، بالرغم من ارتفاع كلفة الايجار هذه الأيام وظروفي المادية الصعبة، خاصة أن ابنتي طالبة جامعية وهي بحاجة للخصوصية، ولذلك يتوجب عليه إبعادها عن هذا المحيط السيء والمشاكل التي قد لا تحمد عقباها.

يشعر أبو محمد باليأس والإحباط والخذلان، لأن السبب الذي أجبره على ترك منزله في المخيم ليس القصف أو المعارك بل ترك منزله بسبب الجيرة السيئة وجيران السوء اللذين غيّرت الحرب أخلاقهم وطباعهم.

أبو فادي (اسم مستعار) من مخيم يقع في الجنوب السوري، والذي يعمل سائق تكسي، أخبرنا أنه بعد العام 2019 عاد لمنزلهم في المخيم، وقام بإعادة تأهيله وترميمه وركب النوافذ والأبواب ومدد الكهرباء له، وسكن فيه هو وعائلته.

وتابع أبو فادي حديثه، أنه في مطلع هذا العام، توفي والد زوجته في أحد المخيمات في الشمال السوري وتوجه هو وعائلته للقيام بواجب العزاء، وبسبب سفره الاضطراري ترك المنزل لمدة ثلاثة أيام فقط، وعندما عاد وجد أن بيته تمت سرقته، سرق منه شاشة التلفاز و 100 لتر مازوت كان قد احتفظ بهم للتدفئة في أيام البرد القارس الشتائية و خمسين لتر بنزين و اللابتوب الخاص به، وقد أبلغ أحد جيرانه أنه رأى جارهم وهو يسرق منزل أبو فادي، وعندما واجه أبو فادي جاره اللص والذي كان زميله في مقاعد الدراسة، عندما فاتحه أبو فادي  بهذا الكلام وطالبه بأن يعيد له حاجياته المسروقة، غضب الأخير وأشهر سلاحه بوجه أبو فادي وهدده بالقتل.

بعد هذه الحادثة اضطر أبو فادي لترك المخيم وللعيش في بناية على العظم تفتقد لأدنى مقومات الحياة العادية، فهي بلا نوافذ أو أبواب وبلا منافع.

عبر أبو فادي عن شعوره باليأس الشديد بعد ما حلّ به بسبب واحد كان يعتبره زميله ويعرفه منذ أكثر من ثلاثين عام، وهو منزعج جداً من هذا الموقف الذي يستقوي فيه الفلسطيني على الفلسطيني وباتت شريعة الغاب هي التي تحكم المخيّم.

فضلاً عن خسارته المادية بسبب السرقة واضطراره لنقل حاجياته وفك الأبواب والنوافذ التي ركبها في بيتهم بالمخيم إلى الشقة التي استقر بها، ومما أدى لشعوره بعدم الاستقرار بعدما عاد له هذا الشعور بشكل مؤقت بعدما رجع للعيش في مخيمه ورجع معه شعوره بالطمأنينة والسكينة لكنه ذهب اليوم أدراج الرياح.

وفي المحصلة يجب التركيز على الجانب الأخلاقي في المجتمع العربي، والتشديد على نشر الوعي المجتمعي لتجاوز هذه الأزمة الأخلاقية التي هي من النتائج الطبيعية لحرب مستعرة أحرقت الأخضر واليابس وجعلت معظم الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/20820

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

 في ظل الظروف الصعبة والقاسية والانفلات الأمني التي يعايشها الفلسطينيون في مخيمات الشتات على الأرض السورية، انتشرت الكثير من السلبيات في المجتمع الفلسطيني كنتائج مسمومة بنهاية الحرب، متمثلة بانتشار السرقة والنهب والسلب وحتى التحرش بالأطفال الصغار الذي تحدثنا عنه في تقرير سابق.

ما يثير القلق هو أن هذه السلبيات باتت أمراً عادياً لا يحظى بالكثير من الاستهجان والاستنكار من قبل المجتمعات المحلية، وهذا ما يتطلب عملاً مكثفاً لنشر الوعي والثقافة العربية الأصيلة القائمة على النخوة والمروءة واحترام الجيرة، وخير دليل على ذلك قول الشاعر الجاهلي عنترة العبسي:

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي             حتى يواري جارتي مأواها

لكن للأسف الشديد، نسمع بين فينة وأخرى عن المشاكل والخلافات التي تشتعل بين أبناء المخيم الواحد وقد تصل أحيانا لإطلاق النار على بعضهم البعض كما حدث عديد المرات في المخيمات، وللأسف من هم جيران منذ النكبة أي منذ أكثر من 76 عاماً.

مجموعة العمل التقت بعدد من سكان مخيمات الشتات، مثل أبو محمد الذي اضطر لترك منزله بسبب سلوك جيرانه السيئ، يقول: إن أحد أفراد تلك الأسرة - التي رفض ذكر اسمها لدواعٍ أمنية وخوفه من المضايقات والاعتقال – ينتمون إلى أحد الفروع الأمنية السورية،  وهو يقوم بالتشبيح عليه وتهديده بالاعتقال وأذية عائلته، على حد قوله، فهو يغلق سكر المياه، ليقوم بالتعبئة لوحده، ولا يحترم الجيرة، ويجلس هو وأصدقائه على مصطبة المنزل المجاور لمنزلهم ويزعجهم بشكل مستمر ويشغّل الأغاني بصوت مرتفع في منتصف الليل ولا يراعي حرمة الجيرة، مستغلاً علاقاته وسطوته الأمنية وغياب أبنائه الثلاثة الذين هاجروا خارج سورية منذ بدء الحرب.

يتابع أبو محمد حديثه وعلامات الحزن بادية على محياه، تلك المعاملة السيئة وعدم احترام الجيرة والمشاكل اليومية، دفعتني مرغما لاستئجار شقة خارج المخيم، بالرغم من ارتفاع كلفة الايجار هذه الأيام وظروفي المادية الصعبة، خاصة أن ابنتي طالبة جامعية وهي بحاجة للخصوصية، ولذلك يتوجب عليه إبعادها عن هذا المحيط السيء والمشاكل التي قد لا تحمد عقباها.

يشعر أبو محمد باليأس والإحباط والخذلان، لأن السبب الذي أجبره على ترك منزله في المخيم ليس القصف أو المعارك بل ترك منزله بسبب الجيرة السيئة وجيران السوء اللذين غيّرت الحرب أخلاقهم وطباعهم.

أبو فادي (اسم مستعار) من مخيم يقع في الجنوب السوري، والذي يعمل سائق تكسي، أخبرنا أنه بعد العام 2019 عاد لمنزلهم في المخيم، وقام بإعادة تأهيله وترميمه وركب النوافذ والأبواب ومدد الكهرباء له، وسكن فيه هو وعائلته.

وتابع أبو فادي حديثه، أنه في مطلع هذا العام، توفي والد زوجته في أحد المخيمات في الشمال السوري وتوجه هو وعائلته للقيام بواجب العزاء، وبسبب سفره الاضطراري ترك المنزل لمدة ثلاثة أيام فقط، وعندما عاد وجد أن بيته تمت سرقته، سرق منه شاشة التلفاز و 100 لتر مازوت كان قد احتفظ بهم للتدفئة في أيام البرد القارس الشتائية و خمسين لتر بنزين و اللابتوب الخاص به، وقد أبلغ أحد جيرانه أنه رأى جارهم وهو يسرق منزل أبو فادي، وعندما واجه أبو فادي جاره اللص والذي كان زميله في مقاعد الدراسة، عندما فاتحه أبو فادي  بهذا الكلام وطالبه بأن يعيد له حاجياته المسروقة، غضب الأخير وأشهر سلاحه بوجه أبو فادي وهدده بالقتل.

بعد هذه الحادثة اضطر أبو فادي لترك المخيم وللعيش في بناية على العظم تفتقد لأدنى مقومات الحياة العادية، فهي بلا نوافذ أو أبواب وبلا منافع.

عبر أبو فادي عن شعوره باليأس الشديد بعد ما حلّ به بسبب واحد كان يعتبره زميله ويعرفه منذ أكثر من ثلاثين عام، وهو منزعج جداً من هذا الموقف الذي يستقوي فيه الفلسطيني على الفلسطيني وباتت شريعة الغاب هي التي تحكم المخيّم.

فضلاً عن خسارته المادية بسبب السرقة واضطراره لنقل حاجياته وفك الأبواب والنوافذ التي ركبها في بيتهم بالمخيم إلى الشقة التي استقر بها، ومما أدى لشعوره بعدم الاستقرار بعدما عاد له هذا الشعور بشكل مؤقت بعدما رجع للعيش في مخيمه ورجع معه شعوره بالطمأنينة والسكينة لكنه ذهب اليوم أدراج الرياح.

وفي المحصلة يجب التركيز على الجانب الأخلاقي في المجتمع العربي، والتشديد على نشر الوعي المجتمعي لتجاوز هذه الأزمة الأخلاقية التي هي من النتائج الطبيعية لحرب مستعرة أحرقت الأخضر واليابس وجعلت معظم الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/20820