مجموعة العمل| حلب
في حوالي الساعة الثالثة عصر يوم الجمعة، بدأ مقطع فيديو يظهر دخول مسلحي المعارضة إلى حي حلب الجديدة ينتشر بسرعة كبيرة، مسبباً حالة من الذعر والخوف بين الأهالي.
تدافعت التساؤلات في الأذهان: "كيف حدث ذلك؟ هل الفيديو مفبرك؟"، فيما انقسم الناس بين من يؤكد صحة الفيديو ومن ينفيه، ومع حلول مساء ذلك اليوم، شهدت حلب حركة نزوح واسعة من مناطق مختلفة باتجاه منطقة السفيرة مروراً بمخيم النيرب. بدأت الأخبار تتحدث عن انقطاع طريق حلب-دمشق الدولي، واتجه الناس إلى طريق خناصر.
تصاعدت التوترات، وبدأت ذاكرة الأهالي تعود إلى عام 2014، عندما سقطت معظم المناطق المحيطة بحلب، عدا مركز المدينة. استحضر الجميع أيام الحصار الشديد على مخيم النيرب وسقوط مخيم حندرات المجاور. كانت تلك الليالي قاسية، وعادت مشاعرها الثقيلة مجدداً في تلك الجمعة.
من كان طفلًا في بداية الأزمة بات شاباً يافعاً، ومن كان أعزباً أصبح أباً، وكل منهم يحاول استثمار خبراته لحماية عائلته، لكن الأحداث كانت تتجاوز أي تجربة أو قدرة على التكيف. فجأة، انتشرت أنباء عن انسحاب القوات الحكومية، التي ارتبطت في أذهان الناس بالفساد والرشوة وفرض الضرائب، فضلًا عن تدهور الخدمات الأساسية مثل المازوت، البنزين، الكهرباء، والمياه الملوثة. كان الانسحاب مثيراً للجدل بين ارتياح لانتهاء مرحلة مظلمة، وخوف مما يحمله المستقبل.
بدأت قوات المعارضة بالدخول إلى مناطق حلب، مع إعلانهم أن المناطق التي يسلم سكانها أسلحتهم ويلتزمون منازلهم ستكون آمنة، مشيرين إلى أنهم جاءوا لتحرير السكان ونشر الحرية واستعادة الكرامة. لكن الوضع في مخيم النيرب كان مختلفاً تماماً بسبب موقعه الجغرافي المحاذي لمطار حلب الدولي وقاعدة النيرب العسكرية، بالإضافة إلى وجود مقر قيادة لواء القدس فيه.
في حين اكتست معظم مناطق حلب طابعاً جديداً مساء الجمعة، ظل مخيم النيرب حتى الساعة العاشرة ليلًا مكتظاً بمسلحي لواء القدس وقياداته. اجتمعت مشاعر القلق والخوف والحيرة بين سكان المخيم، وبرزت أسئلة مصيرية: "هل سيلاقي المخيم مصيراً سيئاً بسبب أعمال لواء القدس؟ بينما انسحبت كل القوات النظامية من حلب؟" تلك الأسئلة كانت كفيلة بأن تربك الجميع، كما وصفها أهل حلب بعبارة: "كربج مخنا".
في الساعة 11 ليلًا، أصدر قائد لواء القدس، محمد السعيد، أمراً بمنع التجول في شارع الباصات الشمالي المطل على المطار، وهو موقع مكاتب اللواء. كما طلب من المقاتلين الاختيار بين تسليم السلاح والبقاء مع عائلاتهم، أو الانسحاب معه. وبعد اجتماع بين وجهاء المخيم وممثلين عن المعارضة، تم الاتفاق على تجنيب المخيم وأهله الدمار. انسحب مقاتلو اللواء وتم تسليم الأسلحة، وأُطفئت أنوار مطار حلب استعدادًا للتسليم.
كانت ليلة عصيبة لم تهدأ فيها النفوس حتى بزوغ فجر السبت، إذ بقيت آثار تلك الأحداث محفورة في ذاكرة المخيم وأهله.
مجموعة العمل| حلب
في حوالي الساعة الثالثة عصر يوم الجمعة، بدأ مقطع فيديو يظهر دخول مسلحي المعارضة إلى حي حلب الجديدة ينتشر بسرعة كبيرة، مسبباً حالة من الذعر والخوف بين الأهالي.
تدافعت التساؤلات في الأذهان: "كيف حدث ذلك؟ هل الفيديو مفبرك؟"، فيما انقسم الناس بين من يؤكد صحة الفيديو ومن ينفيه، ومع حلول مساء ذلك اليوم، شهدت حلب حركة نزوح واسعة من مناطق مختلفة باتجاه منطقة السفيرة مروراً بمخيم النيرب. بدأت الأخبار تتحدث عن انقطاع طريق حلب-دمشق الدولي، واتجه الناس إلى طريق خناصر.
تصاعدت التوترات، وبدأت ذاكرة الأهالي تعود إلى عام 2014، عندما سقطت معظم المناطق المحيطة بحلب، عدا مركز المدينة. استحضر الجميع أيام الحصار الشديد على مخيم النيرب وسقوط مخيم حندرات المجاور. كانت تلك الليالي قاسية، وعادت مشاعرها الثقيلة مجدداً في تلك الجمعة.
من كان طفلًا في بداية الأزمة بات شاباً يافعاً، ومن كان أعزباً أصبح أباً، وكل منهم يحاول استثمار خبراته لحماية عائلته، لكن الأحداث كانت تتجاوز أي تجربة أو قدرة على التكيف. فجأة، انتشرت أنباء عن انسحاب القوات الحكومية، التي ارتبطت في أذهان الناس بالفساد والرشوة وفرض الضرائب، فضلًا عن تدهور الخدمات الأساسية مثل المازوت، البنزين، الكهرباء، والمياه الملوثة. كان الانسحاب مثيراً للجدل بين ارتياح لانتهاء مرحلة مظلمة، وخوف مما يحمله المستقبل.
بدأت قوات المعارضة بالدخول إلى مناطق حلب، مع إعلانهم أن المناطق التي يسلم سكانها أسلحتهم ويلتزمون منازلهم ستكون آمنة، مشيرين إلى أنهم جاءوا لتحرير السكان ونشر الحرية واستعادة الكرامة. لكن الوضع في مخيم النيرب كان مختلفاً تماماً بسبب موقعه الجغرافي المحاذي لمطار حلب الدولي وقاعدة النيرب العسكرية، بالإضافة إلى وجود مقر قيادة لواء القدس فيه.
في حين اكتست معظم مناطق حلب طابعاً جديداً مساء الجمعة، ظل مخيم النيرب حتى الساعة العاشرة ليلًا مكتظاً بمسلحي لواء القدس وقياداته. اجتمعت مشاعر القلق والخوف والحيرة بين سكان المخيم، وبرزت أسئلة مصيرية: "هل سيلاقي المخيم مصيراً سيئاً بسبب أعمال لواء القدس؟ بينما انسحبت كل القوات النظامية من حلب؟" تلك الأسئلة كانت كفيلة بأن تربك الجميع، كما وصفها أهل حلب بعبارة: "كربج مخنا".
في الساعة 11 ليلًا، أصدر قائد لواء القدس، محمد السعيد، أمراً بمنع التجول في شارع الباصات الشمالي المطل على المطار، وهو موقع مكاتب اللواء. كما طلب من المقاتلين الاختيار بين تسليم السلاح والبقاء مع عائلاتهم، أو الانسحاب معه. وبعد اجتماع بين وجهاء المخيم وممثلين عن المعارضة، تم الاتفاق على تجنيب المخيم وأهله الدمار. انسحب مقاتلو اللواء وتم تسليم الأسلحة، وأُطفئت أنوار مطار حلب استعدادًا للتسليم.
كانت ليلة عصيبة لم تهدأ فيها النفوس حتى بزوغ فجر السبت، إذ بقيت آثار تلك الأحداث محفورة في ذاكرة المخيم وأهله.