فايز أبو عيد | مجموعة العمل
تكلمت في تحقيق سابق، عن الآثار والتداعيات النفسية السلبية على العائلات الفلسطينية الكريمة التي أرغمتها الحرب على ترك منازلها عرضة للقصف والنهب والسلب من طرفي الأزمة، الحدث الذي أثّر في الكثير منهم نفسياً بعدما آلت أحوالهم وتبدلت من الحياة في بيت مجهّز بكل وسائل الراحة والرفاهية، بيت العائلة الذي ضحوا بالغالي والنفيس ليكون على أفضل هيئة وتصميم.
ثم الانتقال إلى شقة غير مكتملة البناء أو لخيمة، مما أدى لإصابتهم بالذبحة القلبية أو أي أمراض أخرى سببها الحزن والقهر والكمد.
واستكمالا لما باشرت به التحقيق السّابق، سأتطرق اليوم لبعض الحالات المؤلمة التي تعرضت لها بعض الأسر والعائلات الفلسطينية المحترمة لسكنها في الخيمة أو في الشقق غير المكتملة عمرانيا.
في حادثة شهيرة حدثت لطفلة فلسطينية ابنة عائلة فلسطينية محترمة ومعروفة من سكان أحد مخيمات الشتات السورية، اضطرت العائلة للعيش خارج المخيم في بيت غير مكتمل عمرانيا، حيث الأرض من التراب والجدران بلا طينة أو دهان، فقط بلوك، مملوءة بالحشرات والزواحف والقوارض.
استيقظ السيد محمود وهو عامل حر، والد الطفلة التي عمرها أقل من 3 سنوات، على صوت صراخها والدم يملأ وجهها البريء حيث قام جرذ بعضّها من وجهها وهي نائمة، مما شكّل ندبة عميقة في وجهها الجميل، وشكل حالة من الرعب لكل أفراد العائلة، واستمر في علاجها لفترة طويلة ولليوم لا تزال الندبة ظاهرة على خدها الناعم ووجهها البريء والطاهر كقطرات المطر.
وبسبب هذه الحادثة المأساوية، صارت الأسرة تعاني من القلق الليلي والأرق الدائم حتى أن الطفلة الصغيرة لم تعد تستطع النوم إلا في حضن والدها أو والدتها، الأمر الذي سبب لها الكثير من المشاكل النفسية إضافة للجسدية التي تركتها عضّة الجرذ لها.
وفي حالة قد تبدو مشابهة، تعرض طفل فلسطيني صغير يبلغ من العمر سنتين فقط، تقطن عائلته المؤلّفة من والده ووالدته وشقيقتيه التوأمين الأصغر منه سنا، للسعة عقرب كادت أن تودي بحياته، لولا ستر الله ولطفه.
حدثت هذه الحادثة الأليمة في صيف العام 2018، العام الذي اقترن بالمعارك وبالتسويات للمناطق السورية التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة. حيث أجبرت العائلة على النزوح الداخلي وترك المنزل في المخيم والانتقال للعيش في الريف البعيد، هربا من المعارك والاشتباكات والقصف المتبادل.
وربما لم تكن الأضرار الجسدية والأذى والألم، مصدرها فقط من الزواحف والقوارض والحشرات، بل يتخطى الضرر لأكثر من ذلك، فالصيف حارق جدا ودرجة الحرارة لا تطاق ولا تحتمل في الخيمة ولا حتى في الشقق التي نسميها (على العظم) مع ضرورة التذكير بقلّة الماء وندرة الكهرباء.
والشتاء على عكسه بارد جدا والريح تعصف بالخيمة أو تتسلل من فتحات الشقق السكنية غير المكتملة العمران، مما يجعل الحياة القاسية أشد قسوة وبلا رحمة. وفي أكثر من مرّة حدثنا أبو عمر وهو له تجربة قاسية في الخيمة أن خيمته انهدّت على رؤوسهم بسبب الرياح الشديدة والعواصف.
وقد عانى الأطفال الصغار كثيرا وبشدة من أماكن العيش المتدنية من الخيمة والشقق على العظم والتي لا تصلح للسكن البشري ولا تليق بالإنسان، بل تليق بالوحوش الكاسرة والكلاب الشاردة.
هذا السكن الذي سبب له الكثير من الأمراض المزمنة والعلل الصحية كالربو وضيق التنفس ووووالخ من الأمراض المنتشرة لدى الأطفال الصغار لضعف مناعتهم.
هذه الأماكن التي تمّ بالحد الأدنى تأهيلها من سكانها الأوائل، لتكون قابلة للعيش وصالحة للحياة وذلك من دخلهم الخاص وقوت يومهم، لإن أصحاب هذه الشقق غالبيتهم خارج سوريا، أو أنّهم يعتبرون أنّ كل إكمال للبناء هو مقابل سكن العائلة مجانا، وبالتالي هم غير ملزمين على دفع تكاليف البناء والتجهيز.
وفي الاتجاه الآخر، ألزم بعض أصحاب هذه الشقق، العائلات الفلسطينية التي سكنت بها بعد نزوحها من المخيم لدفع إيجار مرتفع، وقد التقت مجموعة العمل بالسيد أبو خالد وهو يمثل حالة عشوائية من كثير من الحالات التي تشابهها، فقد ألزمه صاحب البناء على دفع إيجار شهري حوالي 300 ألف ليرة سورية، وإن لم يقبل بهذا المبلغ فليغادر الشقة أو هي كما يسميها أبو خالد (نصف شقة).
وللحقيقة قامت بعض الجمعيات التنموية التابعة للاتحاد الأوروبي كالشركة الدنماركية، على تركيب أبواب ونوافذ وسخان مياه وحوض للجلي في بعض هذه الشقق، لتأهيلها بالحد الأدنى.
وللحقيقة أيضا لم تقدم وكالة الأونروا أي مساعدة مادية أو عينية لسكان هذه الشقق لتحسينها وجعلها قابلة للعيش والسكن البشري في أضعف الإيمان.
فايز أبو عيد | مجموعة العمل
تكلمت في تحقيق سابق، عن الآثار والتداعيات النفسية السلبية على العائلات الفلسطينية الكريمة التي أرغمتها الحرب على ترك منازلها عرضة للقصف والنهب والسلب من طرفي الأزمة، الحدث الذي أثّر في الكثير منهم نفسياً بعدما آلت أحوالهم وتبدلت من الحياة في بيت مجهّز بكل وسائل الراحة والرفاهية، بيت العائلة الذي ضحوا بالغالي والنفيس ليكون على أفضل هيئة وتصميم.
ثم الانتقال إلى شقة غير مكتملة البناء أو لخيمة، مما أدى لإصابتهم بالذبحة القلبية أو أي أمراض أخرى سببها الحزن والقهر والكمد.
واستكمالا لما باشرت به التحقيق السّابق، سأتطرق اليوم لبعض الحالات المؤلمة التي تعرضت لها بعض الأسر والعائلات الفلسطينية المحترمة لسكنها في الخيمة أو في الشقق غير المكتملة عمرانيا.
في حادثة شهيرة حدثت لطفلة فلسطينية ابنة عائلة فلسطينية محترمة ومعروفة من سكان أحد مخيمات الشتات السورية، اضطرت العائلة للعيش خارج المخيم في بيت غير مكتمل عمرانيا، حيث الأرض من التراب والجدران بلا طينة أو دهان، فقط بلوك، مملوءة بالحشرات والزواحف والقوارض.
استيقظ السيد محمود وهو عامل حر، والد الطفلة التي عمرها أقل من 3 سنوات، على صوت صراخها والدم يملأ وجهها البريء حيث قام جرذ بعضّها من وجهها وهي نائمة، مما شكّل ندبة عميقة في وجهها الجميل، وشكل حالة من الرعب لكل أفراد العائلة، واستمر في علاجها لفترة طويلة ولليوم لا تزال الندبة ظاهرة على خدها الناعم ووجهها البريء والطاهر كقطرات المطر.
وبسبب هذه الحادثة المأساوية، صارت الأسرة تعاني من القلق الليلي والأرق الدائم حتى أن الطفلة الصغيرة لم تعد تستطع النوم إلا في حضن والدها أو والدتها، الأمر الذي سبب لها الكثير من المشاكل النفسية إضافة للجسدية التي تركتها عضّة الجرذ لها.
وفي حالة قد تبدو مشابهة، تعرض طفل فلسطيني صغير يبلغ من العمر سنتين فقط، تقطن عائلته المؤلّفة من والده ووالدته وشقيقتيه التوأمين الأصغر منه سنا، للسعة عقرب كادت أن تودي بحياته، لولا ستر الله ولطفه.
حدثت هذه الحادثة الأليمة في صيف العام 2018، العام الذي اقترن بالمعارك وبالتسويات للمناطق السورية التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة. حيث أجبرت العائلة على النزوح الداخلي وترك المنزل في المخيم والانتقال للعيش في الريف البعيد، هربا من المعارك والاشتباكات والقصف المتبادل.
وربما لم تكن الأضرار الجسدية والأذى والألم، مصدرها فقط من الزواحف والقوارض والحشرات، بل يتخطى الضرر لأكثر من ذلك، فالصيف حارق جدا ودرجة الحرارة لا تطاق ولا تحتمل في الخيمة ولا حتى في الشقق التي نسميها (على العظم) مع ضرورة التذكير بقلّة الماء وندرة الكهرباء.
والشتاء على عكسه بارد جدا والريح تعصف بالخيمة أو تتسلل من فتحات الشقق السكنية غير المكتملة العمران، مما يجعل الحياة القاسية أشد قسوة وبلا رحمة. وفي أكثر من مرّة حدثنا أبو عمر وهو له تجربة قاسية في الخيمة أن خيمته انهدّت على رؤوسهم بسبب الرياح الشديدة والعواصف.
وقد عانى الأطفال الصغار كثيرا وبشدة من أماكن العيش المتدنية من الخيمة والشقق على العظم والتي لا تصلح للسكن البشري ولا تليق بالإنسان، بل تليق بالوحوش الكاسرة والكلاب الشاردة.
هذا السكن الذي سبب له الكثير من الأمراض المزمنة والعلل الصحية كالربو وضيق التنفس ووووالخ من الأمراض المنتشرة لدى الأطفال الصغار لضعف مناعتهم.
هذه الأماكن التي تمّ بالحد الأدنى تأهيلها من سكانها الأوائل، لتكون قابلة للعيش وصالحة للحياة وذلك من دخلهم الخاص وقوت يومهم، لإن أصحاب هذه الشقق غالبيتهم خارج سوريا، أو أنّهم يعتبرون أنّ كل إكمال للبناء هو مقابل سكن العائلة مجانا، وبالتالي هم غير ملزمين على دفع تكاليف البناء والتجهيز.
وفي الاتجاه الآخر، ألزم بعض أصحاب هذه الشقق، العائلات الفلسطينية التي سكنت بها بعد نزوحها من المخيم لدفع إيجار مرتفع، وقد التقت مجموعة العمل بالسيد أبو خالد وهو يمثل حالة عشوائية من كثير من الحالات التي تشابهها، فقد ألزمه صاحب البناء على دفع إيجار شهري حوالي 300 ألف ليرة سورية، وإن لم يقبل بهذا المبلغ فليغادر الشقة أو هي كما يسميها أبو خالد (نصف شقة).
وللحقيقة قامت بعض الجمعيات التنموية التابعة للاتحاد الأوروبي كالشركة الدنماركية، على تركيب أبواب ونوافذ وسخان مياه وحوض للجلي في بعض هذه الشقق، لتأهيلها بالحد الأدنى.
وللحقيقة أيضا لم تقدم وكالة الأونروا أي مساعدة مادية أو عينية لسكان هذه الشقق لتحسينها وجعلها قابلة للعيش والسكن البشري في أضعف الإيمان.