فايز أبو عيد - مجموعة العمل
هذا الاسم سيثير في أذهان الكثيرين أسئلةً، أين تقع هذه الحارة؟ سيقول البعض لم أسمعْ بها من قبل، وفي الحقيقة فإنّ هذا الاسم ليس اسماً رسمياً تجده مدوّناً على لافتة، ولكنّه الاسمُ المتعارف عليه بين أهالي المنطقة لتمركز عوائل فلسطينية كوّنت مع مرور الأيّام ما بات يُعرف بين أهالي المنطقة بحارة الفلسطينية.
تقع هذه الحارة حسب البلديّة وما يُدوّن على فواتير المياه والكهرباء ضمن الكاشف الشمالي، وبشكل أكثر تفصيلاً فهي تقع على الطريق الواصل بين مدينة درعا (البانوراما) حيث الملعب البلدي ومدينة عتمان بجانب مسجد خالد بن الوليد، ومن العوائل القاطنة هناك (دخل الله، الزيتاوية، الحسن، الشملوني او الشمالنه، المصطفى، القصايمه، الأسعد، النعمان ...).
لا يمكن بأيّة حال من الأحوال الوقوفُ على إحصائيّة رسميّةٍ دقيقةٍ لتعداد الفلسطينيين هناك، ولكن لدى استفسارنا عن عدد الأُسر الموجودةِ هناك تمّ التأكيدُ على تواجد ما يقرب من 200 شخص دون احتساب عدد اللاجئين الذين لجأوا منذ عام 2011 إلى الأردن وأوروبا بسبب الأزمة السورية، مع التأكيد على تواجد الكثير من الفلسطينيين الأردنيين، أمّا البقيةُ فهم فلسطينيّون سوريّون لجؤوا لسوريا منذ النكبة1948،
ترجع أصول هذه العوائل إلى مدينة يافا الفلسطينية، أغلبُ البيوت تتّبع نظام الطوابق التي يعيش فيها الأبناءُ والأحفاد، أسرٌ كثيرةٌ تسكن في أبنية توارثتها جيلا بعد جيل.
الواقع الطبي
تفتقد هذه الحارة للمراكز الصحية والزيارات الميدانية، وعند الاضطرار لابدّ من الذهاب إلى مدينة طفس في حال عدم الرغبة بالمرور من الحواجز المنتشرة على أبواب مدينة درعا، حيث يوجد مستشفى طفس الذي يفتقد لكثير من المعدات والكوادر الطبية في ظل هجرة الأطباء من سوريا، أو يمكنهم الذهاب إلى المركز الصحي التابع للأونروا في بلدة المزيريب، إلا أن الكثيرين يفضلون الذهاب إلى مدينة درعا لقربها حيث يتواجد المشفى الوطني أو المركز الصحي التابع للأونروا في حي الكاشف.
وهنا لابد من وضع هذه المنطقة على الخارطة الطبية التابعة لوكالة الأونروا ومعاملتها بمثيلاتها من المناطق التي يتواجد فيها الفلسطينيون، إذ تم تخصيص عيادة متنقلة تقصد المنطقة يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
الواقع التعليمي
غالبيةُ الطلبة الفلسطينيين في تلك الحارة كانوا قبل اندلاع الأزمة في سورية، يدرسون بمدارس الحكومة السورية وذلك لبعد مدارس وكالة الأونروا عنهم التي كانت تتجمّع في مخيم درعا.
أمّا في الوقت الحاضر، فأقربُ مدرسة حكوميّة تبعد حوالي 3كيلو متر، وتمّ استحداث مدرسة كفر كنّا التابعة للأونروا بعد خروج مدارس المخيّم عن العمل، وذلك في حيّ القصور بدرعا، وهي تبعد حوالي 5 كيلو متر، ومع ذلك تبقى هذه مشكلةٌ عويصةٌ تضطرُّ البعض للسير والذي يشكّل مشقّةً على الطلاب ولاسيّما الصّغار أو عبر الدّرّاجات الهوائيّة ووسائط النقل التي تبدو مُكلفة للأهالي، في حال تواجد أكثر من طالب، ولذلك يُفضّل الكثيرون المدارس الحكوميّة لقربها رغم أنّ مدارس الأونروا تبدو أفضل من حيث جودة التّعليم، وتتفاقم هذه المشكلة حتّى نصل إلى المرحلة الجامعيّة التي تشكّل عائقاً أمام استكمال هذه المراحل، ولذا رأينا من الأهالي من يضطرُّ لتسفير أحد أبنائهم إلى أوروبا، في حين يضطر الغالبية لتشغيل أولادهم في مناشير الحجر لما تقدّمه من عائدٍ ماديّ قويّ، ما سبّب انكفاء الكثيرين عن استكمال مراحل تعليمهم منذ سن صغيرة، وساهم في ارتفاع نسبة تاركي الدراسة منذ سن صغيرة كما جعل نسبة الجامعيين نسبة لا تذكر، ولعل السبب قد أوردناه سابقا كالفقر وغلاء المعيشة وضعف القدرات المادية للأسر هناك.
الوضع الاقتصادي
الوضع الاقتصادي في تلك الحارة لا يختلف عن أوضاع أبناء المخيمات والتجمعات الأخرى للفلسطينيين في المنطقة من انتشار الفقر وسوء الواقع المعيشي، وهذا ما جعل الكثيرين يعملون أكثر من عمل في سبيل تحقيق بعض من الاكتفاء والقدرة على مواجهة الواقع الاقتصادي المتأزم، بالإضافة للاعتماد على معونة الوكالة كل ثلاثة أشهر، وما تقدمه مؤسسة العرين الخيرية المجاورة لهم من معونات.
يعمل البعض في مؤسسة الأعلاف والتجارة ومنهم من يعمل في الأراضي الزراعية حسب المواسم كقطاف الزيتون ومنهم من يعمل في أعمال البناء وآخرون يعتمدون على تربية الأبقار اما الغالبية العظمى فتعمل في مناشر الحجر، وهنا نلحظ تفضيلاً للعمل على الدراسة، إذ يقبل الكثيرون على العمل في مناشير الحجر ومعارض السيراميك حيث اليومية لا تقل عن 30ألفاً، وفي حال ازدادت مهارة العامل فسوف يرتفع أجره.
إسلام (16 عامًا) يقول: إنه اضطر لترك الدراسة والعمل في أحد مناشير الحجر، بسبب أوضاع عائلته الاقتصادية المزرية، مشيراً إلى أنه يتقاضى مبلغ 30أ ألف يومياً، وعند انتهاء عمله حوالي الساعة الرابعة عصراً، يتوجّه لإفراغ حمولة سيارة حجر متقاضياً مبلغاً إضافياً ومناسباً يساهم في دعم أسرته.
أبو وليد موظف (60 عامًا): أشار إلى أن الوظيفة لا تفي بمتطلباته الحياتية، ممّا يضطرّه ذلك للعمل في تنزيل وتعبئة السيارات بالسيراميك والبلوك والحجر لتأمين دخل إضافيٍّ لأسرته.
لافتاً أن جميع سكان الحارة يعانون من حالة فقر مدقع، وهم يعيشون تحت خط الفقر بدرجات، وأن هناك بعض العائلات تعتمد على الحوالات المالية التي يرسلها لهم أبنائهم أو أحد أقاربهم، فيما ينتظر السواد الأعظم المساعدات المالية التي تقدمها الأونروا لهم كل 3 أشهر قلتها وعدم تناسبها مع جنون الأسعار وانهيار الاقتصاد.
مردفاً بلهجة فيها الكثير من الحسرة والحزن، تصور أن حدّة الفقر بلغت أن جامع خالد بن الوليد المجاور لنا، بحاجة إلى بطاريّات إنارة ورغم التبرعات لم يستطيعوا جمع المال الكافي لتأمينها.
لجوءِ ونزوح
وفيما يتعلّق بحكاية لجوءِ ونزوح أهالي هذه الحارة، فيمكن القولُ أنّهم كانوا أكثرَ مظلوميةً، فقد كانوا على خطّ المواجهة منذ البداية، إذ يتواجدُ بجانبهم الملعب البلدي الذي تحوّل لمعتقل ومنطلق للعمليات العسكرية وتجمّعٍ للجماعات الموالية للجيش السوري، وبجانبه ثكنةُ البانوراما وكتيبةُ المدفعية، ممّا اضطرهم للنزوح باكراً نحو بلدة المزيريب ومناطق حوض اليرموك كجلين وأماكن أخرى، ولم يتوجّهوا إلى مخيّم درعا كونه قد عانى التهجير والتدمير منذ البداية.
ولعلّ مآسي سكّان هذه الحارة لم تتوقف، إذ سيطر تنظيمُ داعش على حوض اليرموك، فاضطرّوا للنزوح مرّة أخرى، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن الكثيرين التجأوا نتيجة غلاء إيجارات البيوت إلى جامعة درعا في المزيريب واتّخذوا منها سكناً لهم، وفي عام 2016 اضطرّ الكثيرون للعودة إلى بلدة عتمان وتوقيع التسويات، فكانوا أوّل العائدين من الأرياف نتيجة الواقع المأساوي الذي لاحقهم وعدم القدرة على الاستمرار، وفي عام 2018 تمّ عودةُ باقي الأهالي بعد توقيع اتّفاقية التّسوية مع السلطات السورية برعاية روسية.
قصصٌ وحكايا تمّ سردها عن الواقع، ولعل أشدّها حكايةُ شابين توأمين في سن 18 نشأا يتيمين لم يريا أمهما منذ 15 سنة، واليوم تمّ الاعتراف بهما من قبل الحكومة الأردنية وسوف يتمّ جمعُ شملهما بأمّهما بعد كلّ هذه السّنوات.
وأخيراً، ولدى تجولك في هذه الحارة، فستدرك أن الفلسطينيين فيها هم من البسطاء اللطفاء، يعيشون باكتفاءٍ وقناعة، ورضا كبير، فهم يعملون اليوم، يكسبون رزقهم اليوم، وينفقون ما كسبوا اليوم، ويفرحون بمشترياتهم اليوم.
فايز أبو عيد - مجموعة العمل
هذا الاسم سيثير في أذهان الكثيرين أسئلةً، أين تقع هذه الحارة؟ سيقول البعض لم أسمعْ بها من قبل، وفي الحقيقة فإنّ هذا الاسم ليس اسماً رسمياً تجده مدوّناً على لافتة، ولكنّه الاسمُ المتعارف عليه بين أهالي المنطقة لتمركز عوائل فلسطينية كوّنت مع مرور الأيّام ما بات يُعرف بين أهالي المنطقة بحارة الفلسطينية.
تقع هذه الحارة حسب البلديّة وما يُدوّن على فواتير المياه والكهرباء ضمن الكاشف الشمالي، وبشكل أكثر تفصيلاً فهي تقع على الطريق الواصل بين مدينة درعا (البانوراما) حيث الملعب البلدي ومدينة عتمان بجانب مسجد خالد بن الوليد، ومن العوائل القاطنة هناك (دخل الله، الزيتاوية، الحسن، الشملوني او الشمالنه، المصطفى، القصايمه، الأسعد، النعمان ...).
لا يمكن بأيّة حال من الأحوال الوقوفُ على إحصائيّة رسميّةٍ دقيقةٍ لتعداد الفلسطينيين هناك، ولكن لدى استفسارنا عن عدد الأُسر الموجودةِ هناك تمّ التأكيدُ على تواجد ما يقرب من 200 شخص دون احتساب عدد اللاجئين الذين لجأوا منذ عام 2011 إلى الأردن وأوروبا بسبب الأزمة السورية، مع التأكيد على تواجد الكثير من الفلسطينيين الأردنيين، أمّا البقيةُ فهم فلسطينيّون سوريّون لجؤوا لسوريا منذ النكبة1948،
ترجع أصول هذه العوائل إلى مدينة يافا الفلسطينية، أغلبُ البيوت تتّبع نظام الطوابق التي يعيش فيها الأبناءُ والأحفاد، أسرٌ كثيرةٌ تسكن في أبنية توارثتها جيلا بعد جيل.
الواقع الطبي
تفتقد هذه الحارة للمراكز الصحية والزيارات الميدانية، وعند الاضطرار لابدّ من الذهاب إلى مدينة طفس في حال عدم الرغبة بالمرور من الحواجز المنتشرة على أبواب مدينة درعا، حيث يوجد مستشفى طفس الذي يفتقد لكثير من المعدات والكوادر الطبية في ظل هجرة الأطباء من سوريا، أو يمكنهم الذهاب إلى المركز الصحي التابع للأونروا في بلدة المزيريب، إلا أن الكثيرين يفضلون الذهاب إلى مدينة درعا لقربها حيث يتواجد المشفى الوطني أو المركز الصحي التابع للأونروا في حي الكاشف.
وهنا لابد من وضع هذه المنطقة على الخارطة الطبية التابعة لوكالة الأونروا ومعاملتها بمثيلاتها من المناطق التي يتواجد فيها الفلسطينيون، إذ تم تخصيص عيادة متنقلة تقصد المنطقة يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
الواقع التعليمي
غالبيةُ الطلبة الفلسطينيين في تلك الحارة كانوا قبل اندلاع الأزمة في سورية، يدرسون بمدارس الحكومة السورية وذلك لبعد مدارس وكالة الأونروا عنهم التي كانت تتجمّع في مخيم درعا.
أمّا في الوقت الحاضر، فأقربُ مدرسة حكوميّة تبعد حوالي 3كيلو متر، وتمّ استحداث مدرسة كفر كنّا التابعة للأونروا بعد خروج مدارس المخيّم عن العمل، وذلك في حيّ القصور بدرعا، وهي تبعد حوالي 5 كيلو متر، ومع ذلك تبقى هذه مشكلةٌ عويصةٌ تضطرُّ البعض للسير والذي يشكّل مشقّةً على الطلاب ولاسيّما الصّغار أو عبر الدّرّاجات الهوائيّة ووسائط النقل التي تبدو مُكلفة للأهالي، في حال تواجد أكثر من طالب، ولذلك يُفضّل الكثيرون المدارس الحكوميّة لقربها رغم أنّ مدارس الأونروا تبدو أفضل من حيث جودة التّعليم، وتتفاقم هذه المشكلة حتّى نصل إلى المرحلة الجامعيّة التي تشكّل عائقاً أمام استكمال هذه المراحل، ولذا رأينا من الأهالي من يضطرُّ لتسفير أحد أبنائهم إلى أوروبا، في حين يضطر الغالبية لتشغيل أولادهم في مناشير الحجر لما تقدّمه من عائدٍ ماديّ قويّ، ما سبّب انكفاء الكثيرين عن استكمال مراحل تعليمهم منذ سن صغيرة، وساهم في ارتفاع نسبة تاركي الدراسة منذ سن صغيرة كما جعل نسبة الجامعيين نسبة لا تذكر، ولعل السبب قد أوردناه سابقا كالفقر وغلاء المعيشة وضعف القدرات المادية للأسر هناك.
الوضع الاقتصادي
الوضع الاقتصادي في تلك الحارة لا يختلف عن أوضاع أبناء المخيمات والتجمعات الأخرى للفلسطينيين في المنطقة من انتشار الفقر وسوء الواقع المعيشي، وهذا ما جعل الكثيرين يعملون أكثر من عمل في سبيل تحقيق بعض من الاكتفاء والقدرة على مواجهة الواقع الاقتصادي المتأزم، بالإضافة للاعتماد على معونة الوكالة كل ثلاثة أشهر، وما تقدمه مؤسسة العرين الخيرية المجاورة لهم من معونات.
يعمل البعض في مؤسسة الأعلاف والتجارة ومنهم من يعمل في الأراضي الزراعية حسب المواسم كقطاف الزيتون ومنهم من يعمل في أعمال البناء وآخرون يعتمدون على تربية الأبقار اما الغالبية العظمى فتعمل في مناشر الحجر، وهنا نلحظ تفضيلاً للعمل على الدراسة، إذ يقبل الكثيرون على العمل في مناشير الحجر ومعارض السيراميك حيث اليومية لا تقل عن 30ألفاً، وفي حال ازدادت مهارة العامل فسوف يرتفع أجره.
إسلام (16 عامًا) يقول: إنه اضطر لترك الدراسة والعمل في أحد مناشير الحجر، بسبب أوضاع عائلته الاقتصادية المزرية، مشيراً إلى أنه يتقاضى مبلغ 30أ ألف يومياً، وعند انتهاء عمله حوالي الساعة الرابعة عصراً، يتوجّه لإفراغ حمولة سيارة حجر متقاضياً مبلغاً إضافياً ومناسباً يساهم في دعم أسرته.
أبو وليد موظف (60 عامًا): أشار إلى أن الوظيفة لا تفي بمتطلباته الحياتية، ممّا يضطرّه ذلك للعمل في تنزيل وتعبئة السيارات بالسيراميك والبلوك والحجر لتأمين دخل إضافيٍّ لأسرته.
لافتاً أن جميع سكان الحارة يعانون من حالة فقر مدقع، وهم يعيشون تحت خط الفقر بدرجات، وأن هناك بعض العائلات تعتمد على الحوالات المالية التي يرسلها لهم أبنائهم أو أحد أقاربهم، فيما ينتظر السواد الأعظم المساعدات المالية التي تقدمها الأونروا لهم كل 3 أشهر قلتها وعدم تناسبها مع جنون الأسعار وانهيار الاقتصاد.
مردفاً بلهجة فيها الكثير من الحسرة والحزن، تصور أن حدّة الفقر بلغت أن جامع خالد بن الوليد المجاور لنا، بحاجة إلى بطاريّات إنارة ورغم التبرعات لم يستطيعوا جمع المال الكافي لتأمينها.
لجوءِ ونزوح
وفيما يتعلّق بحكاية لجوءِ ونزوح أهالي هذه الحارة، فيمكن القولُ أنّهم كانوا أكثرَ مظلوميةً، فقد كانوا على خطّ المواجهة منذ البداية، إذ يتواجدُ بجانبهم الملعب البلدي الذي تحوّل لمعتقل ومنطلق للعمليات العسكرية وتجمّعٍ للجماعات الموالية للجيش السوري، وبجانبه ثكنةُ البانوراما وكتيبةُ المدفعية، ممّا اضطرهم للنزوح باكراً نحو بلدة المزيريب ومناطق حوض اليرموك كجلين وأماكن أخرى، ولم يتوجّهوا إلى مخيّم درعا كونه قد عانى التهجير والتدمير منذ البداية.
ولعلّ مآسي سكّان هذه الحارة لم تتوقف، إذ سيطر تنظيمُ داعش على حوض اليرموك، فاضطرّوا للنزوح مرّة أخرى، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن الكثيرين التجأوا نتيجة غلاء إيجارات البيوت إلى جامعة درعا في المزيريب واتّخذوا منها سكناً لهم، وفي عام 2016 اضطرّ الكثيرون للعودة إلى بلدة عتمان وتوقيع التسويات، فكانوا أوّل العائدين من الأرياف نتيجة الواقع المأساوي الذي لاحقهم وعدم القدرة على الاستمرار، وفي عام 2018 تمّ عودةُ باقي الأهالي بعد توقيع اتّفاقية التّسوية مع السلطات السورية برعاية روسية.
قصصٌ وحكايا تمّ سردها عن الواقع، ولعل أشدّها حكايةُ شابين توأمين في سن 18 نشأا يتيمين لم يريا أمهما منذ 15 سنة، واليوم تمّ الاعتراف بهما من قبل الحكومة الأردنية وسوف يتمّ جمعُ شملهما بأمّهما بعد كلّ هذه السّنوات.
وأخيراً، ولدى تجولك في هذه الحارة، فستدرك أن الفلسطينيين فيها هم من البسطاء اللطفاء، يعيشون باكتفاءٍ وقناعة، ورضا كبير، فهم يعملون اليوم، يكسبون رزقهم اليوم، وينفقون ما كسبوا اليوم، ويفرحون بمشترياتهم اليوم.