فايز أبو عيد | مجموعة العمل
تُمثّل بلدةُ قِيطة، الواقعةُ في ريف درعا الشّماليّ على بُعد 55 كيلومتراً من العاصمة دمشق، نموذجاً فريداً للوجود الفلسطينيّ في سوريا، فعلى عكس التّجمّعات الفلسطينية الأخرى، يقتصر الوجودُ الفلسطينيُّ في هذه البلدة على عائلةٍ واحدةٍ هي "آل دوبا" التي تعود جذورُها إلى من مدينة يافا الفلسطينيّة، وهذا ما شكّل حالةً خاصّةً لهذا التواجد.
وبحسبِ إحصائيّاتٍ حديثةٍ وثّقتها مجموعةُ العمل من أجل فلسطينيي سوريّة، يبلغ تعدادُ هذه العائلة اليوم 565 نسمة، موزّعين على نحو 110 أسرة، ليشكّلوا بذلك 10% من إجماليّ سكّانِ البلدةِ البالغِ تَعدادُهم 7500 نسمة، وتتميّز هذه العائلةُ بانتشارها في مختلف أنحاء البلدة وتأثيرها الواضحِ في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة.
لم يتعرّض الفلسطينيّون في البلدة للتهجير، إذ بقيتْ هذه البلدةُ تحت سيطرةِ الدّولةِ السورية طوالَ سنوات الحرب، رغم وقوعِ باقي المناطق المحيطة تحت سيطرةِ المعارضةِ السوريّة مما ضَمن للأهالي في هذه البلدة حالة من الاستقرار والهدوء.
يُعتبر الفلسطينيّون ونقصدُ عائلةَ الدوبا من العائلات المؤثرة في البلدة من خلال عملهم في التّجارة والصّناعة، كما أنّ هناك وجهاءَ من هذه العائلة كان لهم مساهماتٌ في تحقيق الصلح وحقن الدماء .
ولعلّ اللافتَ للانتباه قلّةُ المهاجرين إلى أوروبا على عكس باقي الفلسطينيين في المناطق الأخرى.
الوضع التّعليمي
تُعتبر بلدة قيطة وعلى مستوى محافظة درعا ذاتَ قيمةٍ تعليميّةٍ، فعندما يَذكرُ أحدُهم أنّه من بلدة قيطة تُرفع له القبّعةُ كونها ذاتَ سويّةٍ علميّةٍ مُرتفعةٍ جدّا
ولدى حوارنا مع مدير إحدى مدارس البلدة للإحاطة بوضع الفلسطينيّن التعليمي، أخبرنا أن هناك 3 مدارس لمرحلة التعليم الاساسي ومدرسة ثانوية مع اعدادية من الصف السابع للبكالوريا، وهذه المدارس قريبة من مساكنهم، فلا تبعد أكثر من 500 متر، وأقربها مدرسة قيطة الثانية، يدرس في مرحلة التعليم الأساسي قرابة 60 إلى 70 طالب، فيما يبلغ عدد الطلاب المنتمين لهذه العائلة الذين يدرسون في المرحلة الثانوية قرابة 50 طالب، أما الشهادات العلمية فقليلة جدا تكاد تكون عبارة عن 5 أو 10 شهادات علمية أعلاها الصيدلة فيما تنحصر الشهادات المتبقية بالهندسة واختصاصات أخرى.
ولابد من الإشارة إلى دور وجهاء آل الدوبا في تشكيل ما عرف بلجنة أصدقاء المدرسة والتي ساهمت بجمع تبرعات للمدارس في قيطة في ظل النقص الذي تعانيه المدارس من مستلزمات.
التحديات المعيشية:
رغم الاستقرار النّسبيّ الّذي تمتّعت به البلدة خلال سنوات الأزمة السورية، واجه سكّان البلدة ومن ضمنهم الفلسطينيّون تحدّيات معيشيّة متعددة، أبرزها: أزمة مياه الشّرب الحادّة، وإجراءات إدارة كمّيات مياه الشّرب المتاحة وعملية توزيعها وفقَ برامج التّقنين الّتي كانت تُوزّع كل 12 يوم ما بين السّاعة والنّصف والثّلاث ساعات، في حين يشرب البعضُ في البلدة كلَّ أسبوعٍ 6 ساعات، ولذلك يقوم الأهالي بشراء مياه الشّرب بأسعارٍ كاويةٍ، تصل إلى 40 ألف للصّهريج وأحياناً إلى 100 ألف، وقد أنجزت مؤسّسةُ مياهِ الشّربِ بدرعا منذ 5 أشهر بالتعاون مع المجتمع المحلّي تأهيلَ عدّة آبارٍ، ووضعت بئرُ قيطة الجديد بالخدمة بغزارة 28 متراً مكعباً، في سبيل التّخفيف من هذه المشكلةِ الّتي استمرّت طوالَ سنوات الحرب في سوريا، وما تزال المشكلةَ الكبرى إلى اليوم بعد أن صمتتْ طبولُ الحرب، والّتي تشتدُّ مع دخول أشهر الصّيف.
وهناك معاناةٌ أخرى تتمثّل في نقص كمّيات الخبز، أمّا بالنسبة لتقنين الكهرباء، فخلال كلِّ 5 ساعات تأتي ساعةً واحدةً، تتخلّلها فتراتُ قطعٍ للكهرباء، وهناك مشكلةُ المواصلات في ظلّ نقص كمّياتِ الوقودِ المقدّمة للسّائقين، ممّا يدفعهم للشّراء بالسّعر الحرِّ لترتفعَ إيجاراتُ النّقل إلى الضّعف ممّا يشكل عبئا على الأهالي ولاسيما الطلاب إذ تراوح الأجرة النظامية إلى مدينة درعا ذهابا وإيابا قرابة 30 ألف ليرة.
الوضع الصحي
يعاني فلسطينيو قيطةَ من تراجع الخدماتِ الصّحيّة، خاصة مع تقليصِ وكالةِ "الأونروا" لخدماتها الاستشفائيةِ، ورغم وجودِ مركز صحيِّ في البلدة، يضطرُّ معظم الفلسطينيين للتوجّه إلى مستشفى يافا في منطقة المزّة بدمشق لقربها من البلدة، للحصول على الرّعاية الطبيّة المتخصّصة.
وقد أكدّ الكثيرون افتقادَ الفرق الجوّالة الّتي تقدّم الدّعم الصّحيّ لفلسطينيّ قيطة، مع المطالبة المتكررة بتفعيل هذه الفرق.
إذ اشتكى كثير منهم من تقصير كبير تجاههم من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” أونروا وباقي المنظمات والهيئات والمجموعات التي تُعنى بالشأن الفلسطيني، لتكون مبادرةُ مجموعة العمل من أجل فلسطينيّ سورية الأولى من نوعها التي يتمّ فيها تسليطُ الضوء على الفلسطينين في بلدة قيطة الذين كانوا في قوائم النسيان، وتكون أيضا حافزا ومشجعا للآخرين لتقصّي أحوالِ الفلسطينين في كلّ بقعةٍ من سورية .
فايز أبو عيد | مجموعة العمل
تُمثّل بلدةُ قِيطة، الواقعةُ في ريف درعا الشّماليّ على بُعد 55 كيلومتراً من العاصمة دمشق، نموذجاً فريداً للوجود الفلسطينيّ في سوريا، فعلى عكس التّجمّعات الفلسطينية الأخرى، يقتصر الوجودُ الفلسطينيُّ في هذه البلدة على عائلةٍ واحدةٍ هي "آل دوبا" التي تعود جذورُها إلى من مدينة يافا الفلسطينيّة، وهذا ما شكّل حالةً خاصّةً لهذا التواجد.
وبحسبِ إحصائيّاتٍ حديثةٍ وثّقتها مجموعةُ العمل من أجل فلسطينيي سوريّة، يبلغ تعدادُ هذه العائلة اليوم 565 نسمة، موزّعين على نحو 110 أسرة، ليشكّلوا بذلك 10% من إجماليّ سكّانِ البلدةِ البالغِ تَعدادُهم 7500 نسمة، وتتميّز هذه العائلةُ بانتشارها في مختلف أنحاء البلدة وتأثيرها الواضحِ في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة.
لم يتعرّض الفلسطينيّون في البلدة للتهجير، إذ بقيتْ هذه البلدةُ تحت سيطرةِ الدّولةِ السورية طوالَ سنوات الحرب، رغم وقوعِ باقي المناطق المحيطة تحت سيطرةِ المعارضةِ السوريّة مما ضَمن للأهالي في هذه البلدة حالة من الاستقرار والهدوء.
يُعتبر الفلسطينيّون ونقصدُ عائلةَ الدوبا من العائلات المؤثرة في البلدة من خلال عملهم في التّجارة والصّناعة، كما أنّ هناك وجهاءَ من هذه العائلة كان لهم مساهماتٌ في تحقيق الصلح وحقن الدماء .
ولعلّ اللافتَ للانتباه قلّةُ المهاجرين إلى أوروبا على عكس باقي الفلسطينيين في المناطق الأخرى.
الوضع التّعليمي
تُعتبر بلدة قيطة وعلى مستوى محافظة درعا ذاتَ قيمةٍ تعليميّةٍ، فعندما يَذكرُ أحدُهم أنّه من بلدة قيطة تُرفع له القبّعةُ كونها ذاتَ سويّةٍ علميّةٍ مُرتفعةٍ جدّا
ولدى حوارنا مع مدير إحدى مدارس البلدة للإحاطة بوضع الفلسطينيّن التعليمي، أخبرنا أن هناك 3 مدارس لمرحلة التعليم الاساسي ومدرسة ثانوية مع اعدادية من الصف السابع للبكالوريا، وهذه المدارس قريبة من مساكنهم، فلا تبعد أكثر من 500 متر، وأقربها مدرسة قيطة الثانية، يدرس في مرحلة التعليم الأساسي قرابة 60 إلى 70 طالب، فيما يبلغ عدد الطلاب المنتمين لهذه العائلة الذين يدرسون في المرحلة الثانوية قرابة 50 طالب، أما الشهادات العلمية فقليلة جدا تكاد تكون عبارة عن 5 أو 10 شهادات علمية أعلاها الصيدلة فيما تنحصر الشهادات المتبقية بالهندسة واختصاصات أخرى.
ولابد من الإشارة إلى دور وجهاء آل الدوبا في تشكيل ما عرف بلجنة أصدقاء المدرسة والتي ساهمت بجمع تبرعات للمدارس في قيطة في ظل النقص الذي تعانيه المدارس من مستلزمات.
التحديات المعيشية:
رغم الاستقرار النّسبيّ الّذي تمتّعت به البلدة خلال سنوات الأزمة السورية، واجه سكّان البلدة ومن ضمنهم الفلسطينيّون تحدّيات معيشيّة متعددة، أبرزها: أزمة مياه الشّرب الحادّة، وإجراءات إدارة كمّيات مياه الشّرب المتاحة وعملية توزيعها وفقَ برامج التّقنين الّتي كانت تُوزّع كل 12 يوم ما بين السّاعة والنّصف والثّلاث ساعات، في حين يشرب البعضُ في البلدة كلَّ أسبوعٍ 6 ساعات، ولذلك يقوم الأهالي بشراء مياه الشّرب بأسعارٍ كاويةٍ، تصل إلى 40 ألف للصّهريج وأحياناً إلى 100 ألف، وقد أنجزت مؤسّسةُ مياهِ الشّربِ بدرعا منذ 5 أشهر بالتعاون مع المجتمع المحلّي تأهيلَ عدّة آبارٍ، ووضعت بئرُ قيطة الجديد بالخدمة بغزارة 28 متراً مكعباً، في سبيل التّخفيف من هذه المشكلةِ الّتي استمرّت طوالَ سنوات الحرب في سوريا، وما تزال المشكلةَ الكبرى إلى اليوم بعد أن صمتتْ طبولُ الحرب، والّتي تشتدُّ مع دخول أشهر الصّيف.
وهناك معاناةٌ أخرى تتمثّل في نقص كمّيات الخبز، أمّا بالنسبة لتقنين الكهرباء، فخلال كلِّ 5 ساعات تأتي ساعةً واحدةً، تتخلّلها فتراتُ قطعٍ للكهرباء، وهناك مشكلةُ المواصلات في ظلّ نقص كمّياتِ الوقودِ المقدّمة للسّائقين، ممّا يدفعهم للشّراء بالسّعر الحرِّ لترتفعَ إيجاراتُ النّقل إلى الضّعف ممّا يشكل عبئا على الأهالي ولاسيما الطلاب إذ تراوح الأجرة النظامية إلى مدينة درعا ذهابا وإيابا قرابة 30 ألف ليرة.
الوضع الصحي
يعاني فلسطينيو قيطةَ من تراجع الخدماتِ الصّحيّة، خاصة مع تقليصِ وكالةِ "الأونروا" لخدماتها الاستشفائيةِ، ورغم وجودِ مركز صحيِّ في البلدة، يضطرُّ معظم الفلسطينيين للتوجّه إلى مستشفى يافا في منطقة المزّة بدمشق لقربها من البلدة، للحصول على الرّعاية الطبيّة المتخصّصة.
وقد أكدّ الكثيرون افتقادَ الفرق الجوّالة الّتي تقدّم الدّعم الصّحيّ لفلسطينيّ قيطة، مع المطالبة المتكررة بتفعيل هذه الفرق.
إذ اشتكى كثير منهم من تقصير كبير تجاههم من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” أونروا وباقي المنظمات والهيئات والمجموعات التي تُعنى بالشأن الفلسطيني، لتكون مبادرةُ مجموعة العمل من أجل فلسطينيّ سورية الأولى من نوعها التي يتمّ فيها تسليطُ الضوء على الفلسطينين في بلدة قيطة الذين كانوا في قوائم النسيان، وتكون أيضا حافزا ومشجعا للآخرين لتقصّي أحوالِ الفلسطينين في كلّ بقعةٍ من سورية .