تذكيرا بدورهم في سوريا واندماجهم اجتماعيا وقانونيا.. حان الوقت لإنصاف فلسطينيي سوريا
أشرف سهلي- صحفي فلسطيني سوريا من أبناء مخيم اليرموك
خلال الثورة السورية المباركة التي اندلعت شرارتها في العام 2011 قدم فلسطينيو سوريا كل ما يملكون تقريبا شانهم شان اخوتهم السوريين من أجل الثورة السورية، لم يكن هؤلاء اللاجئون طيلة وجودهم في سوريا بعد نكبة فلسطين 1948 وتهجير العصابات الصهيونية للشعب الفلسطيني من ارضه ووطنه الام فلسطين الا فاعلين مساهمين في بناء سوريا ونسيجها المجتمعي، كما قدموا الغالي والنفيس دفاعا عن قضيتهم الفلسطينية، وكله دون مزايدة لأحد عليهم في ذلك بتاتا ان كان على المستوى السوري او الفلسطيني..
يقصد بفلسطينيي سوريا الفلسطينيون الذين هجرهم الاحتلال الاسرائيلي وكذلك الفئات التي اتت تباعا الى سوريا خلال السنوات التالية لنكبة فلسطين ممن حملوا تذكرة اقامة مؤقتة واوراقا ثبوتية في سوريا وشملها القانون السوري الذي بجعل اللاجئ الفلسطيني بحكم المواطن السوري في الحقوق والواجبات وفقا لجملة قوانين وتشريعات ناظمة لحياتهم في البلاد سيأتي المقال على ذكرها تاليا.
خلال الثورة السورية العظيمة قدم الفلسطينيون آلاف الشهداء والمعتقلين وخسروا ممتلكاتهم وبيوتهم، وهذه بعض التضحيات الباهظة التي لا يتسع مقال لذكرها:
الشهداء الفلسطينيون خلال الثورة: 3% من نسبة الفلسطينيين السوريين السكانية في سوريا (يعني أبادهم الأسد جماعيا)
حيث قدم الفلسطينيون في سوريا خيرة شبابهم (الإناث والذكور) ولا يتسع هذا المقال لذكرهم فهم كثر جدا وقيمة أي منهم كبيرة.. والمسالة لا تتعلق فقط بالفلسطينيين من أبناء المخيمات والتجمعات الفلسطينية فحسب فهناك آلاف من الفلسطينيين من سكان الغوطتين ودمشق ودرعا وحلب وحمص ومن هم فلسطينيون لام سورية او لاب سوري وام فلسطينية كانت لهم أهم البصمات بينهم المقاتلون، العسكريون، الصحافيون والإعلاميون والحقوقيون، الإغاثيون، التجار، الأطباء، الممرضون.. الخ الخ
المعتقلون والمفقودون: آلاف لا يعلم عددها إلا الله ويرجح أنها أكبر من أعداد الشهداء وثق منها ما تيسر وتشكر جهود من عملوا على ذلك وعلى رأسهم الزملاء والأخوة في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، ولكن تبقى قضية المعتقلين والمفقودين في مسالخ الاسد جرحا نازفا لا يندمل عند مئات العائلات الفلسطينية في سوريا التي ما زالت تطالب بالمحاسبة والمحاكمة للجلادين وبالوصول للكشف عن حقيقة مصير ابنائها، وهو ما تجدد بعد الثورة السورية حيث ان فقدان الامل واعلان كثيرين عن استشهاد ابنائهم يقابله تجدد للأمل باحتمالية الوصول الى معلومة عن مصير المغيبين قسريا.
البنية التحتية للمخيمات والتجمعات الفلسطينية: كان نظام الأسد وإيران وحزب الله يتعمدون إحداث دمار مضاعف للمجتمع الفلسطيني والبنية التحتية للمخيمات بما فيها مت المدارس والمساجد والشوارع، والمتاجر، والأبنية السكنية، والمقابر.. إلخ وذلك لتقديم تطمينات للعدو الإسرائيلي تضمن للأسد البقاء في السلطة مقابل عدم عودة الفلسطينيين إلى مخيماتهم أو إلى سوريا من الأساس بعد تهجيرهم كما هجر كل السوريين، إذ كان هؤلاء المجرمون يستخدمون الورقة الفلسطينية استخداما مضاعفا بالمتاجرة بالقضية أولا والقتل المضاعف الانتقامي ثانيا الذي ترعاه روسيا وأميركا بسبب مشاركة الفلسطينيين بالثورة.. ولا تثل نسبة الدمار في مخيمات كاليرموك ودرعا عن 70%..
وبالعودة للوضع القانوني لفلسطينيي سوريا، يتمتع الفلسطينيون السوريون منذ ما قبل استيلاء نظام الأسد على السلطة في سوريا بمعاملة خاصة تجعلهم بحكم المواطنين السوريين في الحقوق والواجبات وفقا للقانون 260 للعام 1956، وسبق ذلك تأسيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين العرب 1949 والتي تتبع الحكومة السورية بطبيعة الحال، فضلا عن وجود وكالة الغوث (أونروا) في نفس العام.
وعلى الصعيد النضالي الفلسطيني، قدم فلسطينيو سوريا كما بقية إخوتهم من اللاجئين الفلسطينيين آلاف الشهداء في رحلة النضال الوطني الفلسطيني، وما مقابر شهدائهم في مخيم اليرموك وبقية المخيمات والتي تعرضت خلال استباحة الأسد لسوريا وقمعه للثورة للقصف والتخريب والعبث إلا خير دليل على ذلك. وتعرض فلسطينيو سوريا للتهميش من قبل القيادات الفلسطينية شأنهم شأن بقية لاجئي فلسطين وذلك في أعقاب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وانتهى الأمر بإضعاف الدور النضالي للاجئين الفلسطينيين وتحويل الشعب الفلسطيني الى جملة من الشعوب التي يجمعها أصلها الفلسطيني ولكن تفرقها نضالاتها الداخلية ووضعها المعيشي والقانوني في اماكن وجودها، ما صعب على الفلسطينيين بعد اوسلو مهمة معرفة واكتشاف بعضهم مرة اخرى بطريقة ترقى لقضيتهم الوطنية وتسبب في تسهيل الانقسامات الاجتماعية والسياسية وعدم الاكتراث المتبادل لمعاناة كل مجموعة بطريقة لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك احد أهم العوامل المؤثرة في عزل اللاجئين عن قدرتهم على المشاركة النضالية في الكفاح المسلح وأن يكونوا فئة فاعلة جوهرية كما كانوا سابقا في المعارك ضد الاحتلال، ولا ينسى في هذا الإطار المقولة الشهيرة لرئيس وزراء الاحتلال السابق أرئيل شارون "لك يوم يا مخيم اليرموك يا منبع الجرذان" في دلالة على دور هذا المخيم وعموم فلسطينيي سوريا في إيلام الاحتلال والنضال والمقاومة ضده.
كما سهل الامر منذ استيلاء نظام الاسد على السلطة في سوريا مرورا بتحكمه ومحاولاته سرقة القرار الفلسطيني المستقل والهيمنة على الفصائل الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية تعريض هؤلاء اللاجئين لمخاطر سياسية وامنية كبيرة استهدفت وجودهم وكونهم جزءا من فلسطين وقضيتها بفعل المتاجرة والاستهداف المتكرر لمخيماتهم ونشطائهم ومناضليهم منذ زمن حافظ الاسد، ان كان في سوريا نفسها او لبنان او غيرهما وجرائمه بحقهم في تل الزعتر وشمالي لبنان وخلال حقبة انشقاق حركة فتح واستهداف واعتقال الآلاف من ابناء فلسطينيي سوريا وتحويل الضابطة الفلسطينية (فرع فلسطين) إلى مركز اعتقال وتعذيب وتصفية للمناضلين الفلسطينيين على يد هذا النظام المجرم وصولا الى استكمال الاسد الابن جرائم الاب ضدهم في مخيماتهم بسوريا، وهو ما يتساوق مع المشاريع الغربية والصهيونية وتحركات الانظمة العربية التابعة لأميركا واسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين في معظم الدول العربية.
وفي ضوء ما تقدم وبعد كل هذه السنوات والتضحيات الكبيرة جدا والأثمان الباهظة التي دفعها فلسطينيو سوريا على المستويين السوري خلال الثورة وقبلها، والفلسطيني النضالي فمن الضروري التذكير دائما أنهم ليسوا (سوريين بنظر الفلسطيني، وليسوا فلسطينيين بنظر السوري) فهذا ليس مقبولا ويصنف ضمن تبعات العنصرية والانقسامات السياسية والمجتمعية، فهم ليسوا متضامنين مع الثورة السورية او ضيوفا في سوريا بل هم مكون مهم وفاعل في سوريا خلال الثورة وقبلها ولم يكونوا في يوم من الايام عبئا على سوريا او بقية الدول العربية، وهم جزء من مستقبل سوريا الحرة وهذا ليس للتفاوض أو مكرمة من أحد، وإن فكرة حملهم للجنسية السورية (مع الاحتفاظ بهويتهم الفلسطينية او الحق بالتجنس من عدمه والحفاظ على الحقوق المدنية والاجتماعية على الأقل في حال عدم الرغبة بالتجنيس) هي وفقا لكثير من ابناء فلسطينيي سوريا والثورة والمتخصصين قانونيا تحصيل حاصل لكونهم جزءا لا يتجزأ من سوريا ومجتمعها وتعبير عملي عن رد الجميل و عن الاقرار بكونهم سوريين وطريقة لحمايتهم قانونيا وحماية وجودهم الطبيعي في سوريا وحقهم في العودة لفلسطين ومواصلة النضال لأجل ذلك من خلال الحفاظ على كرامتهم والدعم لهم قانونيا وسياسيا برسم دولة كانت حاضنتهم دائما هي وشعبها، وهو ليس مكرمة او مكانا للتفاوض او الاستجداء وبالمقابل ليس تخليا أو تنازلا منهم عن حق العودة او عن اصلهم الفلسطيني وحقهم في فلسطين كما يشيع البعض، فبعد كل هذه القوافل من الشهداء على طريق فلسطين طيلة مراحل النضال وحتى خلال "طوفان الاقصى" قدم فلسطينيو سوريا مئات الشهداء على الحدود وفث المعارك المباشرة وغير المباشرة مع الاحتلال، كما كان لنشطائهم وشبابهم ونسائهم ممن هجرهم الاسد وايران ومحور الممانعة المنافق الى الدول الاوربية والغربية دور بارز في تحريك الراي العام وقلبه بما يجعله مناصرا لفلسطين بعد حرب الابادة الصهيونية في غزة وانفضاح جرائم الاحتلال عبر السوشيال ميديا ولا ينسى تشابك النضالين الفلسطيني والسوري في هذا السياق ومشاركة السوريين ونشطاء الثورة في كل الحراكات الداعمة لغزة وفلسطين حول العالم وهو ما يجعل مسابة النضال المشترك في القضيتين مسالة تتجاوز الحدود والمسميات كفلسطيني او سوري لهذين الشعبين المضطهدين.
وخلال الثورة السورية العظيمة والشعور غير المشروط من فلسطينيي سوريا بالانتماء فقد قدموا كل شيء في سبيل انتصار الثورة شانهم شان اي فئة في سوريا، وواصلوا العمل من خارج سوريا لمواصلة الثورة وكسر الشعور الاحباط واليأس ومواجهة التشويه الذي تتعرض له الثورة في الراي العام والاعلام، كما تعرضوا لكل انواع الاهانة والاذلال خارج سوريا بعد تهجير نظام الاسد عشرات الالوف منهم وتعرضهم لكل انواع الهشاشة القانونية والاستهداف في دول اللجوء القريبة والبعيدة وفي المطارات وعلى المعابر والحدود، لذا فقد حان الوقت لحماية هؤلاء اللاجئين وتسريع الامر وعدم التلكؤ به.
وفي دولة القانون والحريات المأمولة في سوريا التي تشبه اي دولة ديمقراطية مدنية تقوم على المواطنة والعقد الاجتماعي فان مسالة التجنيس والحماية لمن يقيم ويعمل في سوريا هي مسالة يفترض انها مضمونة وهي مسالة حقيقية لا يفترض ان يستثنى منها اي احد لاي سبب كان ولا سيما من تخميه الدساتير والتشريعات والقوانين وتعطيه حالة مميزة خاصة كفلسطينيي سوريا المهجرين الى سوريا بعد نكبة فلسطين 1948، وخاصة انهم من بين اكثر الفئات ممن اقاموا في سوريا مؤقتا بسبب تهجيرهم عن وطنهم الام وهم من بين فئات المقيمين مؤقتا مما خذلهم نظام الاسد المجرم لأكثر الفئات الهشة قانونيا واكثرها عرضة للخطر مؤخرا بعد الثورة بسبب استهدافهم من قبل نظام الاسد وغيره من انظمة القمع وتنكر معظم العرب لمخرجات مؤتمر الدار البيضاء التي تقوم على حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين وضمان حرية تنقلهم وسفرهم وعيشهم وعملهم وحفظ كراماتهم في الدول العربية وهو مالا يحدث ابدا.
اضافة الى ان هؤلاء اللاجئين كانوا من اوائل من واجه قمع و استبداد نظام الاسد ومن القائمين على الثورة ممن راوا ان التخلص من نظام الاسد هو تخليص لقضية فلسطين من اكثر المتاجرين بها الذي كان يقتلهم ويسرق قرارهم المستقل فكانت المسالة لديهم اي المشاركة في الثورة السورية نضالا مضاعفا لهم كسوريين وفلسطينيين يخدم فلسطين وسوريا وشعبهما وحريتهما في ان معا، وقدموا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، ولا ينبغي تركهم عرضة لرياح الاستهداف وتقلبات الظروف ولاسيما من بقي منهم صامدا داخل سوريا وفي دول الطوق المحيطة ممن لم تقدم لهم الحد الادنى من حقوق الانسان خلال فترة الثورة السورية، وبالتالي فان التذكير الدائم بدورهم في سوريا وثورتها ودور الطاقات الفلسطينية في الثورة وفي بناء سوريا المستقبلية والحفاظ على وضعهم القانوني ولم لا تحسينه ورفعه لحق التجنيس ولاسيما ذوي الشهداء والمعتقلين والمتضررين وعموم المهجرين قسريا هي أشياء باتت من البديهيات والمسلمات في بلدهم سوريا لا تحتاج الكثير من الاقناع والنقاشات ان كان مع نشطاء الثورة وجمهورها وهم اب فلسطينيو سوريا في داخلها، او مع القيادة المؤقتة او المقبلة لسوريا الجديدة الحرة.
تذكيرا بدورهم في سوريا واندماجهم اجتماعيا وقانونيا.. حان الوقت لإنصاف فلسطينيي سوريا
أشرف سهلي- صحفي فلسطيني سوريا من أبناء مخيم اليرموك
خلال الثورة السورية المباركة التي اندلعت شرارتها في العام 2011 قدم فلسطينيو سوريا كل ما يملكون تقريبا شانهم شان اخوتهم السوريين من أجل الثورة السورية، لم يكن هؤلاء اللاجئون طيلة وجودهم في سوريا بعد نكبة فلسطين 1948 وتهجير العصابات الصهيونية للشعب الفلسطيني من ارضه ووطنه الام فلسطين الا فاعلين مساهمين في بناء سوريا ونسيجها المجتمعي، كما قدموا الغالي والنفيس دفاعا عن قضيتهم الفلسطينية، وكله دون مزايدة لأحد عليهم في ذلك بتاتا ان كان على المستوى السوري او الفلسطيني..
يقصد بفلسطينيي سوريا الفلسطينيون الذين هجرهم الاحتلال الاسرائيلي وكذلك الفئات التي اتت تباعا الى سوريا خلال السنوات التالية لنكبة فلسطين ممن حملوا تذكرة اقامة مؤقتة واوراقا ثبوتية في سوريا وشملها القانون السوري الذي بجعل اللاجئ الفلسطيني بحكم المواطن السوري في الحقوق والواجبات وفقا لجملة قوانين وتشريعات ناظمة لحياتهم في البلاد سيأتي المقال على ذكرها تاليا.
خلال الثورة السورية العظيمة قدم الفلسطينيون آلاف الشهداء والمعتقلين وخسروا ممتلكاتهم وبيوتهم، وهذه بعض التضحيات الباهظة التي لا يتسع مقال لذكرها:
الشهداء الفلسطينيون خلال الثورة: 3% من نسبة الفلسطينيين السوريين السكانية في سوريا (يعني أبادهم الأسد جماعيا)
حيث قدم الفلسطينيون في سوريا خيرة شبابهم (الإناث والذكور) ولا يتسع هذا المقال لذكرهم فهم كثر جدا وقيمة أي منهم كبيرة.. والمسالة لا تتعلق فقط بالفلسطينيين من أبناء المخيمات والتجمعات الفلسطينية فحسب فهناك آلاف من الفلسطينيين من سكان الغوطتين ودمشق ودرعا وحلب وحمص ومن هم فلسطينيون لام سورية او لاب سوري وام فلسطينية كانت لهم أهم البصمات بينهم المقاتلون، العسكريون، الصحافيون والإعلاميون والحقوقيون، الإغاثيون، التجار، الأطباء، الممرضون.. الخ الخ
المعتقلون والمفقودون: آلاف لا يعلم عددها إلا الله ويرجح أنها أكبر من أعداد الشهداء وثق منها ما تيسر وتشكر جهود من عملوا على ذلك وعلى رأسهم الزملاء والأخوة في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، ولكن تبقى قضية المعتقلين والمفقودين في مسالخ الاسد جرحا نازفا لا يندمل عند مئات العائلات الفلسطينية في سوريا التي ما زالت تطالب بالمحاسبة والمحاكمة للجلادين وبالوصول للكشف عن حقيقة مصير ابنائها، وهو ما تجدد بعد الثورة السورية حيث ان فقدان الامل واعلان كثيرين عن استشهاد ابنائهم يقابله تجدد للأمل باحتمالية الوصول الى معلومة عن مصير المغيبين قسريا.
البنية التحتية للمخيمات والتجمعات الفلسطينية: كان نظام الأسد وإيران وحزب الله يتعمدون إحداث دمار مضاعف للمجتمع الفلسطيني والبنية التحتية للمخيمات بما فيها مت المدارس والمساجد والشوارع، والمتاجر، والأبنية السكنية، والمقابر.. إلخ وذلك لتقديم تطمينات للعدو الإسرائيلي تضمن للأسد البقاء في السلطة مقابل عدم عودة الفلسطينيين إلى مخيماتهم أو إلى سوريا من الأساس بعد تهجيرهم كما هجر كل السوريين، إذ كان هؤلاء المجرمون يستخدمون الورقة الفلسطينية استخداما مضاعفا بالمتاجرة بالقضية أولا والقتل المضاعف الانتقامي ثانيا الذي ترعاه روسيا وأميركا بسبب مشاركة الفلسطينيين بالثورة.. ولا تثل نسبة الدمار في مخيمات كاليرموك ودرعا عن 70%..
وبالعودة للوضع القانوني لفلسطينيي سوريا، يتمتع الفلسطينيون السوريون منذ ما قبل استيلاء نظام الأسد على السلطة في سوريا بمعاملة خاصة تجعلهم بحكم المواطنين السوريين في الحقوق والواجبات وفقا للقانون 260 للعام 1956، وسبق ذلك تأسيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين العرب 1949 والتي تتبع الحكومة السورية بطبيعة الحال، فضلا عن وجود وكالة الغوث (أونروا) في نفس العام.
وعلى الصعيد النضالي الفلسطيني، قدم فلسطينيو سوريا كما بقية إخوتهم من اللاجئين الفلسطينيين آلاف الشهداء في رحلة النضال الوطني الفلسطيني، وما مقابر شهدائهم في مخيم اليرموك وبقية المخيمات والتي تعرضت خلال استباحة الأسد لسوريا وقمعه للثورة للقصف والتخريب والعبث إلا خير دليل على ذلك. وتعرض فلسطينيو سوريا للتهميش من قبل القيادات الفلسطينية شأنهم شأن بقية لاجئي فلسطين وذلك في أعقاب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وانتهى الأمر بإضعاف الدور النضالي للاجئين الفلسطينيين وتحويل الشعب الفلسطيني الى جملة من الشعوب التي يجمعها أصلها الفلسطيني ولكن تفرقها نضالاتها الداخلية ووضعها المعيشي والقانوني في اماكن وجودها، ما صعب على الفلسطينيين بعد اوسلو مهمة معرفة واكتشاف بعضهم مرة اخرى بطريقة ترقى لقضيتهم الوطنية وتسبب في تسهيل الانقسامات الاجتماعية والسياسية وعدم الاكتراث المتبادل لمعاناة كل مجموعة بطريقة لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك احد أهم العوامل المؤثرة في عزل اللاجئين عن قدرتهم على المشاركة النضالية في الكفاح المسلح وأن يكونوا فئة فاعلة جوهرية كما كانوا سابقا في المعارك ضد الاحتلال، ولا ينسى في هذا الإطار المقولة الشهيرة لرئيس وزراء الاحتلال السابق أرئيل شارون "لك يوم يا مخيم اليرموك يا منبع الجرذان" في دلالة على دور هذا المخيم وعموم فلسطينيي سوريا في إيلام الاحتلال والنضال والمقاومة ضده.
كما سهل الامر منذ استيلاء نظام الاسد على السلطة في سوريا مرورا بتحكمه ومحاولاته سرقة القرار الفلسطيني المستقل والهيمنة على الفصائل الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية تعريض هؤلاء اللاجئين لمخاطر سياسية وامنية كبيرة استهدفت وجودهم وكونهم جزءا من فلسطين وقضيتها بفعل المتاجرة والاستهداف المتكرر لمخيماتهم ونشطائهم ومناضليهم منذ زمن حافظ الاسد، ان كان في سوريا نفسها او لبنان او غيرهما وجرائمه بحقهم في تل الزعتر وشمالي لبنان وخلال حقبة انشقاق حركة فتح واستهداف واعتقال الآلاف من ابناء فلسطينيي سوريا وتحويل الضابطة الفلسطينية (فرع فلسطين) إلى مركز اعتقال وتعذيب وتصفية للمناضلين الفلسطينيين على يد هذا النظام المجرم وصولا الى استكمال الاسد الابن جرائم الاب ضدهم في مخيماتهم بسوريا، وهو ما يتساوق مع المشاريع الغربية والصهيونية وتحركات الانظمة العربية التابعة لأميركا واسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين في معظم الدول العربية.
وفي ضوء ما تقدم وبعد كل هذه السنوات والتضحيات الكبيرة جدا والأثمان الباهظة التي دفعها فلسطينيو سوريا على المستويين السوري خلال الثورة وقبلها، والفلسطيني النضالي فمن الضروري التذكير دائما أنهم ليسوا (سوريين بنظر الفلسطيني، وليسوا فلسطينيين بنظر السوري) فهذا ليس مقبولا ويصنف ضمن تبعات العنصرية والانقسامات السياسية والمجتمعية، فهم ليسوا متضامنين مع الثورة السورية او ضيوفا في سوريا بل هم مكون مهم وفاعل في سوريا خلال الثورة وقبلها ولم يكونوا في يوم من الايام عبئا على سوريا او بقية الدول العربية، وهم جزء من مستقبل سوريا الحرة وهذا ليس للتفاوض أو مكرمة من أحد، وإن فكرة حملهم للجنسية السورية (مع الاحتفاظ بهويتهم الفلسطينية او الحق بالتجنس من عدمه والحفاظ على الحقوق المدنية والاجتماعية على الأقل في حال عدم الرغبة بالتجنيس) هي وفقا لكثير من ابناء فلسطينيي سوريا والثورة والمتخصصين قانونيا تحصيل حاصل لكونهم جزءا لا يتجزأ من سوريا ومجتمعها وتعبير عملي عن رد الجميل و عن الاقرار بكونهم سوريين وطريقة لحمايتهم قانونيا وحماية وجودهم الطبيعي في سوريا وحقهم في العودة لفلسطين ومواصلة النضال لأجل ذلك من خلال الحفاظ على كرامتهم والدعم لهم قانونيا وسياسيا برسم دولة كانت حاضنتهم دائما هي وشعبها، وهو ليس مكرمة او مكانا للتفاوض او الاستجداء وبالمقابل ليس تخليا أو تنازلا منهم عن حق العودة او عن اصلهم الفلسطيني وحقهم في فلسطين كما يشيع البعض، فبعد كل هذه القوافل من الشهداء على طريق فلسطين طيلة مراحل النضال وحتى خلال "طوفان الاقصى" قدم فلسطينيو سوريا مئات الشهداء على الحدود وفث المعارك المباشرة وغير المباشرة مع الاحتلال، كما كان لنشطائهم وشبابهم ونسائهم ممن هجرهم الاسد وايران ومحور الممانعة المنافق الى الدول الاوربية والغربية دور بارز في تحريك الراي العام وقلبه بما يجعله مناصرا لفلسطين بعد حرب الابادة الصهيونية في غزة وانفضاح جرائم الاحتلال عبر السوشيال ميديا ولا ينسى تشابك النضالين الفلسطيني والسوري في هذا السياق ومشاركة السوريين ونشطاء الثورة في كل الحراكات الداعمة لغزة وفلسطين حول العالم وهو ما يجعل مسابة النضال المشترك في القضيتين مسالة تتجاوز الحدود والمسميات كفلسطيني او سوري لهذين الشعبين المضطهدين.
وخلال الثورة السورية العظيمة والشعور غير المشروط من فلسطينيي سوريا بالانتماء فقد قدموا كل شيء في سبيل انتصار الثورة شانهم شان اي فئة في سوريا، وواصلوا العمل من خارج سوريا لمواصلة الثورة وكسر الشعور الاحباط واليأس ومواجهة التشويه الذي تتعرض له الثورة في الراي العام والاعلام، كما تعرضوا لكل انواع الاهانة والاذلال خارج سوريا بعد تهجير نظام الاسد عشرات الالوف منهم وتعرضهم لكل انواع الهشاشة القانونية والاستهداف في دول اللجوء القريبة والبعيدة وفي المطارات وعلى المعابر والحدود، لذا فقد حان الوقت لحماية هؤلاء اللاجئين وتسريع الامر وعدم التلكؤ به.
وفي دولة القانون والحريات المأمولة في سوريا التي تشبه اي دولة ديمقراطية مدنية تقوم على المواطنة والعقد الاجتماعي فان مسالة التجنيس والحماية لمن يقيم ويعمل في سوريا هي مسالة يفترض انها مضمونة وهي مسالة حقيقية لا يفترض ان يستثنى منها اي احد لاي سبب كان ولا سيما من تخميه الدساتير والتشريعات والقوانين وتعطيه حالة مميزة خاصة كفلسطينيي سوريا المهجرين الى سوريا بعد نكبة فلسطين 1948، وخاصة انهم من بين اكثر الفئات ممن اقاموا في سوريا مؤقتا بسبب تهجيرهم عن وطنهم الام وهم من بين فئات المقيمين مؤقتا مما خذلهم نظام الاسد المجرم لأكثر الفئات الهشة قانونيا واكثرها عرضة للخطر مؤخرا بعد الثورة بسبب استهدافهم من قبل نظام الاسد وغيره من انظمة القمع وتنكر معظم العرب لمخرجات مؤتمر الدار البيضاء التي تقوم على حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين وضمان حرية تنقلهم وسفرهم وعيشهم وعملهم وحفظ كراماتهم في الدول العربية وهو مالا يحدث ابدا.
اضافة الى ان هؤلاء اللاجئين كانوا من اوائل من واجه قمع و استبداد نظام الاسد ومن القائمين على الثورة ممن راوا ان التخلص من نظام الاسد هو تخليص لقضية فلسطين من اكثر المتاجرين بها الذي كان يقتلهم ويسرق قرارهم المستقل فكانت المسالة لديهم اي المشاركة في الثورة السورية نضالا مضاعفا لهم كسوريين وفلسطينيين يخدم فلسطين وسوريا وشعبهما وحريتهما في ان معا، وقدموا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، ولا ينبغي تركهم عرضة لرياح الاستهداف وتقلبات الظروف ولاسيما من بقي منهم صامدا داخل سوريا وفي دول الطوق المحيطة ممن لم تقدم لهم الحد الادنى من حقوق الانسان خلال فترة الثورة السورية، وبالتالي فان التذكير الدائم بدورهم في سوريا وثورتها ودور الطاقات الفلسطينية في الثورة وفي بناء سوريا المستقبلية والحفاظ على وضعهم القانوني ولم لا تحسينه ورفعه لحق التجنيس ولاسيما ذوي الشهداء والمعتقلين والمتضررين وعموم المهجرين قسريا هي أشياء باتت من البديهيات والمسلمات في بلدهم سوريا لا تحتاج الكثير من الاقناع والنقاشات ان كان مع نشطاء الثورة وجمهورها وهم اب فلسطينيو سوريا في داخلها، او مع القيادة المؤقتة او المقبلة لسوريا الجديدة الحرة.