فايز أبو عيد| مجموعة العمل
تحدثت في تقرير سابق عن ظاهرة مؤلمة وقاسية ألا وهي هدم البيوت وإزالتها بشكل نهائي في حكم النظام البائد، وهو أمر انتشر بشكل واسع كطريقة ناجعة لمعالجة المنازل المهدمة بشكل جزئي أو كلي.
وفي الواقع، لو نظرنا لهذه الحالة من زاوية أخرى، لوجدنا أن لها جانب إيجابي واحد انتهزه بعض الشباب الواعي والمثقف. وبما أن الشعب الفلسطيني هو شعب الجبارين وهو " يربّي الأمل " كما نعته محمود درويش، وهو شعب يجد أن " على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، انتشرت مبادرة لزرع هذه المساحات الفارغة وتحويلها لمساحات خضراء لتكون رئة للمخيم، طبعا بعد الحصول على موافقة أصحاب الأرض.
في أحد مخيمات الشتات، قام أحد الشبان بزراعة المساحة الخاوية التي ظهرت حديثا بجوار منزله، بعدما قام أصحاب المنزل بهدمه وإزالته بشكل كلّي وترحيل الأنقاض، فعاد المكان لسيرته الأولى، مساحة فارغة وأرضا بكرا، وللحقيقة طلب منه صاحب المنزل المُزال أن يزرع في مكان بيته وأن يوزّع ما ينتجه من ثمار على العائلات الفقيرة والمتعففة في المخيم عن روح والده ووالدته المتوفين.
بداية تمّ تعزيل المكان وقلب التربة وتسميدها بالسماد العضوي، ثم تم تقسيم المكان لأربعة مربعات زراعية، زرع فيها الخضار والنباتات والأزهار الموسمية، كالخيار والملوخية والقرع والبندورة في فصل الصيف، والسبانخ والفجل والبقدونس والكزبرة والخس في فصل الشتاء. كما زرع النعناع والميرمية والزعتر الفلسطيني والحبق المعروف ب (الريحان).
كما زرع بعض الأشجار المثمرة كالزيتون والليمون ومن الفواكه الأكدنيا (المشمش الهندي) والخوخ والدراق. وسوّر المكان ببعض الأسلاك الشائكة وزرع على طول السّور أشجار دائمة الخضرة كالسرو والصنوبر، وفي الوسط زرع عدة شجرات زنزلخت وارفة الظلال. كما قام بتربية بعض الطيور الداجنة، كالدجاج والبط والوز، والتي تعرضت فيما بعد لهجمات من بعض الكلاب الضّالة عليها ليلا وخرّبت الأقنان. إضافة لانتشار بعض القوارض المؤذية كالجرذان في بعض البيوت المهدمة المحيطة بهذه الحديقة الخضراء.
تعتبر هذه المبادرة الخضراء، من أجمل وأفضل المبادرات على الإطلاق، وهي مبادرة فردية محضة، ويتحتم على المجتمع المحلي دعمها والعمل بكل مسؤولية على تكرارها واستنساخها في باقي المخيمات، كما يتحتم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، تقديم الدعم اللازم لهذه المبادرة طبعا بعد الحصول على موافقة أصحاب العقار السابق، وفي الحد الأدنى يتحتم على الوكالة مكافحة انتشار الكلاب الضالة والجرذان في المخيمات.
كما يجب على المجتمع المحلي الدعوة والترويج وتشجيع هكذا مبادرات، وتطبيقها في المساحات الواسعة الخاوية والخالية في المخيمات، وخصوصا أن هناك الكثير من العائلات التي هاجرت بشكل جماعي ولم يتبق منهم أحد، الأمر الذي إن تم استثماره يحقق النفع والفائدة المرجوّة للجميع.
وتكمن أهمية هذه المبادرة الخضراء، لأنّ غالبية الأشجار المثمرة والحدائق الصغيرة في البيوت الفلسطينية في المخيم قد يبست بسبب العطش وعدم الاهتمام لهجرة أصحاب المنازل خارج المخيم أثناء الحرب، واقتطعت بسبب التحطيب الجائر للتدفئة عليها في فصل البرد القارس.
كما تكمن أهمية هذه المبادرة الخضراء، لأنها تستعيد روح الحياة والألفة في المخيم، وتدبّ فيه من جديد وبشكل أخوي وحضاري، وتكون متنفسا ومكانا مناسبا للسمر في ليالي الصيف الحارقة، وتحقق نوعا ما الاكتفاء الذاتي والتكافل الاجتماعي بالاستفادة من الشتلات المزروعة وثمار الأشجار في المستقبل تطبيقا للمثل الفلسطيني الشهير " ثمار الديار بتطوّل الأعمار ".
فايز أبو عيد| مجموعة العمل
تحدثت في تقرير سابق عن ظاهرة مؤلمة وقاسية ألا وهي هدم البيوت وإزالتها بشكل نهائي في حكم النظام البائد، وهو أمر انتشر بشكل واسع كطريقة ناجعة لمعالجة المنازل المهدمة بشكل جزئي أو كلي.
وفي الواقع، لو نظرنا لهذه الحالة من زاوية أخرى، لوجدنا أن لها جانب إيجابي واحد انتهزه بعض الشباب الواعي والمثقف. وبما أن الشعب الفلسطيني هو شعب الجبارين وهو " يربّي الأمل " كما نعته محمود درويش، وهو شعب يجد أن " على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، انتشرت مبادرة لزرع هذه المساحات الفارغة وتحويلها لمساحات خضراء لتكون رئة للمخيم، طبعا بعد الحصول على موافقة أصحاب الأرض.
في أحد مخيمات الشتات، قام أحد الشبان بزراعة المساحة الخاوية التي ظهرت حديثا بجوار منزله، بعدما قام أصحاب المنزل بهدمه وإزالته بشكل كلّي وترحيل الأنقاض، فعاد المكان لسيرته الأولى، مساحة فارغة وأرضا بكرا، وللحقيقة طلب منه صاحب المنزل المُزال أن يزرع في مكان بيته وأن يوزّع ما ينتجه من ثمار على العائلات الفقيرة والمتعففة في المخيم عن روح والده ووالدته المتوفين.
بداية تمّ تعزيل المكان وقلب التربة وتسميدها بالسماد العضوي، ثم تم تقسيم المكان لأربعة مربعات زراعية، زرع فيها الخضار والنباتات والأزهار الموسمية، كالخيار والملوخية والقرع والبندورة في فصل الصيف، والسبانخ والفجل والبقدونس والكزبرة والخس في فصل الشتاء. كما زرع النعناع والميرمية والزعتر الفلسطيني والحبق المعروف ب (الريحان).
كما زرع بعض الأشجار المثمرة كالزيتون والليمون ومن الفواكه الأكدنيا (المشمش الهندي) والخوخ والدراق. وسوّر المكان ببعض الأسلاك الشائكة وزرع على طول السّور أشجار دائمة الخضرة كالسرو والصنوبر، وفي الوسط زرع عدة شجرات زنزلخت وارفة الظلال. كما قام بتربية بعض الطيور الداجنة، كالدجاج والبط والوز، والتي تعرضت فيما بعد لهجمات من بعض الكلاب الضّالة عليها ليلا وخرّبت الأقنان. إضافة لانتشار بعض القوارض المؤذية كالجرذان في بعض البيوت المهدمة المحيطة بهذه الحديقة الخضراء.
تعتبر هذه المبادرة الخضراء، من أجمل وأفضل المبادرات على الإطلاق، وهي مبادرة فردية محضة، ويتحتم على المجتمع المحلي دعمها والعمل بكل مسؤولية على تكرارها واستنساخها في باقي المخيمات، كما يتحتم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، تقديم الدعم اللازم لهذه المبادرة طبعا بعد الحصول على موافقة أصحاب العقار السابق، وفي الحد الأدنى يتحتم على الوكالة مكافحة انتشار الكلاب الضالة والجرذان في المخيمات.
كما يجب على المجتمع المحلي الدعوة والترويج وتشجيع هكذا مبادرات، وتطبيقها في المساحات الواسعة الخاوية والخالية في المخيمات، وخصوصا أن هناك الكثير من العائلات التي هاجرت بشكل جماعي ولم يتبق منهم أحد، الأمر الذي إن تم استثماره يحقق النفع والفائدة المرجوّة للجميع.
وتكمن أهمية هذه المبادرة الخضراء، لأنّ غالبية الأشجار المثمرة والحدائق الصغيرة في البيوت الفلسطينية في المخيم قد يبست بسبب العطش وعدم الاهتمام لهجرة أصحاب المنازل خارج المخيم أثناء الحرب، واقتطعت بسبب التحطيب الجائر للتدفئة عليها في فصل البرد القارس.
كما تكمن أهمية هذه المبادرة الخضراء، لأنها تستعيد روح الحياة والألفة في المخيم، وتدبّ فيه من جديد وبشكل أخوي وحضاري، وتكون متنفسا ومكانا مناسبا للسمر في ليالي الصيف الحارقة، وتحقق نوعا ما الاكتفاء الذاتي والتكافل الاجتماعي بالاستفادة من الشتلات المزروعة وثمار الأشجار في المستقبل تطبيقا للمثل الفلسطيني الشهير " ثمار الديار بتطوّل الأعمار ".