map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

قصة معاناة عائلة فلسطينية في أحد المخيمات مع المُخبرين

تاريخ النشر : 01-02-2025
قصة معاناة عائلة فلسطينية في أحد المخيمات مع المُخبرين

مجموعة العمل| سوريا

في عام 2013، كانت عائلتنا تعيش في منطقة الحسينية، حيث كانت الحياة تسير بسلامٍ نسبي، كأنها نهر هادئ يجري بين حقول الذكريات. لكن فجأة، انقلب كل شيء رأساً على عقب. القصف العشوائي، كوحشٍ جائع، مزق سماءنا وأرضنا، وتركنا نركض في رعبٍ بحثاً عن ملاذٍ آمن. لم يكن لدينا خيار سوى النزوح إلى مخيم جرمانا، حاملين معنا أمانينا البسيطة: الأمان، الهدوء، وحياةٌ لا تخترقها صفارات الإنذار ودوي الانفجارات.

لكن ما وجدناه في المخيم كان بعيداً كل البعد عن تلك الأحلام. الحياة هناك كانت كظلٍ باهت للحياة التي عشناها من قبل. في البداية، بدا كل شيء هادئاً، حتى بدأنا نتعرف على وجوه جديدة. كانوا يزوروننا بانتظام، يشاركون أبي الضحكات والأحاديث، وكأنهم أصدقاء قدامى. لم نكن نعلم أنهم كانوا ذئاباً تتخفى تحت جلود الحملان، جواسيس للنظام، ينسجون خيوط شباكهم حولنا ببراعة.

كان لدينا ورشة خياطة صغيرة، مصدر رزقنا الوحيد. وكان هؤلاء "الأصدقاء" يزوروننا بانتظام، مما جعلنا نشعر بوهم الأمان. لكن الحقيقة كانت قاسيةً ومُرّة. بعد كل زيارة، كانوا يرسلون رجالاً آخرين من شبيحة النظام، يأتون كعاصفةٍ مدمرة، ينهبون ما تبقى من أموالنا، ويهددوننا بتلك الكلمات التي لا تزال ترن في أذني حتى اليوم: "سنجعلكم تختفون عن وجه الأرض". كانت تلك التهديدات كسحابة سوداء معلقة فوق رؤوسنا، تذكرنا دائماً بأننا قد نكون التاليين في قائمة "الاختفاء".

لم نتحمل أكثر من ذلك. قررنا مغادرة البلاد، حاملين معنا آمالاً ببداية جديدة، بعيداً عن الخوف والظلم. ودعنا أصدقاءنا، أولئك الذين كنا نظنهم نواة أماننا، ولم نكن نعلم أنهم كانوا جزءًا من مؤامرةٍ أكبر، خيوطها تمتد إلى قلب النظام. بعد خمس ساعات فقط من مغادرتنا، تلقى أحد الجواسيس اتصالاً، ليبلغ عن مكاننا. كانت الخيانة كخنجرٍ غُرس في ظهرنا، ولم نكن مستعدين لعمق الجرح.

لم يمض وقت طويل حتى تم اعتقال أبي. لم تكن هناك أدلة تدينه، لكن العدالة في ذلك العالم لم تكن سوى كلمة فارغة. النظام كان يلعب لعبةً قذرة، والجواسيس الذين اعتبرناهم أصدقاءً كانوا أدواتهم. أبي، الرجل الطيب الذي لم يكن يملك سوى حلمًا بسيطاً بحياة كريمة، تعرض لأبشع أنواع التعذيب في سجن صيدنايا. كانت تلك الجدران شاهدةً على معاناةٍ لا يمكن للكلمات أن تصفها.

توفي أبي في ذلك السجن، ضحيةً للخيانة والظلم. تركنا وحيدين، نحمل في قلوبنا جرحاً لن يندمل أبدًا. تلك التجربة علمتنا أن الثقة في هذا العالم قد تكون كالسيف ذي الحدين، قد تحميك أو تقتلك. واليوم، كلما أغمضت عيني، أرى وجه أبي، وأتذكر تلك الأيام التي كنا نظن فيها أننا نعيش، بينما كنا فقط ننجو من الموت.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21094

مجموعة العمل| سوريا

في عام 2013، كانت عائلتنا تعيش في منطقة الحسينية، حيث كانت الحياة تسير بسلامٍ نسبي، كأنها نهر هادئ يجري بين حقول الذكريات. لكن فجأة، انقلب كل شيء رأساً على عقب. القصف العشوائي، كوحشٍ جائع، مزق سماءنا وأرضنا، وتركنا نركض في رعبٍ بحثاً عن ملاذٍ آمن. لم يكن لدينا خيار سوى النزوح إلى مخيم جرمانا، حاملين معنا أمانينا البسيطة: الأمان، الهدوء، وحياةٌ لا تخترقها صفارات الإنذار ودوي الانفجارات.

لكن ما وجدناه في المخيم كان بعيداً كل البعد عن تلك الأحلام. الحياة هناك كانت كظلٍ باهت للحياة التي عشناها من قبل. في البداية، بدا كل شيء هادئاً، حتى بدأنا نتعرف على وجوه جديدة. كانوا يزوروننا بانتظام، يشاركون أبي الضحكات والأحاديث، وكأنهم أصدقاء قدامى. لم نكن نعلم أنهم كانوا ذئاباً تتخفى تحت جلود الحملان، جواسيس للنظام، ينسجون خيوط شباكهم حولنا ببراعة.

كان لدينا ورشة خياطة صغيرة، مصدر رزقنا الوحيد. وكان هؤلاء "الأصدقاء" يزوروننا بانتظام، مما جعلنا نشعر بوهم الأمان. لكن الحقيقة كانت قاسيةً ومُرّة. بعد كل زيارة، كانوا يرسلون رجالاً آخرين من شبيحة النظام، يأتون كعاصفةٍ مدمرة، ينهبون ما تبقى من أموالنا، ويهددوننا بتلك الكلمات التي لا تزال ترن في أذني حتى اليوم: "سنجعلكم تختفون عن وجه الأرض". كانت تلك التهديدات كسحابة سوداء معلقة فوق رؤوسنا، تذكرنا دائماً بأننا قد نكون التاليين في قائمة "الاختفاء".

لم نتحمل أكثر من ذلك. قررنا مغادرة البلاد، حاملين معنا آمالاً ببداية جديدة، بعيداً عن الخوف والظلم. ودعنا أصدقاءنا، أولئك الذين كنا نظنهم نواة أماننا، ولم نكن نعلم أنهم كانوا جزءًا من مؤامرةٍ أكبر، خيوطها تمتد إلى قلب النظام. بعد خمس ساعات فقط من مغادرتنا، تلقى أحد الجواسيس اتصالاً، ليبلغ عن مكاننا. كانت الخيانة كخنجرٍ غُرس في ظهرنا، ولم نكن مستعدين لعمق الجرح.

لم يمض وقت طويل حتى تم اعتقال أبي. لم تكن هناك أدلة تدينه، لكن العدالة في ذلك العالم لم تكن سوى كلمة فارغة. النظام كان يلعب لعبةً قذرة، والجواسيس الذين اعتبرناهم أصدقاءً كانوا أدواتهم. أبي، الرجل الطيب الذي لم يكن يملك سوى حلمًا بسيطاً بحياة كريمة، تعرض لأبشع أنواع التعذيب في سجن صيدنايا. كانت تلك الجدران شاهدةً على معاناةٍ لا يمكن للكلمات أن تصفها.

توفي أبي في ذلك السجن، ضحيةً للخيانة والظلم. تركنا وحيدين، نحمل في قلوبنا جرحاً لن يندمل أبدًا. تلك التجربة علمتنا أن الثقة في هذا العالم قد تكون كالسيف ذي الحدين، قد تحميك أو تقتلك. واليوم، كلما أغمضت عيني، أرى وجه أبي، وأتذكر تلك الأيام التي كنا نظن فيها أننا نعيش، بينما كنا فقط ننجو من الموت.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21094