map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

محمود عباس في دمشق - زيارة محمّلة بالذاكرة والرسائل

تاريخ النشر : 28-04-2025
محمود عباس في دمشق - زيارة محمّلة بالذاكرة والرسائل

نضال الخليل مجموعة العمل 

في بعض الرحلات لا يسافر الجسد فقط، بل يصحب معه ألبوماً من الصور التي خسرنا القدرة على تصديقها. 

الجمعة الماضية دخل محمود عباس إلى دمشق كأنّه يعود إلى بيتٍ لم يسكنه منذ عقود يبحث فيه عن مفاتيح قديمة عن غرفة كانت تُدعى "مقرّ منظمة التحرير" وعن شارعٍ حمل يومًا اسمه ولم يعُد يعرفه أحد. 

تلك ليست زيارة دبلوماسية باردة كانت مواجهة بين زعيمٍ استهلكته دهاليز السياسة ومدينةٍ ما تزال تحفظ وجوه الشهداء على الجدران مواجهة بين ذاكرة رسمية وذاكرة شعبٍ ما زال ينتظر صوتًا يعترف بجراحه لا بخرائط أملاكه. 

وهكذا حين هبطت الطائرة لم يكن ينتظره فقط الرئيس السوري، بل كلّ الظلال التي خرجت من أبواب المخيمات، لتسأل: 

هل عاد من أجلنا؟ أم من أجل المقرّ؟ 

في صباح الجمعة أقلعت الطائرة الرئاسية الفلسطينية من عمّان تحمل رجلاً تجاوز الثمانين وخريطة من المطالب القديمة في قمرة القيادة كان الطقس صافياً لكن الهواء محمّلًا بثقل الذكريات "كم مرّة مررنا من هذا الجوّ؟" قال أحد المرافقين وهو يطالع صفحة الغيم كان محمود عباس ببدلته ينظر عبر النافذة… دمشق في الأفق مدينة شهدت تاريخ الفلسطينيين فوق أرصفتها ومخيماتها مدينة الحلفاء والأعداء ورفات القادة 

على باب القصر اصطفّت الكاميرات صافح الرئيس السوري أحمد الشرع ضيفه بيدٍ ثابتة ونظرة لا تحمل سوى لغة الدولة في كلمات الترحيب برزت العبارة التي التقطها الصحفيون سريعًا: "فلسطين ستظلّ في قلب سوريا، كما كانت، وكما ستكون." 

عباس ابتسم… لكنه في داخله يعرف أن ما جاء من أجله لا تقوله العبارات العامة في القاعة المغلقة، طُرحت الملفات: 

 أملاك منظمة التحرير الفلسطينية: مقرات – مكاتب - أراضٍ - أرشيفات… 

 إعادة تفعيل مكاتب المنظمة كممثل وحيد للفلسطينيين. 

ترتيبات تنظيمية تخصّ المخيمات الفلسطينية وإطار العلاقة الجديدة. 

المخيم… خلف الشاشات 

في شارع لوبيا بمخيم اليرموك جلست أم خالد أمام دكان صغير يبيع الخضارعلى شاشة هاتفها القديم تابعت مراسم الاستقبال "ما بيجي غير لمكتبه… والناس؟ مين بيسأل عنا؟" 

قالتها وهي تمسح عرق ابنها الصغير. 

في زقاق بعيد اجتمع ثلاثة شبّان: 

الأول فقد أخاه تحت التعذيب. 

الثاني ينتظر خبراً عن أبيه المعتقل. 

والثالث يحمل بطاقة لجوء أممية. 

"جاي ياخد مفاتيح مكتبه" قال أحدهم وهو يشعل سيجارة. 

"ولا حتى كلمة عن المعتقلين عن اليرموك، عن ناسه"، ردّ الثاني. 

في خان الشيح وبين أزقة الرمل والبطانيات المهترئة علّقت ورقة بخط يدوي: 

"نرحب بزيارة السيد الرئيس… نرجو زيارة أهل المخيم قبل المقرّ." 

في اجتماع مغلق بين القيادة الفلسطينية والجهات السورية المختصة طُرحت ورقة الأملاك: 

• المقر الرئيسي في حي المالكي. 

• مبنى المنظمة القديم قرب ساحة التحرير. 

• مكتب الإعلام في المزة. 

• أراضٍ تجارية في منطقة القدم.    

• مقرّات في مخيم اليرموك. 

كانت سوريا مستعدة لتسوية هذا الملف بما يضمن سيادة الدولة ويحفظ حقوق المنظمة لكن الأهم كان الاتفاق على أولوية معالجة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وعودة الخدمات إلى المخيمات خصوصاً اليرموك. 

عباس: "جئنا لنقول إن فلسطين هنا… وإن منظمة التحرير ستبقى ممثل الشعب الفلسطيني." 

الشرع: "القضية الفلسطينية ليست ضيفاً على سوريا، بل قلبها نحن مع الفلسطينيين في حقهم بالكرامة والوجود." 

بدا أن الرجلين يتحدثان إلى جمهورين مختلفين واحد يبحث عن أرشيف قديم وآخر يفكر في معركة قادمة. 

في المساء سُجّلت ردود الأفعال: 

- فصائل السلطة: اعتبرت الزيارة تاريخية. 

- اللاجئون: انقسموا بين من يرى فيها فعل عودة متأخرة ومن يراها تجاهلًا جديدًا لمعاناتهم. 

- ناشطون حقوقيون: طالبوا عباس بزيارة مقبرة الشهداء المجهولين في المخيم أو إعلان موقف من ملف المعتقلين. 

خروج من الذاكرة 

في طريق عودته نظر عباس إلى دمشق من نافذته مدينة لا تشبه صورها في أرشيف المنظمة 

مدينة تغيّر فيها الناس… والمخيمات… والأحلام لكنه ظلّ ممسكًا بورقة الأملاك. 

دمشق بدورها كانت قد قالت كلمتها: أن فلسطين لم تكن يومًا ملفًا إدارياً… وأن المخيمات ليست مكاتب ومقرات فقط، بل بشر، ودموع، وقصص لم تُكتب بعد. 

هذه الزيارة كانت مشهدًا مركبًا من رسائل سياسية وتسويات تاريخية وأحلام شارع فلسطيني يتيم بين مقرات يراد استعادتها وأحياء تنتظر عودة الحياة تبقى المسافة كبيرة فالذاكرة لا تُؤجّر ولا تُرَقّم… ولا تباع 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21431

نضال الخليل مجموعة العمل 

في بعض الرحلات لا يسافر الجسد فقط، بل يصحب معه ألبوماً من الصور التي خسرنا القدرة على تصديقها. 

الجمعة الماضية دخل محمود عباس إلى دمشق كأنّه يعود إلى بيتٍ لم يسكنه منذ عقود يبحث فيه عن مفاتيح قديمة عن غرفة كانت تُدعى "مقرّ منظمة التحرير" وعن شارعٍ حمل يومًا اسمه ولم يعُد يعرفه أحد. 

تلك ليست زيارة دبلوماسية باردة كانت مواجهة بين زعيمٍ استهلكته دهاليز السياسة ومدينةٍ ما تزال تحفظ وجوه الشهداء على الجدران مواجهة بين ذاكرة رسمية وذاكرة شعبٍ ما زال ينتظر صوتًا يعترف بجراحه لا بخرائط أملاكه. 

وهكذا حين هبطت الطائرة لم يكن ينتظره فقط الرئيس السوري، بل كلّ الظلال التي خرجت من أبواب المخيمات، لتسأل: 

هل عاد من أجلنا؟ أم من أجل المقرّ؟ 

في صباح الجمعة أقلعت الطائرة الرئاسية الفلسطينية من عمّان تحمل رجلاً تجاوز الثمانين وخريطة من المطالب القديمة في قمرة القيادة كان الطقس صافياً لكن الهواء محمّلًا بثقل الذكريات "كم مرّة مررنا من هذا الجوّ؟" قال أحد المرافقين وهو يطالع صفحة الغيم كان محمود عباس ببدلته ينظر عبر النافذة… دمشق في الأفق مدينة شهدت تاريخ الفلسطينيين فوق أرصفتها ومخيماتها مدينة الحلفاء والأعداء ورفات القادة 

على باب القصر اصطفّت الكاميرات صافح الرئيس السوري أحمد الشرع ضيفه بيدٍ ثابتة ونظرة لا تحمل سوى لغة الدولة في كلمات الترحيب برزت العبارة التي التقطها الصحفيون سريعًا: "فلسطين ستظلّ في قلب سوريا، كما كانت، وكما ستكون." 

عباس ابتسم… لكنه في داخله يعرف أن ما جاء من أجله لا تقوله العبارات العامة في القاعة المغلقة، طُرحت الملفات: 

 أملاك منظمة التحرير الفلسطينية: مقرات – مكاتب - أراضٍ - أرشيفات… 

 إعادة تفعيل مكاتب المنظمة كممثل وحيد للفلسطينيين. 

ترتيبات تنظيمية تخصّ المخيمات الفلسطينية وإطار العلاقة الجديدة. 

المخيم… خلف الشاشات 

في شارع لوبيا بمخيم اليرموك جلست أم خالد أمام دكان صغير يبيع الخضارعلى شاشة هاتفها القديم تابعت مراسم الاستقبال "ما بيجي غير لمكتبه… والناس؟ مين بيسأل عنا؟" 

قالتها وهي تمسح عرق ابنها الصغير. 

في زقاق بعيد اجتمع ثلاثة شبّان: 

الأول فقد أخاه تحت التعذيب. 

الثاني ينتظر خبراً عن أبيه المعتقل. 

والثالث يحمل بطاقة لجوء أممية. 

"جاي ياخد مفاتيح مكتبه" قال أحدهم وهو يشعل سيجارة. 

"ولا حتى كلمة عن المعتقلين عن اليرموك، عن ناسه"، ردّ الثاني. 

في خان الشيح وبين أزقة الرمل والبطانيات المهترئة علّقت ورقة بخط يدوي: 

"نرحب بزيارة السيد الرئيس… نرجو زيارة أهل المخيم قبل المقرّ." 

في اجتماع مغلق بين القيادة الفلسطينية والجهات السورية المختصة طُرحت ورقة الأملاك: 

• المقر الرئيسي في حي المالكي. 

• مبنى المنظمة القديم قرب ساحة التحرير. 

• مكتب الإعلام في المزة. 

• أراضٍ تجارية في منطقة القدم.    

• مقرّات في مخيم اليرموك. 

كانت سوريا مستعدة لتسوية هذا الملف بما يضمن سيادة الدولة ويحفظ حقوق المنظمة لكن الأهم كان الاتفاق على أولوية معالجة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وعودة الخدمات إلى المخيمات خصوصاً اليرموك. 

عباس: "جئنا لنقول إن فلسطين هنا… وإن منظمة التحرير ستبقى ممثل الشعب الفلسطيني." 

الشرع: "القضية الفلسطينية ليست ضيفاً على سوريا، بل قلبها نحن مع الفلسطينيين في حقهم بالكرامة والوجود." 

بدا أن الرجلين يتحدثان إلى جمهورين مختلفين واحد يبحث عن أرشيف قديم وآخر يفكر في معركة قادمة. 

في المساء سُجّلت ردود الأفعال: 

- فصائل السلطة: اعتبرت الزيارة تاريخية. 

- اللاجئون: انقسموا بين من يرى فيها فعل عودة متأخرة ومن يراها تجاهلًا جديدًا لمعاناتهم. 

- ناشطون حقوقيون: طالبوا عباس بزيارة مقبرة الشهداء المجهولين في المخيم أو إعلان موقف من ملف المعتقلين. 

خروج من الذاكرة 

في طريق عودته نظر عباس إلى دمشق من نافذته مدينة لا تشبه صورها في أرشيف المنظمة 

مدينة تغيّر فيها الناس… والمخيمات… والأحلام لكنه ظلّ ممسكًا بورقة الأملاك. 

دمشق بدورها كانت قد قالت كلمتها: أن فلسطين لم تكن يومًا ملفًا إدارياً… وأن المخيمات ليست مكاتب ومقرات فقط، بل بشر، ودموع، وقصص لم تُكتب بعد. 

هذه الزيارة كانت مشهدًا مركبًا من رسائل سياسية وتسويات تاريخية وأحلام شارع فلسطيني يتيم بين مقرات يراد استعادتها وأحياء تنتظر عودة الحياة تبقى المسافة كبيرة فالذاكرة لا تُؤجّر ولا تُرَقّم… ولا تباع 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21431