نضال الخليل – خاص – مجموعة العمل
في تحوّلات المشهد السوري الراهنة يبرز اللاجئون الفلسطينيون وجهاً مزدوجاً من جهة هم ضحايا النزاع العنيف والتهجير المتكرر ومن جهة أخرى ورقة سياسية يمكن للدولة استثمارها في الترويج لخطابها الرسمي هذه الثنائية لا تلغي الألم اليومي للفلسطينيين في المخيمات، ولكنه يكتسب بعداً أعمق حين يتم تحويل معاناتهم إلى سلعة تفاوضية.
أول عقدة حقيقية تنبثق من الواقع المعيشي يعيش معظم الفلسطينيين في سوريا في فقر مدقع مع بنى تحتية متهالكة وخدمات حدّها الأدنى في هذا السياق ارتفعت المطالب بـمنح الجنسية السورية كخطوة تضفي على وجودهم بعداً قانونياً مستقراً وفي الوقت نفسه يحافظون على حق العودة الذي كرسه القرار الأممي 194.
هنا يظهر تضارب بين الحاجة الملحّة للأمان اليومي والتمسك الثابت بحق العودة كما لو أنهم يحتفظون بحلم العودة كي لا يكتشف النظام الجديد أن «القضية» قد تُطوى دون ثمن حقيقي يُدفع.
ثانياً هناك هندسة سياسية مخفية وراء مشهد «الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين» وممثلية منظمة التحرير وفصائل عدة تعمل من دمشق هذه الهياكل ليست مجرد منتديات اجتماعية، بل قنوات رسمية تسهل على النظام الجديد التواصل المباشر مع الجماعات الفلسطينية إشراك هذه القيادات في لجان إعادة الإعمار أو طاولات السلام يلتفّ على واقع النزوح ويمدّ النظام بشرعية يراها سلاحاً ضد خصومه «ها هم الفلسطينيون يدافعون عن مشروعكم السياسي فهل يُعقل أن تنسوا عهد العودة؟»
ثالثاً ينتظر البيان السياسي أن تُترجم وعود تحسين الخدمات والتعويض عن سنوات الحرمان إلى إجراءات ملموسة تسجيلٍ قانونيٍّ كامل اعترافٍ قانوني بحق الملكية في المخيمات وتعويضات مالية لأسر من هُجّروا في مقابل ذلك قد يُطلب من الفلسطينيين دعم الخطاب الرسمي السوري في المحافل الإقليمية والدولية أو المشاركة في مفاوضاتٍ تُعلن باسمهم إن المعادلة هنا بسيطة خدمات وتحسينات اجتماعية مقابل تضامنٍ سياسي اعتراف قانوني مقابل دعم «خطة السلام» الرسمية.
رابعاً ثمة مفارقةٌ قاتمة الغاية الأساسية من «إثراء» خطاب النظام بقضية اللاجئين ليست خدمة الفلسطينيين، بل تعزيز قدرة دمشق على فرض نفسها لاعباً مركزياً في السياسة الإقليمية حين تُطرح تحسيناتٌ مادية يجب ألا تغيب عنها الضمانات الرسمية لحق العودة بأطرٍ واضحة مثل قانونٍ يلزم الحكومة بتقديم برامج إعادة توطين مؤقتة تمهيداً للعودة أو التزام بفتح ملفات تساعد اللاجئين في استرجاع أملاكهم بدون هذه الضمانات تتحول التحسينات لتسوية جزئية تُبقي اللاجئ في حالة انتظارٍ لا نهاية له.
في خاتمة المطاف لا يكمن التحدي في مجرد التفاوض على شكل الحياة اليومية، بل في مقاومة أن يذوب اللاجئ الفلسطيني في حسابات السلطة السورية كرمزٍ يُستغلّ لمآرب خارجية أو داخلية المطلوب أن تظلّ أصواتهم مرتفعةً وأن يصرّوا على إطارٍ قانونيٍّ واجتماعيٍّ دقيقٍ يعترف بحقوقهم ويمنحها ضمانات دستورية وقضائية وإلا فقد يحلّ الصمت المكلِم مكان سؤالهم الوجوديّ الأكثر جوهرية:
من نحن؟ وإلى أين نعود؟
نضال الخليل – خاص – مجموعة العمل
في تحوّلات المشهد السوري الراهنة يبرز اللاجئون الفلسطينيون وجهاً مزدوجاً من جهة هم ضحايا النزاع العنيف والتهجير المتكرر ومن جهة أخرى ورقة سياسية يمكن للدولة استثمارها في الترويج لخطابها الرسمي هذه الثنائية لا تلغي الألم اليومي للفلسطينيين في المخيمات، ولكنه يكتسب بعداً أعمق حين يتم تحويل معاناتهم إلى سلعة تفاوضية.
أول عقدة حقيقية تنبثق من الواقع المعيشي يعيش معظم الفلسطينيين في سوريا في فقر مدقع مع بنى تحتية متهالكة وخدمات حدّها الأدنى في هذا السياق ارتفعت المطالب بـمنح الجنسية السورية كخطوة تضفي على وجودهم بعداً قانونياً مستقراً وفي الوقت نفسه يحافظون على حق العودة الذي كرسه القرار الأممي 194.
هنا يظهر تضارب بين الحاجة الملحّة للأمان اليومي والتمسك الثابت بحق العودة كما لو أنهم يحتفظون بحلم العودة كي لا يكتشف النظام الجديد أن «القضية» قد تُطوى دون ثمن حقيقي يُدفع.
ثانياً هناك هندسة سياسية مخفية وراء مشهد «الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين» وممثلية منظمة التحرير وفصائل عدة تعمل من دمشق هذه الهياكل ليست مجرد منتديات اجتماعية، بل قنوات رسمية تسهل على النظام الجديد التواصل المباشر مع الجماعات الفلسطينية إشراك هذه القيادات في لجان إعادة الإعمار أو طاولات السلام يلتفّ على واقع النزوح ويمدّ النظام بشرعية يراها سلاحاً ضد خصومه «ها هم الفلسطينيون يدافعون عن مشروعكم السياسي فهل يُعقل أن تنسوا عهد العودة؟»
ثالثاً ينتظر البيان السياسي أن تُترجم وعود تحسين الخدمات والتعويض عن سنوات الحرمان إلى إجراءات ملموسة تسجيلٍ قانونيٍّ كامل اعترافٍ قانوني بحق الملكية في المخيمات وتعويضات مالية لأسر من هُجّروا في مقابل ذلك قد يُطلب من الفلسطينيين دعم الخطاب الرسمي السوري في المحافل الإقليمية والدولية أو المشاركة في مفاوضاتٍ تُعلن باسمهم إن المعادلة هنا بسيطة خدمات وتحسينات اجتماعية مقابل تضامنٍ سياسي اعتراف قانوني مقابل دعم «خطة السلام» الرسمية.
رابعاً ثمة مفارقةٌ قاتمة الغاية الأساسية من «إثراء» خطاب النظام بقضية اللاجئين ليست خدمة الفلسطينيين، بل تعزيز قدرة دمشق على فرض نفسها لاعباً مركزياً في السياسة الإقليمية حين تُطرح تحسيناتٌ مادية يجب ألا تغيب عنها الضمانات الرسمية لحق العودة بأطرٍ واضحة مثل قانونٍ يلزم الحكومة بتقديم برامج إعادة توطين مؤقتة تمهيداً للعودة أو التزام بفتح ملفات تساعد اللاجئين في استرجاع أملاكهم بدون هذه الضمانات تتحول التحسينات لتسوية جزئية تُبقي اللاجئ في حالة انتظارٍ لا نهاية له.
في خاتمة المطاف لا يكمن التحدي في مجرد التفاوض على شكل الحياة اليومية، بل في مقاومة أن يذوب اللاجئ الفلسطيني في حسابات السلطة السورية كرمزٍ يُستغلّ لمآرب خارجية أو داخلية المطلوب أن تظلّ أصواتهم مرتفعةً وأن يصرّوا على إطارٍ قانونيٍّ واجتماعيٍّ دقيقٍ يعترف بحقوقهم ويمنحها ضمانات دستورية وقضائية وإلا فقد يحلّ الصمت المكلِم مكان سؤالهم الوجوديّ الأكثر جوهرية:
من نحن؟ وإلى أين نعود؟