map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

أكثر من 50% من الفلسطينيين في سوريا بلا عمل حقيقي: البطالة تخنق آمال اللاجئين

تاريخ النشر : 01-05-2025
أكثر من 50% من الفلسطينيين في سوريا بلا عمل حقيقي: البطالة تخنق آمال اللاجئين

مجموعة العمل| سعيد سليمان

لطالما شكلت المخيمات الفلسطينية في سوريا تجمعات للاجئين الذين سعوا إلى ملاذ آمن بعد النكبة، وقبل اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، كان سكان هذه المخيمات يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية، إلا أن الأوضاع تفاقمت بشكل كبير مع تصاعد وتيرة الصراع والدمار الذي حل بالبلاد.

 لقد أدت الحرب المستمرة إلى تغييرات جذرية في حياة الفلسطينيين في سوريا، حيث أصبحت البطالة والهجرة من أبرز التحديات التي تهدد النسيج الاجتماعي وتعيق أي آمال في مستقبل مستقر، يسعى هذا التقرير إلى تسليط الضوء على تطور أزمة البطالة في عدة مخيمات فلسطينية في سوريا، مروراً بمرحلة ما قبل الثورة، وأثناءها، وصولاً إلى الوضع الراهن، مع التركيز على التأثيرات الإنسانية والاجتماعية لهذه الأزمة وبعض المحاولات لمواجهتها.

البطالة في المخيمات الفلسطينية قبل الثورة السورية:

قبل عام 2011، كانت المخيمات الفلسطينية في سوريا تعاني بالفعل من مستويات معينة من البطالة، وإن كانت تختلف حدتها بين مخيم وآخر، ففي مخيم درعا، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة البطالة كانت تقدر بحوالي 10% من السكان، كان الاعتماد الأكبر على العمل بأجر يومي في قطاع البناء والأعمال الحرة. ورغم هذه النسبة، كان هناك قدر من الاستقرار النسبي، وفرص عمل متاحة، خاصة مع مشاريع البناء والإعمار التي كانت قائمة آنذاك.

تداعيات الثورة السورية وارتفاع معدلات البطالة:

مع اندلاع الثورة السورية وتصاعد وتيرة العنف، دخلت المخيمات الفلسطينية مرحلة جديدة من المعاناة. فقد تأثرت البنية التحتية بشكل كبير، ونزح العديد من السكان بحثاً عن الأمان، بينما فقد آخرون مصادر رزقهم.

مخيم اليرموك: تقف أزمة البطالة كـ"جدار خفي" يفصل السكان عن عالم الفرص لم تعد مجرد أرقام، بل واقعاً يومياً يُقاس باقتصاد منكمش حول المخيم من منطقة تجارية نشطة إلى "سوق أشباح" مع محلات وورش مغلقة، وحتى الباعة المتجولين يكافحون.

 يواجه خريجو الجامعات العائدون إلى المخيم فجوة مهارات حقيقية، حيث يجدون أن "الشهادة لا تطعم خبزاً" في غياب القطاعات المنتجة، مما يدخلهم في حلقة مفرغة: لا عمل ← لا دخل ← لا استهلاك ← إغلاق المزيد من المحلات ← مزيد من البطالة!

كما أن المشاريع الصغيرة تواجه "موتاً" بسبب نقص التمويل وارتفاع تكاليف النقل والكهرباء، وتغيب عن التقارير الرسمية تفاصيل مهمة مثل نمو اقتصاد الظل بأعمال غير مسجلة وأجور زهيدة، وهجرة الكفاءات التي تترك المجتمع "ينزف"، وظاهرة "البطالة المقنَّعة" حيث يعمل الأشخاص يوماً واحداً في الشهر ويعتبرون عاملين وهم فعلياً عاطلون. البطالة هنا تشبه "ضباباً كثيفاً" يبتلع أحلام الشباب وطموحات العائلات.

مخيم جرمانا: يشهد ارتفاعاً في معدلات البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين، خاصة الشباب، مما يزيد من معاناتهم المعيشية، كما فاقم التدهور الاقتصادي الناتج عن الأزمة السورية وتوقف الشركات المرتبطة بالنظام السابق من قلة الفرص الوظيفية.

حتى العاملون يعانون من ضائقة مالية بسبب عدم كفاية الأجور أمام ارتفاع الأسعار وشح السيولة، وطالب الأهالي الأونروا بتحسين الخدمات وزيادة فرص التدريب المهني.

مخيم النيرب: شهد ارتفاعاً تدريجياً في معدل البطالة مع بداية الثورة، ليصل إلى ذروته بعد عام 2014. اعتمد غالبية شباب المخيم على حرف البناء، التي أصبحت شبه مستحيلة بسبب الدمار والعمليات العسكرية، مما أدى إلى بطالة قسرية وهجرة للبحث عن فرص عمل.

 مخيم خان دنون: يعتبر من بين الأكثر فقراً بين المخيمات الفلسطينية في سوريا، الحرب المستمرة لمدة 14 عاماً أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي وانعدام الدخل اليومي بسبب قلة فرص العمل للشباب الفلسطيني، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العاطلين عن العمل تتراوح حوالي 50%، وتتجاوز نسبة الفقر 90% من السكان.

 مخيم درعا: ارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير لتصل إلى حوالي ربع السكان بعد الثورة، توقف مشاريع البناء والإعمار بسبب غلاء الأسعار ونقص المواد، وهو القطاع الذي كان يستوعب غالبية العمالة اليومية في المخيم.

 مخيم خان الشيح: شهد ارتفاعاً حاداً في نسبة البطالة لتصل إلى حوالي 30% قبل سقوط النظام السوري السابق حيث توقفت المصانع وأعمال البناء والورشات اليومية التي كانت مصدر دخل رئيسي للكثيرين، أما الآن فانخفضت بالنسبة لأصحاب الحرف اليدوية بعد عودة العديد من المهجرين والمغتربين الذين بدأوا بإعادة إعمار منازلهم.

مخيم سبينة: يواجه شبابه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة مع تصاعد اليأس نتيجة معدلات البطالة المرتفعة والفرص المحدودة. اضطر الكثيرون للبحث عن عمل بأجور زهيدة لا تكفي حتى لسد الحاجات الأساسية، وسط غياب الاستثمار الاقتصادي الذي يخلق فرص عمل حقيقية.

 مخيم العائدين بحمص: يشهد نسبة بطالة عالية جداً نتيجة توقف العمل في المدينة الصناعية بحسياء، التي كانت تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة في المخيم، كما أن من كانوا يخدمون في جيش التحرير الفلسطيني وجدوا صعوبة في الاندماج في سوق العمل المدني بعد سقوط النظام.

مخيم العائدين بحماة: تركت الأزمة المستمرة آثاراً مباشرة على حياة اللاجئين الفلسطينيين، حيث فقد عدد كبير منهم أعمالهم في قطاعات مثل البناء والحرف اليدوية، سواء داخل المخيم أو خارجه، وأجبر تدهور الوضع الأمني ومخاطر السلامة كثيراً من العمال على ترك وظائفهم دون أن تتوفر لهم بدائل، مما ساهم في ارتفاع معدلات الفقر والمعاناة بين الأسر.

ويعاني المخيم من ظاهرة "البطالة المقنعة"، حيث يشغل بعض السكان وظائف حكومية بأجور زهيدة لا تكفي لتغطية نفقاتهم اليومية، ما يجعلهم في حالة عوز دائم حتى نهاية الشهر، كما تسببت البطالة في تأخر زواج الكثير من الشباب، وتحولت فكرة الزواج إلى حلم بعيد المنال، وسط تحذيرات من أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى تفكك اجتماعي وارتفاع معدلات الانحراف والجريمة.

مخيم العائدين في اللاذقية: يعاني مخيم العائدين باللاذقية من بطالة حادة أثرت بشكل كبير على الأوضاع المعيشية والاجتماعية للفلسطينيين. تفاقمت الأزمة بسبب الوضع الأمني منذ بداية الأزمة السورية، وهجرة رؤوس الأموال، والعقوبات الاقتصادية، مما أدى إلى عجز اقتصادي كبير وانخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار. وقد اعتمد السكان على الحوالات الخارجية والمساعدات، وحتى بعد سقوط النظام السابق، استمرت الأزمة المعيشية، مع تطلعات لتحسن الأوضاع الاقتصادية ورفع العقوبات في المستقبل.

التأثيرات الاجتماعية والإنسانية للبطالة:

تجاوزت تداعيات البطالة الجوانب الاقتصادية لتطال النسيج الاجتماعي وحياة الأفراد في المخيمات بشكل عميق:

  تدهور الأوضاع المعيشية والفقر المدقع: كما هو الحال في مخيم خان دنون، حيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، مما يجبر الأهالي على تقليص احتياجاتهم الأساسية والاستغناء عن ضروريات الحياة.

  خلل في التركيبة السكانية وتراجع التكافل الاجتماعي: في مخيم النيرب، أدت البطالة والهجرة إلى نقص في عدد الشباب وزيادة نسبة كبار السن والأطفال، وتراجع مظاهر التكافل التقليدية وظهور فوارق معيشية عمقت العزلة والفقر.

  تفاقم المشاكل السلوكية: الإحباط الناتج عن البطالة الطويلة ساهم في تفشي التسرب المدرسي، وتأخر الزواج، وأحياناً الانخراط في أعمال غير مشروعة لتأمين الاحتياجات الأساسية.

صعوبة تأمين الخدمات الأساسية والرعاية الصحية: في مخيم خان دنون، يواجه السكان صعوبة في تأمين الخدمات الأساسية وتدني الوضع الاقتصادي وتفشي الأمراض المزمنة بسبب ارتفاع تكلفة العلاج والأدوية.

الضغوط النفسية والغضب: كما هو الحال في مخيم سبينة، حيث يتصاعد اليأس والغضب بين الشباب، خاصة حملة الشهادات الذين يضطرون للعمل في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم.

 الاعتماد على الديون: في مخيم درعا، يضطر رب الأسرة للاستدانة لتأمين لقمة العيش، ويتفاقم الوضع مع انقطاع المعونة المالية المخصصة للأونروا، مما يزيد من الأعباء المالية على الأهالي وأصحاب المحال التجارية.

جهود الأونروا والجمعيات الأهلية:

في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، قامت وكالة الأونروا وبعض الجمعيات الأهلية بإطلاق مبادرات محدودة تضمنت برامج التدريب المهني ودعم المشاريع الصغيرة، ورغم أهمية هذه الجهود في بث بعض الأمل، إلا أن تأثيرها ظل محدوداً بسبب ضعف التمويل واتساع رقعة المعاناة، وكما ناشد أهالي مخيم درعا، هناك حاجة ماسة لعمل جاد من قبل الأونروا والمنظمات الدولية والمحلية لإعادة الإعمار وترميم المنازل وتقديم كافة أنواع الدعم المالي والغذائي والنفسي وإيجاد فرص عمل مستدامة للشباب.

الخلاصة والتطلعات المستقبلية:

إن أزمة البطالة في المخيمات الفلسطينية في سوريا هي قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، تفاقمت بشكل كبير نتيجة للصراع الدائر في البلاد.

لقد تركت هذه الأزمة آثاراً مدمرة على حياة الفلسطينيين في سوريا، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل أيضاً على النسيج الاجتماعي والنفسي، وبينما تبرز محاولات فردية ومجتمعية لمواجهة هذه التحديات، يبقى الدور الأكبر على عاتق الأونروا بصفتها المسؤول الأول عنهم بالإضافة إلى المنظمات الإنسانية لتقديم دعم حقيقي ومستدام يساهم في إعادة بناء حياة هؤلاء اللاجئين وتوفير فرص عمل تحفظ كرامتهم وتضمن مستقبلًا أفضل لهم ولأجيالهم القادمة.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21450

مجموعة العمل| سعيد سليمان

لطالما شكلت المخيمات الفلسطينية في سوريا تجمعات للاجئين الذين سعوا إلى ملاذ آمن بعد النكبة، وقبل اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، كان سكان هذه المخيمات يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية، إلا أن الأوضاع تفاقمت بشكل كبير مع تصاعد وتيرة الصراع والدمار الذي حل بالبلاد.

 لقد أدت الحرب المستمرة إلى تغييرات جذرية في حياة الفلسطينيين في سوريا، حيث أصبحت البطالة والهجرة من أبرز التحديات التي تهدد النسيج الاجتماعي وتعيق أي آمال في مستقبل مستقر، يسعى هذا التقرير إلى تسليط الضوء على تطور أزمة البطالة في عدة مخيمات فلسطينية في سوريا، مروراً بمرحلة ما قبل الثورة، وأثناءها، وصولاً إلى الوضع الراهن، مع التركيز على التأثيرات الإنسانية والاجتماعية لهذه الأزمة وبعض المحاولات لمواجهتها.

البطالة في المخيمات الفلسطينية قبل الثورة السورية:

قبل عام 2011، كانت المخيمات الفلسطينية في سوريا تعاني بالفعل من مستويات معينة من البطالة، وإن كانت تختلف حدتها بين مخيم وآخر، ففي مخيم درعا، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة البطالة كانت تقدر بحوالي 10% من السكان، كان الاعتماد الأكبر على العمل بأجر يومي في قطاع البناء والأعمال الحرة. ورغم هذه النسبة، كان هناك قدر من الاستقرار النسبي، وفرص عمل متاحة، خاصة مع مشاريع البناء والإعمار التي كانت قائمة آنذاك.

تداعيات الثورة السورية وارتفاع معدلات البطالة:

مع اندلاع الثورة السورية وتصاعد وتيرة العنف، دخلت المخيمات الفلسطينية مرحلة جديدة من المعاناة. فقد تأثرت البنية التحتية بشكل كبير، ونزح العديد من السكان بحثاً عن الأمان، بينما فقد آخرون مصادر رزقهم.

مخيم اليرموك: تقف أزمة البطالة كـ"جدار خفي" يفصل السكان عن عالم الفرص لم تعد مجرد أرقام، بل واقعاً يومياً يُقاس باقتصاد منكمش حول المخيم من منطقة تجارية نشطة إلى "سوق أشباح" مع محلات وورش مغلقة، وحتى الباعة المتجولين يكافحون.

 يواجه خريجو الجامعات العائدون إلى المخيم فجوة مهارات حقيقية، حيث يجدون أن "الشهادة لا تطعم خبزاً" في غياب القطاعات المنتجة، مما يدخلهم في حلقة مفرغة: لا عمل ← لا دخل ← لا استهلاك ← إغلاق المزيد من المحلات ← مزيد من البطالة!

كما أن المشاريع الصغيرة تواجه "موتاً" بسبب نقص التمويل وارتفاع تكاليف النقل والكهرباء، وتغيب عن التقارير الرسمية تفاصيل مهمة مثل نمو اقتصاد الظل بأعمال غير مسجلة وأجور زهيدة، وهجرة الكفاءات التي تترك المجتمع "ينزف"، وظاهرة "البطالة المقنَّعة" حيث يعمل الأشخاص يوماً واحداً في الشهر ويعتبرون عاملين وهم فعلياً عاطلون. البطالة هنا تشبه "ضباباً كثيفاً" يبتلع أحلام الشباب وطموحات العائلات.

مخيم جرمانا: يشهد ارتفاعاً في معدلات البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين، خاصة الشباب، مما يزيد من معاناتهم المعيشية، كما فاقم التدهور الاقتصادي الناتج عن الأزمة السورية وتوقف الشركات المرتبطة بالنظام السابق من قلة الفرص الوظيفية.

حتى العاملون يعانون من ضائقة مالية بسبب عدم كفاية الأجور أمام ارتفاع الأسعار وشح السيولة، وطالب الأهالي الأونروا بتحسين الخدمات وزيادة فرص التدريب المهني.

مخيم النيرب: شهد ارتفاعاً تدريجياً في معدل البطالة مع بداية الثورة، ليصل إلى ذروته بعد عام 2014. اعتمد غالبية شباب المخيم على حرف البناء، التي أصبحت شبه مستحيلة بسبب الدمار والعمليات العسكرية، مما أدى إلى بطالة قسرية وهجرة للبحث عن فرص عمل.

 مخيم خان دنون: يعتبر من بين الأكثر فقراً بين المخيمات الفلسطينية في سوريا، الحرب المستمرة لمدة 14 عاماً أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي وانعدام الدخل اليومي بسبب قلة فرص العمل للشباب الفلسطيني، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العاطلين عن العمل تتراوح حوالي 50%، وتتجاوز نسبة الفقر 90% من السكان.

 مخيم درعا: ارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير لتصل إلى حوالي ربع السكان بعد الثورة، توقف مشاريع البناء والإعمار بسبب غلاء الأسعار ونقص المواد، وهو القطاع الذي كان يستوعب غالبية العمالة اليومية في المخيم.

 مخيم خان الشيح: شهد ارتفاعاً حاداً في نسبة البطالة لتصل إلى حوالي 30% قبل سقوط النظام السوري السابق حيث توقفت المصانع وأعمال البناء والورشات اليومية التي كانت مصدر دخل رئيسي للكثيرين، أما الآن فانخفضت بالنسبة لأصحاب الحرف اليدوية بعد عودة العديد من المهجرين والمغتربين الذين بدأوا بإعادة إعمار منازلهم.

مخيم سبينة: يواجه شبابه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة مع تصاعد اليأس نتيجة معدلات البطالة المرتفعة والفرص المحدودة. اضطر الكثيرون للبحث عن عمل بأجور زهيدة لا تكفي حتى لسد الحاجات الأساسية، وسط غياب الاستثمار الاقتصادي الذي يخلق فرص عمل حقيقية.

 مخيم العائدين بحمص: يشهد نسبة بطالة عالية جداً نتيجة توقف العمل في المدينة الصناعية بحسياء، التي كانت تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة في المخيم، كما أن من كانوا يخدمون في جيش التحرير الفلسطيني وجدوا صعوبة في الاندماج في سوق العمل المدني بعد سقوط النظام.

مخيم العائدين بحماة: تركت الأزمة المستمرة آثاراً مباشرة على حياة اللاجئين الفلسطينيين، حيث فقد عدد كبير منهم أعمالهم في قطاعات مثل البناء والحرف اليدوية، سواء داخل المخيم أو خارجه، وأجبر تدهور الوضع الأمني ومخاطر السلامة كثيراً من العمال على ترك وظائفهم دون أن تتوفر لهم بدائل، مما ساهم في ارتفاع معدلات الفقر والمعاناة بين الأسر.

ويعاني المخيم من ظاهرة "البطالة المقنعة"، حيث يشغل بعض السكان وظائف حكومية بأجور زهيدة لا تكفي لتغطية نفقاتهم اليومية، ما يجعلهم في حالة عوز دائم حتى نهاية الشهر، كما تسببت البطالة في تأخر زواج الكثير من الشباب، وتحولت فكرة الزواج إلى حلم بعيد المنال، وسط تحذيرات من أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى تفكك اجتماعي وارتفاع معدلات الانحراف والجريمة.

مخيم العائدين في اللاذقية: يعاني مخيم العائدين باللاذقية من بطالة حادة أثرت بشكل كبير على الأوضاع المعيشية والاجتماعية للفلسطينيين. تفاقمت الأزمة بسبب الوضع الأمني منذ بداية الأزمة السورية، وهجرة رؤوس الأموال، والعقوبات الاقتصادية، مما أدى إلى عجز اقتصادي كبير وانخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار. وقد اعتمد السكان على الحوالات الخارجية والمساعدات، وحتى بعد سقوط النظام السابق، استمرت الأزمة المعيشية، مع تطلعات لتحسن الأوضاع الاقتصادية ورفع العقوبات في المستقبل.

التأثيرات الاجتماعية والإنسانية للبطالة:

تجاوزت تداعيات البطالة الجوانب الاقتصادية لتطال النسيج الاجتماعي وحياة الأفراد في المخيمات بشكل عميق:

  تدهور الأوضاع المعيشية والفقر المدقع: كما هو الحال في مخيم خان دنون، حيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، مما يجبر الأهالي على تقليص احتياجاتهم الأساسية والاستغناء عن ضروريات الحياة.

  خلل في التركيبة السكانية وتراجع التكافل الاجتماعي: في مخيم النيرب، أدت البطالة والهجرة إلى نقص في عدد الشباب وزيادة نسبة كبار السن والأطفال، وتراجع مظاهر التكافل التقليدية وظهور فوارق معيشية عمقت العزلة والفقر.

  تفاقم المشاكل السلوكية: الإحباط الناتج عن البطالة الطويلة ساهم في تفشي التسرب المدرسي، وتأخر الزواج، وأحياناً الانخراط في أعمال غير مشروعة لتأمين الاحتياجات الأساسية.

صعوبة تأمين الخدمات الأساسية والرعاية الصحية: في مخيم خان دنون، يواجه السكان صعوبة في تأمين الخدمات الأساسية وتدني الوضع الاقتصادي وتفشي الأمراض المزمنة بسبب ارتفاع تكلفة العلاج والأدوية.

الضغوط النفسية والغضب: كما هو الحال في مخيم سبينة، حيث يتصاعد اليأس والغضب بين الشباب، خاصة حملة الشهادات الذين يضطرون للعمل في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم.

 الاعتماد على الديون: في مخيم درعا، يضطر رب الأسرة للاستدانة لتأمين لقمة العيش، ويتفاقم الوضع مع انقطاع المعونة المالية المخصصة للأونروا، مما يزيد من الأعباء المالية على الأهالي وأصحاب المحال التجارية.

جهود الأونروا والجمعيات الأهلية:

في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، قامت وكالة الأونروا وبعض الجمعيات الأهلية بإطلاق مبادرات محدودة تضمنت برامج التدريب المهني ودعم المشاريع الصغيرة، ورغم أهمية هذه الجهود في بث بعض الأمل، إلا أن تأثيرها ظل محدوداً بسبب ضعف التمويل واتساع رقعة المعاناة، وكما ناشد أهالي مخيم درعا، هناك حاجة ماسة لعمل جاد من قبل الأونروا والمنظمات الدولية والمحلية لإعادة الإعمار وترميم المنازل وتقديم كافة أنواع الدعم المالي والغذائي والنفسي وإيجاد فرص عمل مستدامة للشباب.

الخلاصة والتطلعات المستقبلية:

إن أزمة البطالة في المخيمات الفلسطينية في سوريا هي قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، تفاقمت بشكل كبير نتيجة للصراع الدائر في البلاد.

لقد تركت هذه الأزمة آثاراً مدمرة على حياة الفلسطينيين في سوريا، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل أيضاً على النسيج الاجتماعي والنفسي، وبينما تبرز محاولات فردية ومجتمعية لمواجهة هذه التحديات، يبقى الدور الأكبر على عاتق الأونروا بصفتها المسؤول الأول عنهم بالإضافة إلى المنظمات الإنسانية لتقديم دعم حقيقي ومستدام يساهم في إعادة بناء حياة هؤلاء اللاجئين وتوفير فرص عمل تحفظ كرامتهم وتضمن مستقبلًا أفضل لهم ولأجيالهم القادمة.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21450