map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

عن ملف فلسطينيي سوريا الذي يتزاحم عليه الآن من خذلوه بالأمس؟!

تاريخ النشر : 11-05-2025
عن ملف فلسطينيي سوريا الذي يتزاحم عليه الآن من خذلوه بالأمس؟!

ماهر حسن شاويش

لسنوات طويلة، ظل ملف فلسطينيي سوريا في قاع الاهتمامات، يتعثر على هامش البيانات، ويُطوى في هوامش المؤتمرات، ويُعامل وكأنه “تفصيل زائد” في معادلات الصراع الكبرى. لا الفصائل الفلسطينية تصدّت له حقًا، ولا السلطة الفلسطينية تبنّت معاناة أبنائه، ولا منظمة التحرير الفلسطينية التي تناكف للاعتراف بها ممثلاً شرعياً ووحيداً اعترفت بضحاياه أو تعرفت عليهم في أتون محنتهم؟!

حين كان اللاجئ الفلسطيني السوري يُذبح في مخيم اليرموك، ويُطمر في حفرة التضامن، ويُبتلع في بحار التهريب، كان الجميع مشغولًا بحساباته، إما في صراع العروش الفصائلي، أو في اصطفافات إقليمية اعتبرت التضحية به " سعراً مقبولًا” في بورصة الولاءات، وحين كان فلسطينيو سورية يصرخون من تحت الأنقاض أو خلف القضبان، ساد الصمت، وخيم التجاهل.

اليوم، وبعد كل هذا الخذلان، يتزاحم على هذا الملف من غيّبوه يومًا عن خطابهم، أو تنكّروا له في بياناتهم، أو اعتبروه عبئًا يُفضل نسيانه.

وفجأة، صار ملف فلسطينيي سوريا مغريًا. يُرفَع في المؤتمرات، يُستعرض في اللقاءات، ويُستخدم لإعادة تدوير بعض الأسماء والرايات التي كانت في عزّ المجازر إما صامتة، أو شريكة في التبرير، أو مشغولة بإرضاء “الحليف القاتل”.

الوجع الفلسطيني في سوريا لا يُمسح بخطاب دبلوماسي، ولا يُطهّر بتقرير علاقات عامة، إنه جرح مفتوح لا يقبل أبناؤه المخلصون أن يستثمر فيه من كانوا يوماً جزءاً من آلة تهميشه أو تبرير قمعه.

أن تأتي اليوم لتتحدث عن هذه المأساة، دون أن تعتذر عن صمتك المريب بالأمس، أو دورك في تخدير الضحايا، فأنت لا تنصر القضية، بل تسرقها، أنت لا تنقذ الملف، بل تركب موجته بعد أن صمد وحده في وجه الغرق.

بوضوح وبالصوت العالي نقول: "من حاول دفننا، لا يحق له اليوم ادعاء إنقاذنا”

الكرامة لا تقبل إعادة التدوير وذاكرة الضحايا أطول من شعاراتكم، وإذا كانت القضايا تُقاس بالمواقف، لا بالكاميرات، فنحن نعلم تماماً من دفن الملف، ومن يزعم اليوم أنه يُحييه.

بصراحة لا تُفاجئنا الوقاحة بقدر ما يدهشنا غياب الحد الأدنى من الخجل، في زمن السقوط الأخلاقي والسياسي، بات كل شيء مباحاً حتى المتاجرة بالجراح، واليوم نرى مشهدًا سريالياً تُبعث فيه قضية فلسطينيي سوريا من تحت الركام، لا على يد أهلها الحقيقيين، بل على يد من خذلوها، وصمتوا عنها، أو ساهموا في جرحها.

لسنوات، لم يكن لهذا الملف من يدافع عنه سوى أصوات خافتة، وجدران ذاكرة تأبى النسيان. لا فصيل فلسطيني رفعه على أكتافه، ولا مؤسسة وطنية أدرجته في أولوياتها، ولا إعلام عادل أنصفه، لقد تُرك أهل المخيمات وحدهم في مواجهة البراميل، والحصار، والاعتقال، والشتات الجديد بلا معابر، ولا منابر، ولا قرارات.

كان الخذلان متعدّد الطبقات، فصائل ساكتة، وأخرى شريكة في الجريمة، ومنظمة تحرير أغمضت عينيها، وسلطة فلسطينية اعتبرت اللاجئ الفلسطيني “إشكالية” يصعب ضمها للخطاب، وبينما كانت المجازر تُرتكب، والبيوت تُهدم، والقبور تفيض بالجثامين، والأطفال يموتون جوعى وبطونهم خاوية، كان الكل مشغولًا بخرائط النفوذ ومفاوضات الكراسي.

لكن الملف لم يمت بقي صامدًا، ينزف دون إذن، ويوثّق دون دعم، ويحيا فقط لأن من فيه ما زالوا أحياء بالكرامة.

ثم جاء الآن زمن المتاجرة، بعد أن تبدّل المشهد، وسقطت تحالفات، وارتبك القَتَلة " فجأة " أصبح الملف مطلوباً، وصار ورقة توظّف، وقضية تُستثمر. أولئك الذين تواطؤوا بالأمس، عادوا ليركضوا أمام الكاميرات، يعلنون اكتشافهم المتأخر لمعاناة الفلسطيني السوري، يسطّرون البيانات، ويطالبون بتكليفهم “تمثيل” هذا الملف.

كأنما لا ذاكرة لنا، كأنما لم نرهم حين باركوا للنظام مجازره، أو حاولوا شطب القضية من النقاش، أو استعملوها لصناعة مجد سياسي رخيص.

يا سادة، هذا الملف ليس فرصة علاقات عامة، ولا تركة تبحث عن وريث؟! هو جرح لم يندمل، وشعب لم يُصفّ حسابه بعد، وحق لم يُسترد، وإذا كانت الخيانة بالأمس صمتاً، فهي اليوم ادّعاء بطولة زائفة، وإن كان للخذلان ثمن، فثمنه لا يُدفع باعتلاء المنصات.

باختصار من أراد أن ينصف فلسطينيي سوريا اليوم، فعليه أولًا أن يعتذر، ثم يبتعد بذات الصمت المطبق والمخزي الذي مارسه لسنوات؟!

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21491

ماهر حسن شاويش

لسنوات طويلة، ظل ملف فلسطينيي سوريا في قاع الاهتمامات، يتعثر على هامش البيانات، ويُطوى في هوامش المؤتمرات، ويُعامل وكأنه “تفصيل زائد” في معادلات الصراع الكبرى. لا الفصائل الفلسطينية تصدّت له حقًا، ولا السلطة الفلسطينية تبنّت معاناة أبنائه، ولا منظمة التحرير الفلسطينية التي تناكف للاعتراف بها ممثلاً شرعياً ووحيداً اعترفت بضحاياه أو تعرفت عليهم في أتون محنتهم؟!

حين كان اللاجئ الفلسطيني السوري يُذبح في مخيم اليرموك، ويُطمر في حفرة التضامن، ويُبتلع في بحار التهريب، كان الجميع مشغولًا بحساباته، إما في صراع العروش الفصائلي، أو في اصطفافات إقليمية اعتبرت التضحية به " سعراً مقبولًا” في بورصة الولاءات، وحين كان فلسطينيو سورية يصرخون من تحت الأنقاض أو خلف القضبان، ساد الصمت، وخيم التجاهل.

اليوم، وبعد كل هذا الخذلان، يتزاحم على هذا الملف من غيّبوه يومًا عن خطابهم، أو تنكّروا له في بياناتهم، أو اعتبروه عبئًا يُفضل نسيانه.

وفجأة، صار ملف فلسطينيي سوريا مغريًا. يُرفَع في المؤتمرات، يُستعرض في اللقاءات، ويُستخدم لإعادة تدوير بعض الأسماء والرايات التي كانت في عزّ المجازر إما صامتة، أو شريكة في التبرير، أو مشغولة بإرضاء “الحليف القاتل”.

الوجع الفلسطيني في سوريا لا يُمسح بخطاب دبلوماسي، ولا يُطهّر بتقرير علاقات عامة، إنه جرح مفتوح لا يقبل أبناؤه المخلصون أن يستثمر فيه من كانوا يوماً جزءاً من آلة تهميشه أو تبرير قمعه.

أن تأتي اليوم لتتحدث عن هذه المأساة، دون أن تعتذر عن صمتك المريب بالأمس، أو دورك في تخدير الضحايا، فأنت لا تنصر القضية، بل تسرقها، أنت لا تنقذ الملف، بل تركب موجته بعد أن صمد وحده في وجه الغرق.

بوضوح وبالصوت العالي نقول: "من حاول دفننا، لا يحق له اليوم ادعاء إنقاذنا”

الكرامة لا تقبل إعادة التدوير وذاكرة الضحايا أطول من شعاراتكم، وإذا كانت القضايا تُقاس بالمواقف، لا بالكاميرات، فنحن نعلم تماماً من دفن الملف، ومن يزعم اليوم أنه يُحييه.

بصراحة لا تُفاجئنا الوقاحة بقدر ما يدهشنا غياب الحد الأدنى من الخجل، في زمن السقوط الأخلاقي والسياسي، بات كل شيء مباحاً حتى المتاجرة بالجراح، واليوم نرى مشهدًا سريالياً تُبعث فيه قضية فلسطينيي سوريا من تحت الركام، لا على يد أهلها الحقيقيين، بل على يد من خذلوها، وصمتوا عنها، أو ساهموا في جرحها.

لسنوات، لم يكن لهذا الملف من يدافع عنه سوى أصوات خافتة، وجدران ذاكرة تأبى النسيان. لا فصيل فلسطيني رفعه على أكتافه، ولا مؤسسة وطنية أدرجته في أولوياتها، ولا إعلام عادل أنصفه، لقد تُرك أهل المخيمات وحدهم في مواجهة البراميل، والحصار، والاعتقال، والشتات الجديد بلا معابر، ولا منابر، ولا قرارات.

كان الخذلان متعدّد الطبقات، فصائل ساكتة، وأخرى شريكة في الجريمة، ومنظمة تحرير أغمضت عينيها، وسلطة فلسطينية اعتبرت اللاجئ الفلسطيني “إشكالية” يصعب ضمها للخطاب، وبينما كانت المجازر تُرتكب، والبيوت تُهدم، والقبور تفيض بالجثامين، والأطفال يموتون جوعى وبطونهم خاوية، كان الكل مشغولًا بخرائط النفوذ ومفاوضات الكراسي.

لكن الملف لم يمت بقي صامدًا، ينزف دون إذن، ويوثّق دون دعم، ويحيا فقط لأن من فيه ما زالوا أحياء بالكرامة.

ثم جاء الآن زمن المتاجرة، بعد أن تبدّل المشهد، وسقطت تحالفات، وارتبك القَتَلة " فجأة " أصبح الملف مطلوباً، وصار ورقة توظّف، وقضية تُستثمر. أولئك الذين تواطؤوا بالأمس، عادوا ليركضوا أمام الكاميرات، يعلنون اكتشافهم المتأخر لمعاناة الفلسطيني السوري، يسطّرون البيانات، ويطالبون بتكليفهم “تمثيل” هذا الملف.

كأنما لا ذاكرة لنا، كأنما لم نرهم حين باركوا للنظام مجازره، أو حاولوا شطب القضية من النقاش، أو استعملوها لصناعة مجد سياسي رخيص.

يا سادة، هذا الملف ليس فرصة علاقات عامة، ولا تركة تبحث عن وريث؟! هو جرح لم يندمل، وشعب لم يُصفّ حسابه بعد، وحق لم يُسترد، وإذا كانت الخيانة بالأمس صمتاً، فهي اليوم ادّعاء بطولة زائفة، وإن كان للخذلان ثمن، فثمنه لا يُدفع باعتلاء المنصات.

باختصار من أراد أن ينصف فلسطينيي سوريا اليوم، فعليه أولًا أن يعتذر، ثم يبتعد بذات الصمت المطبق والمخزي الذي مارسه لسنوات؟!

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21491