فايز أبو عيد – مجموعة العمل
قرية "عين ذكر" قرية سورية تتبع ناحية الشجرة في منطقة درعا، حيث تعيش فيها جالية فلسطينية واقعاً مركباً من التحديات، بين بقايا آثار النكبة الأولى عام 1948، وتهديدات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، والإهمال الذي تعانيه المنطقة على المستويين المحلي والدولي، وهؤلاء الفلسطينيون، الذين ينحدرون من قرى الجليل وطبرية، وجدوا أنفسهم أمام معاناة جديدة بعد سنوات من اللجوء، حيث يواجهون الآن خطر التوغل الإسرائيلي في المنطقة المحاذية للجولان المحتل، بالإضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.
جذور المعاناة
يعود وجود الفلسطينيين في عين ذكر إلى النكبة الفلسطينية عام 1948، عندما هُجّر أهالي قرى الجليل وطبرية من أراضيهم، ليستقروا في مناطق مختلفة من سوريا لقربها منهم، بما فيها بلدات حوض اليرموك ودرعا، وتُشكّل عشيرتا "السميري" و"القديرين" النواة الأساسية للجالية الفلسطينية في البلدة، وهما من العشائر العربية المعروفة في المنطقة، حيث يبلغ عدد أفراد العشيرتين قرابة 700 إلى 1000 نسمة، ورغم مرور أكثر من سبعة عقود على لجوئهم، لا يزال هؤلاء يحتفظون بهويتهم الفلسطينية، ويتذكرون قراهم الأصلية بألم وحنين، لكن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تفاقمت معاناتهم، حيث تحولت مناطقهم إلى ساحات صراع بين النظام السوري وقوات المعارضة من جهة وقوات المعارضة والدواعش من جهة أخرى، قبل أن تتدخل القوات الإسرائيلية بشكل متكرر في الجنوب السوري، مستهدفة مواقع عسكرية ومدنية على حد سواء، وقد أدى ذلك إلى خلق مناخ من الخوف وعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات في المنطقة المحاذية للجولان المحتل.
بين الإهمال والحرمان
تعاني بلدة عين ذكر من تدهور كبير في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وهو واقع يؤثر بشكل مباشر على السكان الفلسطينيين والسوريين على حد سواء، ففي قطاع التعليم، على سبيل المثال، لا يوجد سوى مدرسة واحدة، إذ تعرضت باقي المدارس للتدمير، فيما تبقى المدرسة الباقية أشبه ما تكون بالمدرسة، فهي عبارة عن كرفانات متنقلة، تضم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، ما يفرض على الطلاب نظام الدوامين، ويجبر الأطفال على السفر مسافات طويلة سيراً على الأقدام أو عبر الدراجات النارية، كون هذه المدرسة لا تقع في حارة الفلسطينين في غربي القرية حيث تقع حارة الفلسطينين بل على الطرف الشرقي المخدم لعين ذكر، وهم في هذا يعانون من وطأة الظروف المناخية القاسية ولاسيما في الشتاء إذ تتميز هذه المناطق بالغزارة المطرية،
ويوضح أحد المدرسين الفلسطينين في البلدة أن الأوضاع التعليمية "مزرية"، رغم وجود كوادر تعليمية متميزة بين الفلسطينيين بأعداد كبيرة جدا وهذا ما يميز هذه البلدة عمن سواها، من كثرة المعلمين الفلسطينين، موجها نداءه للأونروا لاستحداث مدرسة خاصة بالفلسطينين أسوة بمخيم جلين والمزيريب ومخيم درعا، إذ تزايد الفلسطينيون في هذه البلدة بسكل كبير إضافة إلى كثرة خريجي الجامعات، من خريجي التربية قسم معلم صف: أحمد طه اسماعيل، وحاتم اسماعيل، وضياء حسن، وبشار حسن، بما في ذلك مهندسون تجاوز عددهم العشرين مثل موسى اسماعيل ، ومحمد حسن هندسة كهرباء، ومحمد حسان تخصص هندسة، والمهندس الزراعي عبدالله علي حسن وهناك اطباء كالدكتورة رقية حمد، ومنهم ممرضون كأكرم موسى اسماعيل، وأحمد حمدان حسن، يواجهون صعوبات كبيرة في ممارسة مهنهم بسبب نقص الفرص والبنية التحتية المناسبة.
أما في قطاع الصحة، فإن الوضع لا يقل سوءاً، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية، ما يضطرهم إلى السفر إلى مدينة درعا المجاورة، التي تبعد عدة كيلومترات، لشراء أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، وهو ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على العائلات الفقيرة، فأجرة السرفيس تجاوزت 100 الف ليرة ذهابا وإيابا.
خدمات شبه معدومة
تعتمد بلدة عين ذكر على نظام كهرباء متقطع، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية ساعة واحدة، تليها انقطاعات تمتد إلى خمس ساعات أو أكثر، ورغم أن الوضع تحسن قليلاً مقارنةً بفترة حكم النظام السوري، إلا أن السكان ما زالوا يعتمدون على مولدات الكهرباء الخاصة، والتي تكون عديمة الفائدة في الأجواء الغائمة، حيث تعجز الألواح الشمسية عن توفير الطاقة الكافية.
أما المياه، فهي تأتي بشكل ضعيف، ما يدفع الأهالي إلى تجميع مبالغ مالية لشراء المياه من مصادر أخرى، وفي بعض الأحيان، يضطرون إلى دفع مبالغ تصل إلى 10 آلاف ليرة سورية لكل عائلة، وهو مبلغ تتشاركه العوائل لتأمين المحروقات للمولدة الرئيسية لضخ المياه، وتعتبر مثل هذه التكاليف الجانبية مرهقة بالنسبة لأهالي البلدة الذين يعتمد معظمهم على أعمال زراعية بسيطة أو وظائف متواضعة.
التوغل الإسرائيلي
رغم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تدخل بلدة عين ذكر بشكل مباشر حتى الآن، إلا أن سكانها يعيشون في حالة من القلق الدائم بسبب الاقتراب المتكرر للقوات الإسرائيلية من المنطقة، ففي إحدى المرات الأخيرة، توجهت القوات الإسرائيلية شمالاً نحو بلدة نوى، مستهدفة مواقع في الجبيلية ما خلّف عددا من الشهداء، وهو ما أثار مخاوف الأهالي ولاسيما الفلسطينين من احتمال توسع هذه التوغلات في المستقبل، وامتدادها إلى مناطقهم.
ويؤكد أبو عمر السميري، أحد أبناء البلدة، أن الاحتلال يتجنب الاقتراب من المناطق التي يعلم بوجود مخيمات فلسطينية فيها، ربما خشية المواجهات المباشرة مع السكان، ومع ذلك، فإن الفلسطينيين في عين ذكر يرفضون أي محاولة لفرض واقع جديد من قبل الاحتلال، ويؤكدون وقوفهم إلى جانب إخوانهم السوريين في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء في سوريا أو في غزة.
غياب الدعم يعمق المأساة
ما يزيد من معاناة الفلسطينيين في عين ذكر هو غياب أي دعم حقيقي من المنظمات الدولية أو الجهات الحكومية. فحتى الآن، لم تقدم أي منظمة إغاثية مساعدات ملموسة لتحسين أوضاع البلدة، سواء في مجال التعليم أو الصحة أو البنية التحتية، وقد عبر السكان عن أملهم في أن يتم تسليط الضوء على معاناتهم، على أمل أن تتدخل جهات دولية أو منظمات إغاثية لتقديم الدعم اللازم، وقد أعربوا عن سعادتهم كون مجموعة العمل أول من تطوع لنقل معاناتهم التي لم تنتهِ،
في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في فرض سياسة الأمر الواقع في المنطقة التي تعيش على خط النار، بعيداً عن أي اهتمام سياسي أو إعلامي.
فايز أبو عيد – مجموعة العمل
قرية "عين ذكر" قرية سورية تتبع ناحية الشجرة في منطقة درعا، حيث تعيش فيها جالية فلسطينية واقعاً مركباً من التحديات، بين بقايا آثار النكبة الأولى عام 1948، وتهديدات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، والإهمال الذي تعانيه المنطقة على المستويين المحلي والدولي، وهؤلاء الفلسطينيون، الذين ينحدرون من قرى الجليل وطبرية، وجدوا أنفسهم أمام معاناة جديدة بعد سنوات من اللجوء، حيث يواجهون الآن خطر التوغل الإسرائيلي في المنطقة المحاذية للجولان المحتل، بالإضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.
جذور المعاناة
يعود وجود الفلسطينيين في عين ذكر إلى النكبة الفلسطينية عام 1948، عندما هُجّر أهالي قرى الجليل وطبرية من أراضيهم، ليستقروا في مناطق مختلفة من سوريا لقربها منهم، بما فيها بلدات حوض اليرموك ودرعا، وتُشكّل عشيرتا "السميري" و"القديرين" النواة الأساسية للجالية الفلسطينية في البلدة، وهما من العشائر العربية المعروفة في المنطقة، حيث يبلغ عدد أفراد العشيرتين قرابة 700 إلى 1000 نسمة، ورغم مرور أكثر من سبعة عقود على لجوئهم، لا يزال هؤلاء يحتفظون بهويتهم الفلسطينية، ويتذكرون قراهم الأصلية بألم وحنين، لكن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تفاقمت معاناتهم، حيث تحولت مناطقهم إلى ساحات صراع بين النظام السوري وقوات المعارضة من جهة وقوات المعارضة والدواعش من جهة أخرى، قبل أن تتدخل القوات الإسرائيلية بشكل متكرر في الجنوب السوري، مستهدفة مواقع عسكرية ومدنية على حد سواء، وقد أدى ذلك إلى خلق مناخ من الخوف وعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات في المنطقة المحاذية للجولان المحتل.
بين الإهمال والحرمان
تعاني بلدة عين ذكر من تدهور كبير في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وهو واقع يؤثر بشكل مباشر على السكان الفلسطينيين والسوريين على حد سواء، ففي قطاع التعليم، على سبيل المثال، لا يوجد سوى مدرسة واحدة، إذ تعرضت باقي المدارس للتدمير، فيما تبقى المدرسة الباقية أشبه ما تكون بالمدرسة، فهي عبارة عن كرفانات متنقلة، تضم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، ما يفرض على الطلاب نظام الدوامين، ويجبر الأطفال على السفر مسافات طويلة سيراً على الأقدام أو عبر الدراجات النارية، كون هذه المدرسة لا تقع في حارة الفلسطينين في غربي القرية حيث تقع حارة الفلسطينين بل على الطرف الشرقي المخدم لعين ذكر، وهم في هذا يعانون من وطأة الظروف المناخية القاسية ولاسيما في الشتاء إذ تتميز هذه المناطق بالغزارة المطرية،
ويوضح أحد المدرسين الفلسطينين في البلدة أن الأوضاع التعليمية "مزرية"، رغم وجود كوادر تعليمية متميزة بين الفلسطينيين بأعداد كبيرة جدا وهذا ما يميز هذه البلدة عمن سواها، من كثرة المعلمين الفلسطينين، موجها نداءه للأونروا لاستحداث مدرسة خاصة بالفلسطينين أسوة بمخيم جلين والمزيريب ومخيم درعا، إذ تزايد الفلسطينيون في هذه البلدة بسكل كبير إضافة إلى كثرة خريجي الجامعات، من خريجي التربية قسم معلم صف: أحمد طه اسماعيل، وحاتم اسماعيل، وضياء حسن، وبشار حسن، بما في ذلك مهندسون تجاوز عددهم العشرين مثل موسى اسماعيل ، ومحمد حسن هندسة كهرباء، ومحمد حسان تخصص هندسة، والمهندس الزراعي عبدالله علي حسن وهناك اطباء كالدكتورة رقية حمد، ومنهم ممرضون كأكرم موسى اسماعيل، وأحمد حمدان حسن، يواجهون صعوبات كبيرة في ممارسة مهنهم بسبب نقص الفرص والبنية التحتية المناسبة.
أما في قطاع الصحة، فإن الوضع لا يقل سوءاً، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية، ما يضطرهم إلى السفر إلى مدينة درعا المجاورة، التي تبعد عدة كيلومترات، لشراء أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، وهو ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على العائلات الفقيرة، فأجرة السرفيس تجاوزت 100 الف ليرة ذهابا وإيابا.
خدمات شبه معدومة
تعتمد بلدة عين ذكر على نظام كهرباء متقطع، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية ساعة واحدة، تليها انقطاعات تمتد إلى خمس ساعات أو أكثر، ورغم أن الوضع تحسن قليلاً مقارنةً بفترة حكم النظام السوري، إلا أن السكان ما زالوا يعتمدون على مولدات الكهرباء الخاصة، والتي تكون عديمة الفائدة في الأجواء الغائمة، حيث تعجز الألواح الشمسية عن توفير الطاقة الكافية.
أما المياه، فهي تأتي بشكل ضعيف، ما يدفع الأهالي إلى تجميع مبالغ مالية لشراء المياه من مصادر أخرى، وفي بعض الأحيان، يضطرون إلى دفع مبالغ تصل إلى 10 آلاف ليرة سورية لكل عائلة، وهو مبلغ تتشاركه العوائل لتأمين المحروقات للمولدة الرئيسية لضخ المياه، وتعتبر مثل هذه التكاليف الجانبية مرهقة بالنسبة لأهالي البلدة الذين يعتمد معظمهم على أعمال زراعية بسيطة أو وظائف متواضعة.
التوغل الإسرائيلي
رغم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تدخل بلدة عين ذكر بشكل مباشر حتى الآن، إلا أن سكانها يعيشون في حالة من القلق الدائم بسبب الاقتراب المتكرر للقوات الإسرائيلية من المنطقة، ففي إحدى المرات الأخيرة، توجهت القوات الإسرائيلية شمالاً نحو بلدة نوى، مستهدفة مواقع في الجبيلية ما خلّف عددا من الشهداء، وهو ما أثار مخاوف الأهالي ولاسيما الفلسطينين من احتمال توسع هذه التوغلات في المستقبل، وامتدادها إلى مناطقهم.
ويؤكد أبو عمر السميري، أحد أبناء البلدة، أن الاحتلال يتجنب الاقتراب من المناطق التي يعلم بوجود مخيمات فلسطينية فيها، ربما خشية المواجهات المباشرة مع السكان، ومع ذلك، فإن الفلسطينيين في عين ذكر يرفضون أي محاولة لفرض واقع جديد من قبل الاحتلال، ويؤكدون وقوفهم إلى جانب إخوانهم السوريين في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء في سوريا أو في غزة.
غياب الدعم يعمق المأساة
ما يزيد من معاناة الفلسطينيين في عين ذكر هو غياب أي دعم حقيقي من المنظمات الدولية أو الجهات الحكومية. فحتى الآن، لم تقدم أي منظمة إغاثية مساعدات ملموسة لتحسين أوضاع البلدة، سواء في مجال التعليم أو الصحة أو البنية التحتية، وقد عبر السكان عن أملهم في أن يتم تسليط الضوء على معاناتهم، على أمل أن تتدخل جهات دولية أو منظمات إغاثية لتقديم الدعم اللازم، وقد أعربوا عن سعادتهم كون مجموعة العمل أول من تطوع لنقل معاناتهم التي لم تنتهِ،
في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في فرض سياسة الأمر الواقع في المنطقة التي تعيش على خط النار، بعيداً عن أي اهتمام سياسي أو إعلامي.