map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

"ما بكفي حررناكم؟! ".. شهادة محامٍ فلسطيني من مخيم اليرموك تروي مأساة التعفيش

تاريخ النشر : 06-08-2025
"ما بكفي حررناكم؟! ".. شهادة محامٍ فلسطيني من مخيم اليرموك تروي مأساة التعفيش

دمشق | مخيم اليرموك 
 تعود إلى الواجهة شهادات مؤلمة عن عمليات النهب المنظمة التي استهدفت المدنيين في مخيم اليرموك، حيث تعرض  على 2018 عقب إعلان النظام البائد سيطرته على جنوب دمشق وطرد تنظيم "داعش" للنهب والتعفيش، ودخلوا المنازل والمحلات التجارية ونهبوها بطريقة منظمة بدعم وتأييد من مسؤولي النظام وعلى مرأى أهالي المخيم.
وفي إحدى هذه الشهادات، يروي المحامي الفلسطيني "غياث دبور" أحد النازحين من مخيم اليرموك قصة "قهر وخيبة" عاشها في منتصف شهر رمضان من عام 2018، ويقول في شهادته على "فيس بوك": 
لن أنسى ما حييت ذلك اليوم المحفور في ذاكرتي، والممزوج بطعم القهر والخيبة والخذلان والعار، عندما قررتُ أن أُخرِج ما تبقى من أثاث بيتي المتهالك الذي أنهكته القذائف وأصوات الرصاص، ودنَّسته أيدي من يُسمون بـ "العفيشة"، وهم منتسبو "الفرقة الرابعة"، عندما غزوا الديار وعاثوا فيها فساداً.
تحت وطأة الدمار الذي حل بمنزله جراء القصف، قرر دبور إخراج ما تبقى من أثاثه المتضرر، ومع حرارة الصيف الحارقة وصيامه، بدأ هو وصاحب سيارة نقل صغيرة بإنزال الأثاث الذي كان مثقلاً بغبار الحرب وآثار الحرائق. 
يصف دبور مشهد سباقه مع الزمن و"العفيشة"، وهم المنتسبون للفرقة "الرابعة"، "في الصباح الباكر، كنا نتسابق مع الزمن ومع "العفيشة" بإنزال الأثاث، لكن بفرقٍ جليٍّ: بأننا كنا نعانق أشياء كأنها بقايا من روحنا المتعبة، وهم أي "العفيشة" يعتبرونها غنائم حرب وأعطيات ومكافآت لهم."
لكن فصلاً جديداً من المعاناة بدأ عند وصولهم إلى الشارع العام، "عندما امتلأت سيارة النقل بأحمالها وتوجهنا إلى الشارع العام، بدأت قصتُنا المفجعة وفصلٌ مؤلمٌ جديد مع الحواجز الطيارة، والتي كان عددها يتجاوز العشرة على ما أذكر، وكل حاجز يتبع جهة معينة، وكان يفصل كل حاجز عن الذي يليه أمتارٌ معدودة."
"يأتي رئيس الحاجز ويتفحص السيارة ويقدر حمولتها، ومن ثمّ يفرض مبلغاً جزافياً، وأنت مجبرٌ أن تدفع الإتاوة رغماً عنك، أو أن تُنزل الحمولة لتكون غنيمة لهم، أحد الحواجز لم أعد أذكر رقمه ولمن يتبع، شاهد سجادة زرقاء موضوعة بأعلى السيارة، فقال لي: "أريدها"، فقلت له: "إنها جديدة ولم يتسنَ لي أن أفرشها بعد في بيتي"، فقال: "إذن أعطني ثمنها"
ويضيف: شاهدت أناساً ينزِلون أثاثهم على جانبي الطريق لأنهم عجزوا عن تسديد مبالغ القهر هذه، كانت كل الوجوه متعبة، منهكة، غير مصدقة لما يحصل، وكأنه كابوس قد جثم على قلوبهم مع كائنات قلوبها كالحجارة، بل أشد قسوة. وكانت ذروة القصة المفجعة عند الحاجز الأخير الذي يحمل شعار "لواء القدس".
يروي دبور للسائق الطاعن في السن، وهو المصدوم غير المصدق لما يرى ويسمع: "هؤلاء يحملون اسم 'القدس' وقد يكونون أرحم ممن سبق"، ولكن بسرعة البرق كُذبت نبوءتي وكم كانت غبية وساذجة، فختامها لم يكن مسكاً بل كان مراً كالعلقم، إذ اتجه إلى السيارة مسخ قصير ممتلئ كالبرميل، ولكن خبثاً وخسّة، وقال بكل نذالة: "بدي الحلوان"، وعندما قلت له: "لم يتبقَ معي نقود"، أزبد وأرعد وقال لي: "ما بكفي حررناكم؟!"، فاستدنت من السائق الذي ما زال لا يصدق ما يسمع ويرى، وأنا أسأل نفسي: ما علاقة هذا المسخ بشعار "القدس"؟ 
انتهت القصة بوصول المحامي إلى منزله المستأجر في حي الميدان الدمشقي قبل الإفطار بدقائق، وهو في حالة من الإنهاك الجسدي والنفسي، غير قادر على التعبير عن شعوره بالقهر والعجز، ويقول: "وصلت وأنا بقايا إنسان يتصارع داخله إحساس التعب والعطش وشعور القهر والعجز، غير قادر على الكلام أو حتى التعبير، فقط شعرت وقتها أني قد جُرّدتُ من إنسانيتي من قبل وحوش قذرة"
تُعد هذه الشهادة تذكيراً قاسياً بآلام مئات الآلاف من أبناء مخيم اليرموك المدنيين الذين لم ينجوا من نار الحرب، وتعرضت ممتلكاتهم للنهب والتعفيش من قبل قوات النظام السوري البائد ومجموعاته الموالية، والتي حولت حياتهم إلى جحيم ما يزالوا يعيشون تحت وطأته حتى الآن.
وكانت قوات النظام البائد قد أعلنت رسميا بسط سيطرتها الكاملة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق في 21 مايو/أيار 2018، لتبدأ بعدها مباشرة عمليات تعفيش (سرقة) تلك المنطقة، كما جرت العادة لدى استعادة السيطرة على أي منطقة من قبل قوات النظام والمجموعات الموالية له.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21843

دمشق | مخيم اليرموك 
 تعود إلى الواجهة شهادات مؤلمة عن عمليات النهب المنظمة التي استهدفت المدنيين في مخيم اليرموك، حيث تعرض  على 2018 عقب إعلان النظام البائد سيطرته على جنوب دمشق وطرد تنظيم "داعش" للنهب والتعفيش، ودخلوا المنازل والمحلات التجارية ونهبوها بطريقة منظمة بدعم وتأييد من مسؤولي النظام وعلى مرأى أهالي المخيم.
وفي إحدى هذه الشهادات، يروي المحامي الفلسطيني "غياث دبور" أحد النازحين من مخيم اليرموك قصة "قهر وخيبة" عاشها في منتصف شهر رمضان من عام 2018، ويقول في شهادته على "فيس بوك": 
لن أنسى ما حييت ذلك اليوم المحفور في ذاكرتي، والممزوج بطعم القهر والخيبة والخذلان والعار، عندما قررتُ أن أُخرِج ما تبقى من أثاث بيتي المتهالك الذي أنهكته القذائف وأصوات الرصاص، ودنَّسته أيدي من يُسمون بـ "العفيشة"، وهم منتسبو "الفرقة الرابعة"، عندما غزوا الديار وعاثوا فيها فساداً.
تحت وطأة الدمار الذي حل بمنزله جراء القصف، قرر دبور إخراج ما تبقى من أثاثه المتضرر، ومع حرارة الصيف الحارقة وصيامه، بدأ هو وصاحب سيارة نقل صغيرة بإنزال الأثاث الذي كان مثقلاً بغبار الحرب وآثار الحرائق. 
يصف دبور مشهد سباقه مع الزمن و"العفيشة"، وهم المنتسبون للفرقة "الرابعة"، "في الصباح الباكر، كنا نتسابق مع الزمن ومع "العفيشة" بإنزال الأثاث، لكن بفرقٍ جليٍّ: بأننا كنا نعانق أشياء كأنها بقايا من روحنا المتعبة، وهم أي "العفيشة" يعتبرونها غنائم حرب وأعطيات ومكافآت لهم."
لكن فصلاً جديداً من المعاناة بدأ عند وصولهم إلى الشارع العام، "عندما امتلأت سيارة النقل بأحمالها وتوجهنا إلى الشارع العام، بدأت قصتُنا المفجعة وفصلٌ مؤلمٌ جديد مع الحواجز الطيارة، والتي كان عددها يتجاوز العشرة على ما أذكر، وكل حاجز يتبع جهة معينة، وكان يفصل كل حاجز عن الذي يليه أمتارٌ معدودة."
"يأتي رئيس الحاجز ويتفحص السيارة ويقدر حمولتها، ومن ثمّ يفرض مبلغاً جزافياً، وأنت مجبرٌ أن تدفع الإتاوة رغماً عنك، أو أن تُنزل الحمولة لتكون غنيمة لهم، أحد الحواجز لم أعد أذكر رقمه ولمن يتبع، شاهد سجادة زرقاء موضوعة بأعلى السيارة، فقال لي: "أريدها"، فقلت له: "إنها جديدة ولم يتسنَ لي أن أفرشها بعد في بيتي"، فقال: "إذن أعطني ثمنها"
ويضيف: شاهدت أناساً ينزِلون أثاثهم على جانبي الطريق لأنهم عجزوا عن تسديد مبالغ القهر هذه، كانت كل الوجوه متعبة، منهكة، غير مصدقة لما يحصل، وكأنه كابوس قد جثم على قلوبهم مع كائنات قلوبها كالحجارة، بل أشد قسوة. وكانت ذروة القصة المفجعة عند الحاجز الأخير الذي يحمل شعار "لواء القدس".
يروي دبور للسائق الطاعن في السن، وهو المصدوم غير المصدق لما يرى ويسمع: "هؤلاء يحملون اسم 'القدس' وقد يكونون أرحم ممن سبق"، ولكن بسرعة البرق كُذبت نبوءتي وكم كانت غبية وساذجة، فختامها لم يكن مسكاً بل كان مراً كالعلقم، إذ اتجه إلى السيارة مسخ قصير ممتلئ كالبرميل، ولكن خبثاً وخسّة، وقال بكل نذالة: "بدي الحلوان"، وعندما قلت له: "لم يتبقَ معي نقود"، أزبد وأرعد وقال لي: "ما بكفي حررناكم؟!"، فاستدنت من السائق الذي ما زال لا يصدق ما يسمع ويرى، وأنا أسأل نفسي: ما علاقة هذا المسخ بشعار "القدس"؟ 
انتهت القصة بوصول المحامي إلى منزله المستأجر في حي الميدان الدمشقي قبل الإفطار بدقائق، وهو في حالة من الإنهاك الجسدي والنفسي، غير قادر على التعبير عن شعوره بالقهر والعجز، ويقول: "وصلت وأنا بقايا إنسان يتصارع داخله إحساس التعب والعطش وشعور القهر والعجز، غير قادر على الكلام أو حتى التعبير، فقط شعرت وقتها أني قد جُرّدتُ من إنسانيتي من قبل وحوش قذرة"
تُعد هذه الشهادة تذكيراً قاسياً بآلام مئات الآلاف من أبناء مخيم اليرموك المدنيين الذين لم ينجوا من نار الحرب، وتعرضت ممتلكاتهم للنهب والتعفيش من قبل قوات النظام السوري البائد ومجموعاته الموالية، والتي حولت حياتهم إلى جحيم ما يزالوا يعيشون تحت وطأته حتى الآن.
وكانت قوات النظام البائد قد أعلنت رسميا بسط سيطرتها الكاملة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق في 21 مايو/أيار 2018، لتبدأ بعدها مباشرة عمليات تعفيش (سرقة) تلك المنطقة، كما جرت العادة لدى استعادة السيطرة على أي منطقة من قبل قوات النظام والمجموعات الموالية له.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/21843