مجموعة العمل - نضال الخليل
في بيت متصدع بذاكرة الغياب في مخيم اليرموك جلست أم محمد السهلي الفلسطينية السورية التي فقدت زوجها وأبناءها الأربعة في دوامة النزوح والحصار والاختفاء القسري
في حديثها تبدو الكلمات أثقل من الدموع محمّلة بحكاية عائلة كاملة عالقة بين الحياة والموت.
س: لنبدأ من زوجك أحمد السهلي. كيف اختفى؟
ج: أحمد أبو محمد غاب عام 2012 على حاجز الصفصاف في قدسيا كنا قد نزحنا مرات عديدة حتى وصلنا إلى الضاحية.
بعد سنة كاملة من البحث ذهبت إلى الشرطة العسكرية في القابون وهناك أخبروني أنه متوفى طلبوا مني إصدار أوراق وفاته في النفوس لكني رفضت
لم أقبل أن أُسجل موته بورقة بينما لا قبر له ولا أثر حتى اليوم اسمه ما زال في بيان العائلة حيّاً معلقاً في الغياب.
س: هادي ابنك الأكبر ما الذي جرى له؟
ج: هادي، تولد 1976 كان مدافعاً عن المخيم وأهله في عام 2016 جاءت سيارة إلى مخيم اليرموك وأخذته ولم يعد
كان متزوجاً وله طفلان منذ ذلك اليوم لم يصلنا أي خبر عنه أولاده يكبرون بلا أب وأنا أراه في ضحكاتهم لكن مصيره مجهول
س: ومحمود، ابنك الثاني؟
ج: محمود تولد 1990 أحب فتاة وخطبها
ذهبنا معاً لإتمام معاملة الزواج في دائرة النفوس بمنطقة عين كرش وهناك اعتقلوه أمامي أخذوه إلى فرع فلسطين كان ذلك بعد أشهر قليلة من اختفاء هادي منذ 2016 حتى اليوم لا أثر له اسمه لم يظهر في قوائم المعتقلين ولا في أي وثيقة كأنه اختفى من الوجود.
س: ماذا عن ابنتيك رشا وليالي؟
ج: رشا تولد 1983 وليالي تولد 1985 في عام 2013 كانت ليالي تزور أختها في بيتها حينها اقتحم عناصر مفرزة الدفاع المدني في التضامن المنزل واعتقلوا الاثنتين
بعد تحرٍّ وسؤال أخبرنا شهود أنهما من ضحايا مجزرة التضامن تحت إشراف المدعو أبو منتجب لكن حتى اليوم لا أوراق تثبت موتهما ولا أسماء في السجلات في النفوس هما ما زالتا أحياء وأنا أتمسك بهذه الحقيقة.
س: كيف تصفين حياتك اليوم بعد كل هذا الغياب؟
ج: عدت إلى بيتنا في المخيم وحيدة لا زوج لا أبناء لا بنات لكني ما زلت أماً وزوجة لأنهم لم يعودوا موتى في نظري كل لحظة أنتظر طرقاً على الباب يخبرني أن أحدهم رجع
أعيش على الأمل ولو كان أملًا مستحيلاً.
س: هل تفكرين يوماً في تسجيل وفاتهم رسمياً؟
ج: لا إذا سجلتهم كأموات سأكون أنا من محاهم لا أريد أن أشارك في دفنهم بالنسبة لي هم أحياء حتى يعودوا.
في نهاية المقابلة بدا الانتظار في عيني أم محمد أثقل من الحكاية نفسها هي ليست فقط شاهدة على مأساة أسرة واحدة بل صورة لمئات العائلات الفلسطينية السورية التي ما زالت عالقة بين أرشيف النفوس الصامت وأبواب البيوت التي لم تُطرق بعد.
مجموعة العمل - نضال الخليل
في بيت متصدع بذاكرة الغياب في مخيم اليرموك جلست أم محمد السهلي الفلسطينية السورية التي فقدت زوجها وأبناءها الأربعة في دوامة النزوح والحصار والاختفاء القسري
في حديثها تبدو الكلمات أثقل من الدموع محمّلة بحكاية عائلة كاملة عالقة بين الحياة والموت.
س: لنبدأ من زوجك أحمد السهلي. كيف اختفى؟
ج: أحمد أبو محمد غاب عام 2012 على حاجز الصفصاف في قدسيا كنا قد نزحنا مرات عديدة حتى وصلنا إلى الضاحية.
بعد سنة كاملة من البحث ذهبت إلى الشرطة العسكرية في القابون وهناك أخبروني أنه متوفى طلبوا مني إصدار أوراق وفاته في النفوس لكني رفضت
لم أقبل أن أُسجل موته بورقة بينما لا قبر له ولا أثر حتى اليوم اسمه ما زال في بيان العائلة حيّاً معلقاً في الغياب.
س: هادي ابنك الأكبر ما الذي جرى له؟
ج: هادي، تولد 1976 كان مدافعاً عن المخيم وأهله في عام 2016 جاءت سيارة إلى مخيم اليرموك وأخذته ولم يعد
كان متزوجاً وله طفلان منذ ذلك اليوم لم يصلنا أي خبر عنه أولاده يكبرون بلا أب وأنا أراه في ضحكاتهم لكن مصيره مجهول
س: ومحمود، ابنك الثاني؟
ج: محمود تولد 1990 أحب فتاة وخطبها
ذهبنا معاً لإتمام معاملة الزواج في دائرة النفوس بمنطقة عين كرش وهناك اعتقلوه أمامي أخذوه إلى فرع فلسطين كان ذلك بعد أشهر قليلة من اختفاء هادي منذ 2016 حتى اليوم لا أثر له اسمه لم يظهر في قوائم المعتقلين ولا في أي وثيقة كأنه اختفى من الوجود.
س: ماذا عن ابنتيك رشا وليالي؟
ج: رشا تولد 1983 وليالي تولد 1985 في عام 2013 كانت ليالي تزور أختها في بيتها حينها اقتحم عناصر مفرزة الدفاع المدني في التضامن المنزل واعتقلوا الاثنتين
بعد تحرٍّ وسؤال أخبرنا شهود أنهما من ضحايا مجزرة التضامن تحت إشراف المدعو أبو منتجب لكن حتى اليوم لا أوراق تثبت موتهما ولا أسماء في السجلات في النفوس هما ما زالتا أحياء وأنا أتمسك بهذه الحقيقة.
س: كيف تصفين حياتك اليوم بعد كل هذا الغياب؟
ج: عدت إلى بيتنا في المخيم وحيدة لا زوج لا أبناء لا بنات لكني ما زلت أماً وزوجة لأنهم لم يعودوا موتى في نظري كل لحظة أنتظر طرقاً على الباب يخبرني أن أحدهم رجع
أعيش على الأمل ولو كان أملًا مستحيلاً.
س: هل تفكرين يوماً في تسجيل وفاتهم رسمياً؟
ج: لا إذا سجلتهم كأموات سأكون أنا من محاهم لا أريد أن أشارك في دفنهم بالنسبة لي هم أحياء حتى يعودوا.
في نهاية المقابلة بدا الانتظار في عيني أم محمد أثقل من الحكاية نفسها هي ليست فقط شاهدة على مأساة أسرة واحدة بل صورة لمئات العائلات الفلسطينية السورية التي ما زالت عالقة بين أرشيف النفوس الصامت وأبواب البيوت التي لم تُطرق بعد.