map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

فلسطينيّو سورية في لبنان.. مأزق الوجود القانوني والمستقبل الضائع

تاريخ النشر : 31-10-2025
فلسطينيّو سورية في لبنان.. مأزق الوجود القانوني والمستقبل الضائع

مجموعة العمل - ظــاهـر صالح

يواجه أكثر من 23 ألف لاجئ فلسطيني، هُجِّروا من سورية إلى لبنان، أزمة وجودية وإنسانية وقانونية خانقة بعد أن أصبحوا مشردين مرتين. الخطر الأكبر الذي يتهددهم حاليًا هو نزع صفتهم القانونية وتحويلهم تدريجيًا إلى "مخالفين" معرضين للترحيل القسري، مما يسلبهم أبسط حقوقهم الإنسانية والمدنية، بما في ذلك الحق في العمل والتنقل والتعليم. يحلل هذا التقرير جذور الأزمة، ويعرض تأثيراتها المباشرة على حياة الأفراد، ويسلط الضوء على فشل آليات التنسيق الإنساني والسياسي، مقدماً دعوة عاجلة لوضع خطة إنقاذ شاملة.

الإطار العام للأزمة.. من لجوء ثانٍ إلى "برزخ" قانوني

تتجلّى أبعاد المأساة الوجودية للاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان منذ اندلاع الثورة في سورية، حيث لجأ الآلاف منهم هربًا من القصف والتدمير، ولا سيما القادمون من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. استقبلهم لبنان، الذي كان يستضيف أصلًا مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، على أساس استثنائي، إلاّ أن هذا الاستثناء لم يُترجم إلى وضع قانوني مستدام.

يكمن جوهر هذه الأزمة القاتلة في انتهاء صلاحية وثائق الإقامة والأوراق القانونية وتجميدها. هذه الوثائق إما أنه لا يمكن تجديدها بسهولة، أو قد يعترض طريق تجديدها تعقيد من الجهات اللبنانية الرسمية. هذا التحول من وضع "طالب حماية إنسانية" إلى وضع "مخالف للقانون" يعرّض هذه الفئة الهشة للمساءلة بموجب التشريعات اللبنانية، مما يترتب عليه ما يلي:

الملاحقة والتوقيف: شعور دائم بالخوف من حواجز التفتيش الأمنية.

الحرمان من الحقوق الأساسية: تعليق الحق في العمل الرسمي، والتنقل الآمن، والتعليم العالي، والوصول إلى الخدمات الصحية غير الطارئة.

الابتزاز والاستغلال: الوقوع ضحية للاستغلال في سوق العمل غير الرسمي.

إحصائيات وأرقام مُقلقة

وفقًا لأحدث التقديرات، يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين من سورية المسجلين لدى وكالة الأونروا في لبنان نحو 23,300 لاجئ، نسبة كبيرة منهم تعيش في فقر مُدقع، وتفتقر إلى الوضع القانوني السليم. تشير التقارير الإنسانية إلى أن معدلات البطالة والفقر بين هذه الفئة تفوق المعدلات العامة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لتصل إلى مستويات كارثية.

التأثيرات المباشرة: الاقتصاد، التنقل، والكرامة الإنسانية

إن فقدان الوضع القانوني هو الحجر الذي بسقوطه تنهار معه كل الحقوق الأخرى.

نزيف الحق في العمل وتفشي الفقر المُدقع

شهادة "أبو ربيع" من مخيم برج البراجنة تعكس واقع الآلاف من العمال الفلسطينيين. العمل في "السوق السوداء" هو الخيار الوحيد، وهذا الخيار يعني:

تدني الأجور بشكل غير إنساني: استغلال الحاجة المُلحة للاجئ، مما يدفعه لقبول أجور لا تتناسب مع الحد الأدنى للأجور أو حتى تكاليف المعيشة الأساسية.

غياب الحماية القانونية: لا تأمينات اجتماعية، ولا تعويضات، ولا حماية من الإصابات المهنية.

مضاعفة معدلات الفقر: يتحولون إلى عمالة رخيصة ومستغَلة، مما يرسخ وضعهم كفقراء دائمين.

البطالة المقنّعة والعلنية تضرب بعمق في أوساطهم.

كابوس التنقل اليومي

أصبح التنقل الضروري بين المخيمات والمناطق الحضرية، سواء للعمل أو العلاج، مهمة محفوفة بالمخاطر؛ فعلى اللاجئين أن يواجهوا: الخوف من التوقيف والاحتجاز لعدم حيازة وثائق سارية المفعول، والتعرض لسوء المعاملة أو الابتزاز المادي بسبب عدم امتلاكهم إقامة شرعية، مما يجردهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.

خسارة المستقبل: التعليم العالي الضائع

تتجلى القسوة الأكبر في حرمان جيل كامل من الشباب والطلاب من التعليم العالي. شهادة الفتاة سامية (اسم مستعار) تُجسِّد هذه المأساة:

الرفض الأكاديمي: الجامعات اللبنانية، سواء الخاصة أو العامة، ترفض تسجيل الطلاب الذين لا يملكون إقامة قانونية سارية، حتى لو كانوا من الأوائل.

أزمة جيل بأكمله: هذا الحرمان لا يعني فشلًا ماديًا فحسب، بل هو "نزع لصفة الإنسان" ونزع للأمل. هذا الجيل، المحروم من المستقبل، يُدفَع إلى اليأس، مما يزيد من احتمالية انخراطه في أنشطة غير مشروعة أو لجوئه إلى الهجرة غير النظامية عبر قوارب الموت.

فشل التنسيق والمسؤولية الضائعة

إن الأزمة ليست وليدة نقص المعونات، بل هي نتاج فشل ذريع في التنسيق السياسي والإنساني.

عجز وكالة "الأونروا" أمام الواقع المرير

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يقع على عاتقها مسؤولية حماية هذه الفئة، لكنها تُتَّهم "بالعجز والحياد" في معركة وجودية هي من صميم عملها.

التعبير عن القلق ليس حلًا: يرى اللاجئون الفلسطينيون أن وكالة "الأونروا" تكتفي بالبيانات الصحفية والاجتماعات الروتينية دون تفعيل برنامج طوارئ دبلوماسي وإنساني يضمن الوضع القانوني.

الميزانية كذريعة: على الرغم من الأزمة المالية التي تمر بها وكالة "الأونروا"، فإن تكاليف إنجاز الوثائق القانونية زهيدة جدًا مقارنة بميزانيات الإغاثة. القضية هي قضية تنسيق ودبلوماسية مع الأمن العام اللبناني والجهات الرسمية، وليست قضية مادية بحتة.

غياب المرجعيات الفلسطينية

تتحمل المرجعيات والفصائل الفلسطينية مسؤولية إدارة مفاوضات تضع ملف الإقامة على رأس جدول أعمالها مع الحكومة اللبنانية.

موقف الحكومة اللبنانية: التشدد القانوني لأسباب أمنية وسياسية

يُشدد الأمن العام اللبناني على تطبيق القوانين، غالبًا لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية معقدة تتعلق بالتوازن الديمغرافي والضغط على سوق العمل. ومع ذلك، فإن تطبيق القانون يجب ألا يتنافى مع الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية والالتزامات الدولية.

التوصيات العاجلة

التوصيات العاجلة لوكالة "الأونروا"

برنامج طوارئ قانوني فوري: على الأونروا تفعيل برنامج طوارئ خاص بالتنسيق المباشر والفعال مع المديرية العامة للأمن العام اللبناني لتأمين إقامة قانونية مؤقتة وشاملة ومجانية أو رمزية التكلفة لجميع فلسطينيي سورية، تتيح لهم العمل والسكن بأمان.

التوصيات العاجلة للمرجعيات الفلسطينية

أولوية التفاوض: تحويل ملف "الوثائق والإقامة" إلى أولوية قصوى والتفاوض الفعال والمباشر لإنتاج حل جذري ومستدام بالتعاون مع السلطات اللبنانية.

ختاماً.. إن الاختبار الحقيقي لإنسانية وكالة "الأونروا"، والمرجعيات الفلسطينية، والمجتمع الدولي، لم يعد في حجم المعونات الغذائية، بل في قدرتهم على إخراج هذه العائلات من دائرة الوجود غير الشرعي، وتأمين الوضع القانوني المؤقت، وألّا يقفوا على الحياد.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22214

مجموعة العمل - ظــاهـر صالح

يواجه أكثر من 23 ألف لاجئ فلسطيني، هُجِّروا من سورية إلى لبنان، أزمة وجودية وإنسانية وقانونية خانقة بعد أن أصبحوا مشردين مرتين. الخطر الأكبر الذي يتهددهم حاليًا هو نزع صفتهم القانونية وتحويلهم تدريجيًا إلى "مخالفين" معرضين للترحيل القسري، مما يسلبهم أبسط حقوقهم الإنسانية والمدنية، بما في ذلك الحق في العمل والتنقل والتعليم. يحلل هذا التقرير جذور الأزمة، ويعرض تأثيراتها المباشرة على حياة الأفراد، ويسلط الضوء على فشل آليات التنسيق الإنساني والسياسي، مقدماً دعوة عاجلة لوضع خطة إنقاذ شاملة.

الإطار العام للأزمة.. من لجوء ثانٍ إلى "برزخ" قانوني

تتجلّى أبعاد المأساة الوجودية للاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان منذ اندلاع الثورة في سورية، حيث لجأ الآلاف منهم هربًا من القصف والتدمير، ولا سيما القادمون من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. استقبلهم لبنان، الذي كان يستضيف أصلًا مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، على أساس استثنائي، إلاّ أن هذا الاستثناء لم يُترجم إلى وضع قانوني مستدام.

يكمن جوهر هذه الأزمة القاتلة في انتهاء صلاحية وثائق الإقامة والأوراق القانونية وتجميدها. هذه الوثائق إما أنه لا يمكن تجديدها بسهولة، أو قد يعترض طريق تجديدها تعقيد من الجهات اللبنانية الرسمية. هذا التحول من وضع "طالب حماية إنسانية" إلى وضع "مخالف للقانون" يعرّض هذه الفئة الهشة للمساءلة بموجب التشريعات اللبنانية، مما يترتب عليه ما يلي:

الملاحقة والتوقيف: شعور دائم بالخوف من حواجز التفتيش الأمنية.

الحرمان من الحقوق الأساسية: تعليق الحق في العمل الرسمي، والتنقل الآمن، والتعليم العالي، والوصول إلى الخدمات الصحية غير الطارئة.

الابتزاز والاستغلال: الوقوع ضحية للاستغلال في سوق العمل غير الرسمي.

إحصائيات وأرقام مُقلقة

وفقًا لأحدث التقديرات، يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين من سورية المسجلين لدى وكالة الأونروا في لبنان نحو 23,300 لاجئ، نسبة كبيرة منهم تعيش في فقر مُدقع، وتفتقر إلى الوضع القانوني السليم. تشير التقارير الإنسانية إلى أن معدلات البطالة والفقر بين هذه الفئة تفوق المعدلات العامة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لتصل إلى مستويات كارثية.

التأثيرات المباشرة: الاقتصاد، التنقل، والكرامة الإنسانية

إن فقدان الوضع القانوني هو الحجر الذي بسقوطه تنهار معه كل الحقوق الأخرى.

نزيف الحق في العمل وتفشي الفقر المُدقع

شهادة "أبو ربيع" من مخيم برج البراجنة تعكس واقع الآلاف من العمال الفلسطينيين. العمل في "السوق السوداء" هو الخيار الوحيد، وهذا الخيار يعني:

تدني الأجور بشكل غير إنساني: استغلال الحاجة المُلحة للاجئ، مما يدفعه لقبول أجور لا تتناسب مع الحد الأدنى للأجور أو حتى تكاليف المعيشة الأساسية.

غياب الحماية القانونية: لا تأمينات اجتماعية، ولا تعويضات، ولا حماية من الإصابات المهنية.

مضاعفة معدلات الفقر: يتحولون إلى عمالة رخيصة ومستغَلة، مما يرسخ وضعهم كفقراء دائمين.

البطالة المقنّعة والعلنية تضرب بعمق في أوساطهم.

كابوس التنقل اليومي

أصبح التنقل الضروري بين المخيمات والمناطق الحضرية، سواء للعمل أو العلاج، مهمة محفوفة بالمخاطر؛ فعلى اللاجئين أن يواجهوا: الخوف من التوقيف والاحتجاز لعدم حيازة وثائق سارية المفعول، والتعرض لسوء المعاملة أو الابتزاز المادي بسبب عدم امتلاكهم إقامة شرعية، مما يجردهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.

خسارة المستقبل: التعليم العالي الضائع

تتجلى القسوة الأكبر في حرمان جيل كامل من الشباب والطلاب من التعليم العالي. شهادة الفتاة سامية (اسم مستعار) تُجسِّد هذه المأساة:

الرفض الأكاديمي: الجامعات اللبنانية، سواء الخاصة أو العامة، ترفض تسجيل الطلاب الذين لا يملكون إقامة قانونية سارية، حتى لو كانوا من الأوائل.

أزمة جيل بأكمله: هذا الحرمان لا يعني فشلًا ماديًا فحسب، بل هو "نزع لصفة الإنسان" ونزع للأمل. هذا الجيل، المحروم من المستقبل، يُدفَع إلى اليأس، مما يزيد من احتمالية انخراطه في أنشطة غير مشروعة أو لجوئه إلى الهجرة غير النظامية عبر قوارب الموت.

فشل التنسيق والمسؤولية الضائعة

إن الأزمة ليست وليدة نقص المعونات، بل هي نتاج فشل ذريع في التنسيق السياسي والإنساني.

عجز وكالة "الأونروا" أمام الواقع المرير

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يقع على عاتقها مسؤولية حماية هذه الفئة، لكنها تُتَّهم "بالعجز والحياد" في معركة وجودية هي من صميم عملها.

التعبير عن القلق ليس حلًا: يرى اللاجئون الفلسطينيون أن وكالة "الأونروا" تكتفي بالبيانات الصحفية والاجتماعات الروتينية دون تفعيل برنامج طوارئ دبلوماسي وإنساني يضمن الوضع القانوني.

الميزانية كذريعة: على الرغم من الأزمة المالية التي تمر بها وكالة "الأونروا"، فإن تكاليف إنجاز الوثائق القانونية زهيدة جدًا مقارنة بميزانيات الإغاثة. القضية هي قضية تنسيق ودبلوماسية مع الأمن العام اللبناني والجهات الرسمية، وليست قضية مادية بحتة.

غياب المرجعيات الفلسطينية

تتحمل المرجعيات والفصائل الفلسطينية مسؤولية إدارة مفاوضات تضع ملف الإقامة على رأس جدول أعمالها مع الحكومة اللبنانية.

موقف الحكومة اللبنانية: التشدد القانوني لأسباب أمنية وسياسية

يُشدد الأمن العام اللبناني على تطبيق القوانين، غالبًا لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية معقدة تتعلق بالتوازن الديمغرافي والضغط على سوق العمل. ومع ذلك، فإن تطبيق القانون يجب ألا يتنافى مع الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية والالتزامات الدولية.

التوصيات العاجلة

التوصيات العاجلة لوكالة "الأونروا"

برنامج طوارئ قانوني فوري: على الأونروا تفعيل برنامج طوارئ خاص بالتنسيق المباشر والفعال مع المديرية العامة للأمن العام اللبناني لتأمين إقامة قانونية مؤقتة وشاملة ومجانية أو رمزية التكلفة لجميع فلسطينيي سورية، تتيح لهم العمل والسكن بأمان.

التوصيات العاجلة للمرجعيات الفلسطينية

أولوية التفاوض: تحويل ملف "الوثائق والإقامة" إلى أولوية قصوى والتفاوض الفعال والمباشر لإنتاج حل جذري ومستدام بالتعاون مع السلطات اللبنانية.

ختاماً.. إن الاختبار الحقيقي لإنسانية وكالة "الأونروا"، والمرجعيات الفلسطينية، والمجتمع الدولي، لم يعد في حجم المعونات الغذائية، بل في قدرتهم على إخراج هذه العائلات من دائرة الوجود غير الشرعي، وتأمين الوضع القانوني المؤقت، وألّا يقفوا على الحياد.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22214