map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

داعل. مدينة سورية تحمل في قلبها حكاية فلسطينية

تاريخ النشر : 13-11-2025
داعل. مدينة سورية تحمل في قلبها حكاية فلسطينية

فايز أبو عيد مجموعة العمل

تقع مدينة داعل في محافظة درعا السورية، على الطريق الدولي القديم الذي يربط بين دمشق ودرعا، مما يمنحها موقعًا استراتيجيا وحيويا.

تحدها من الجنوب بلدة عتمان، ومن الشمال بلدة إبطع، ومن الشرق خربة غزالة، ومن الغرب مدينة طفس. وهي من المدن التاريخية العريقة، حيث تنتشر فيها الآثار الرومانية، وتتميز بسهولها الخضراء الخصبة ومزارعها المتنوعة، ما جعل الزراعة إلى جانب التجارة مصدر رزق رئيسي لأهلها.

حكاية الفلسطينية في داعل

بدأ التواجد الفلسطيني في داعل قبل النكبة وبعدها، حيث تشير الروايات المحلية إلى أن بعض العائلات في داعل أصولها تعود إلى فلسطين، تحديدا من مدينة "إجزم" الفلسطينية المحتلة، مثل عائلة "أبو خديجة" التي عُرفت لاحقًا بكنية "الفقير".

وقد ازداد هذا التواجد بعد نكبة 1948، حيث استقرت عائلات فلسطينية في المدينة، لتصبح جزءا أصيلا من نسيجها الاجتماعي، متشاركة مع إخوتها السوريين في الفرح والترح.

يقدر عدد العائلات الفلسطينية في داعل بحوالي 20 عائلة بتعداد يقارب ال100، في مدينة يبلغ عدد سكانها قرابة 55 ألف نسمة، من أبرز هذه العائلات: الغزاوي، النابلسي، الفقير، العزازمة، الحمارشه، الحيفاوي، الطيراري.

دورها ومعاناتها خلال الثورة السورية

كان لموقع داعل الاستراتيجي على الطريق الدولي وموقفها المناهض للنظام السوري ثمنا باهظا.

خلال سنوات الحرب (2011-2018)، تحولت المدينة إلى ساحة مواجهات عنيفة وقصف مكثف، مما أدى إلى تهجير الغالبية العظمى من سكانها، سوريين وفلسطينيين على حد سواء، لتصبح "مدينة أشباح" لبعض الوقت.

لم يسلم الفلسطينيون من هذه الويلات، حيث عانوا من تهجير داخلي، فقد فرّ الكثيرون إلى مخيمات النزوح الداخلي مثل "معسكر زيزون"، بينما لجأ آخرون إلى العاصمة دمشق.

كما عانوا من تهجير خارجي، إذ غادر عدد كبير منهم البلاد تماما نحو تركيا أو أوروبا سعيا للأمان وفرص العيش، مما أدى إلى تناقص ملحوظ في أعداد الجالية.

التحديات

مع عودة نسبية للهدوء بعد اتفاقيات التسوية عام 2018، عاد العديد من السكان إلى مدينتهم، لكنهم وجدوا واقعا اقتصاديا ومعيشيا صعبا للغاية، تفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية العامة في سوريا.

1.  الوضع الاقتصادي: اشتهر الفلسطينيون في داعل، مثلهم مثل باقي أبناء المدينة، بمهن مختلفة أهمها مهنة "ميكانيك السيارات وإصلاحها"، والتي كانت مصدر رزق رئيسي، ومع انهيار الاقتصاد، أصبح هذا المصدر هشًا وغير كافٍ، يعتمد من بقي على المساعدات التي تقدمها "الأونروا" بالإضافة إلى التحويلات المالية من أبنائهم في الخارج.

2.  الوضع الصحي: تفتقر داعل لمراكز طبية متطورة، مما يضطر المرضى، بما فيهم الفلسطينيون، إلى السفر إلى مدن مجاورة مثل درعا أو دمشق لتلقي العلاج، مما يزيد من التكاليف والمعاناة.

3. الوضع التعليمي: لا توجد مدارس تابعة لـ"الأونروا" في داعل، مما يضطر الطلاب الفلسطينيين للالتحاق بالمدارس الحكومية السورية، والتي تعاني بدورها من نقص في الإمكانيات بعد سنوات الحرب.

4.  تحديات المعيشة: يعاني الجميع من شح حاد في المياه والكهرباء، إذ يضطر السكان لشراء المياه عبر الصهاريج، وهو عبء مالي إضافي، والاعتماد على الطاقة البديلة مثل الألواح الشمسية التي تعد استثمارًا مكلفًا.

تمثال الأم الحورانية

في قلب مدينة داعل الحورانية بدرعا، يقف تمثال "الأم الحورانية" منحوت الفنان شحادة أبازيد (1983) شاهداً على جرائم الحرب، حيث يروي قصة استشهاد أكثر من 70 من أبناء المدينة في قصف إسرائيلي وحشي عام 1973، جاء بسبب وجود عناصر للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم القائد ياسر عرفات. التمثال يخلد لحظة تجسد أسمى معاني الصمود المشترك، حيث تظهر الأم وهي تحتضن طفلها الوحيد الباقي بصلابةٍ لا تقهر أمام جثث أشقائه، لترسم صورة الأم السورية والحورانية والفلسطينية التي لا تنكسر، والتي تظلّ أرضها وشعبها صامدين في وجه النكبات، لتكون داعل بذلك رمزاً للقضية الواحدة والدمّ الواحد على أرضٍ تروي حكاية صمودٍ تتشاركها سوريا وفلسطين.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22278

فايز أبو عيد مجموعة العمل

تقع مدينة داعل في محافظة درعا السورية، على الطريق الدولي القديم الذي يربط بين دمشق ودرعا، مما يمنحها موقعًا استراتيجيا وحيويا.

تحدها من الجنوب بلدة عتمان، ومن الشمال بلدة إبطع، ومن الشرق خربة غزالة، ومن الغرب مدينة طفس. وهي من المدن التاريخية العريقة، حيث تنتشر فيها الآثار الرومانية، وتتميز بسهولها الخضراء الخصبة ومزارعها المتنوعة، ما جعل الزراعة إلى جانب التجارة مصدر رزق رئيسي لأهلها.

حكاية الفلسطينية في داعل

بدأ التواجد الفلسطيني في داعل قبل النكبة وبعدها، حيث تشير الروايات المحلية إلى أن بعض العائلات في داعل أصولها تعود إلى فلسطين، تحديدا من مدينة "إجزم" الفلسطينية المحتلة، مثل عائلة "أبو خديجة" التي عُرفت لاحقًا بكنية "الفقير".

وقد ازداد هذا التواجد بعد نكبة 1948، حيث استقرت عائلات فلسطينية في المدينة، لتصبح جزءا أصيلا من نسيجها الاجتماعي، متشاركة مع إخوتها السوريين في الفرح والترح.

يقدر عدد العائلات الفلسطينية في داعل بحوالي 20 عائلة بتعداد يقارب ال100، في مدينة يبلغ عدد سكانها قرابة 55 ألف نسمة، من أبرز هذه العائلات: الغزاوي، النابلسي، الفقير، العزازمة، الحمارشه، الحيفاوي، الطيراري.

دورها ومعاناتها خلال الثورة السورية

كان لموقع داعل الاستراتيجي على الطريق الدولي وموقفها المناهض للنظام السوري ثمنا باهظا.

خلال سنوات الحرب (2011-2018)، تحولت المدينة إلى ساحة مواجهات عنيفة وقصف مكثف، مما أدى إلى تهجير الغالبية العظمى من سكانها، سوريين وفلسطينيين على حد سواء، لتصبح "مدينة أشباح" لبعض الوقت.

لم يسلم الفلسطينيون من هذه الويلات، حيث عانوا من تهجير داخلي، فقد فرّ الكثيرون إلى مخيمات النزوح الداخلي مثل "معسكر زيزون"، بينما لجأ آخرون إلى العاصمة دمشق.

كما عانوا من تهجير خارجي، إذ غادر عدد كبير منهم البلاد تماما نحو تركيا أو أوروبا سعيا للأمان وفرص العيش، مما أدى إلى تناقص ملحوظ في أعداد الجالية.

التحديات

مع عودة نسبية للهدوء بعد اتفاقيات التسوية عام 2018، عاد العديد من السكان إلى مدينتهم، لكنهم وجدوا واقعا اقتصاديا ومعيشيا صعبا للغاية، تفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية العامة في سوريا.

1.  الوضع الاقتصادي: اشتهر الفلسطينيون في داعل، مثلهم مثل باقي أبناء المدينة، بمهن مختلفة أهمها مهنة "ميكانيك السيارات وإصلاحها"، والتي كانت مصدر رزق رئيسي، ومع انهيار الاقتصاد، أصبح هذا المصدر هشًا وغير كافٍ، يعتمد من بقي على المساعدات التي تقدمها "الأونروا" بالإضافة إلى التحويلات المالية من أبنائهم في الخارج.

2.  الوضع الصحي: تفتقر داعل لمراكز طبية متطورة، مما يضطر المرضى، بما فيهم الفلسطينيون، إلى السفر إلى مدن مجاورة مثل درعا أو دمشق لتلقي العلاج، مما يزيد من التكاليف والمعاناة.

3. الوضع التعليمي: لا توجد مدارس تابعة لـ"الأونروا" في داعل، مما يضطر الطلاب الفلسطينيين للالتحاق بالمدارس الحكومية السورية، والتي تعاني بدورها من نقص في الإمكانيات بعد سنوات الحرب.

4.  تحديات المعيشة: يعاني الجميع من شح حاد في المياه والكهرباء، إذ يضطر السكان لشراء المياه عبر الصهاريج، وهو عبء مالي إضافي، والاعتماد على الطاقة البديلة مثل الألواح الشمسية التي تعد استثمارًا مكلفًا.

تمثال الأم الحورانية

في قلب مدينة داعل الحورانية بدرعا، يقف تمثال "الأم الحورانية" منحوت الفنان شحادة أبازيد (1983) شاهداً على جرائم الحرب، حيث يروي قصة استشهاد أكثر من 70 من أبناء المدينة في قصف إسرائيلي وحشي عام 1973، جاء بسبب وجود عناصر للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم القائد ياسر عرفات. التمثال يخلد لحظة تجسد أسمى معاني الصمود المشترك، حيث تظهر الأم وهي تحتضن طفلها الوحيد الباقي بصلابةٍ لا تقهر أمام جثث أشقائه، لترسم صورة الأم السورية والحورانية والفلسطينية التي لا تنكسر، والتي تظلّ أرضها وشعبها صامدين في وجه النكبات، لتكون داعل بذلك رمزاً للقضية الواحدة والدمّ الواحد على أرضٍ تروي حكاية صمودٍ تتشاركها سوريا وفلسطين.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22278