map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

القصة النادرة لعائلة فلسطينية وحيدة في بلدة الشجرة في حوض اليرموك بدرعا

تاريخ النشر : 21-11-2025
القصة النادرة لعائلة فلسطينية وحيدة في بلدة الشجرة في حوض اليرموك بدرعا

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

في قلب المشـهد الديموغرافي الفلسطيني في سوريا، حيث تتراصُّ المخيمات كحكايات متشابكة الجذور، يعتاد القلـم والذاكرة أن يوجِّها الأنظار إلى تجمُّعات معروفة: مخيم درعا، المزيريب، وجلين… أيقوناتُ صمودٍ أصبحت مرادفةً للهوية والانتماء.

لكنْ، ثمّة حكاية أخرى تُروى هنا… حكاية تخرج عن المألوف، وتختـزل في طياتها ندرةً تستحقُّ الوقوف عندها.

إنها حكاية عائلة فلسطينية واحدة… تقطن في قرية "الشجرة" النائية في حوض اليرموك، بعيداً عن الضوضاء والتجمُّعات، لتصنع وجوداً استثنائياً يشبه إلى حدٍّ كبير حكاية عائلة "أبو جعادة" في معرية، التي أشرنا إليها في تقرير سابق.

هذه ليست مجرّد أسرة تعيش في مكان منعزل… بل هي قصّة انتماء مختلف، وصمود صامت، تستحقّ منّا أن نفتح لها نافذة الضوء.

البحث عن الإبرة في كومة القش

كان اكتشاف وجود عائلة "منيزل" الفلسطينية في الشجرة ثمرة جهد مضنٍ وبحث شاق، قادته مجموعة عمل ملتزمة.

لم يكن الهدف مجرد كتابة تقرير صحفي عابر، بل كان السعي نبيلاً، وهو نقل المعاناة الفلسطينية الخفية وإظهارها للعالم، والتأكيد على أن الحقوق والخدمات يجب أن تصل إلى كل فلسطيني، أينما كان، وليس فقط إلى سكان المخيمات الكبرى.

واجه الفريق صعوبات جمة؛ من رفض الكثيرين الحديث عن الموضوع خوفاً أو حذراً، وإلى ساعات من التفتيش والاستقصاء.

لقد استُخدمت كل السبل: التواصل مع مكاتب "الأونروا"، زيارة مراسل مجموعة العمل للمدارس، والسؤال المباشر في القرية، بل ووصل الأمر إلى سؤال سائقي الحافلات "السرافيس" (المواصلات العامة).

كان الأمر متعباً، لكن الإصرار على إنجازه كان أقوى، مدفوعاً بقناعة راسخة بأن الفلسطيني له حق في أن يُرى ويُسمع، حيثما وجد.

إطار جغرافي وتاريخي

قبل الحديث عن العائلة، يجب فهم الإطار الذي تعيش فيه، بلدة الشجرة، هي ناحية سورية إدارية تتبع محافظة درعا، تقع على مثلث الحدود الأردنية السورية الفلسطينية، وتطل على وادي اليرموك وبحيرة طبريا، وهي منطقة زراعية خصبة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة، خاصة في الربيع، وتضم عدداً من السدود المهمة مثل سد الوحدة المشترك مع الأردن.

 يعود اسم القرية، حسب روايات كبار السن، إلى وجود شجرة عملاقة كانت قائمة في وسطها، نسبت إليها المنطقة، وكان يقال لها: شجرة ابن مذيب.

 يبلغ عدد سكان الناحية ككل أكثر من 34 ألف نسمة، بينما يتراوح عدد سكان بلدة الشجرة نفسها حول 9 آلاف نسمة. تضم البلدة خدمات تعليمية وصحية متعددة، بما في ذلك مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، ومجمعات مهنية، ومركز صحي، مما يجعلها مركزا للنواحي المحيطة.

يعمل معظم سكانها في الزراعة وتربية المواشي، نظرا لخصوبة الأرض ووفرة الموارد المائية.

الوجود النادر

وسط هذا التجمع السوري، تعيش عائلة منيزل الفلسطينية، وهي عائلة صغيرة تشكل وجوداً فلسطينياً وحيداً ونادراً في القرية، حيث يقدر عدد أفرادها في الشجرة بما لا يتجاوز 20-25 فرداً، هم في الغالب أفراد هذه العائلة أو عائلتين في أقصى الحدود.

يغلب على أفراد العائلة العمل في الزراعة والمهن الحرة، متكيفين مع النشاط الاقتصادي السائد في قريتهم.

أما من الناحية التعليمية، فلا يعاني الطلاب الفلسطينيون في الشجرة من مشاكل تختلف عن أهلهم السوريين، فوجود مدارس في القرية يغنيهم عن التنقل إلى قرى أخرى للمراحل التعليمية الأساسية، إلا أنهم، كغيرهم، يضطرون للانتقال إلى مدن مثل درعا أو دمشق لمواصلة التعليم الجامعي.

معاناة مشتركة

لا تعاني عائلة منيزل من مشاكل تخصها كونها فلسطينية، بل تشارك جميع سكان القرية معاناتهم العامة التي تفاقمت خلال الأزمة السورية: منها أزمة المياه المزمنة، إذ عانت الشجرة ومنطقتها من أزمات مائية حادة كانقطاع المياه، والتعديات على الخطوط، والأخطر من ذلك تلوث مياه الشرب.

في أيلول 2023، أدى تلوث المياه إلى انتشار وباء التهاب الكبد الوبائي (A) في المنطقة، حيث أُصيب المئات، وكانت العائلة الفلسطينية جزءا من هذا المجتمع المنكوب الذي عانى من الآلام والوفيات جرّاء شرب المياه الملوثة.

ومن الأزمات انقطاع الكهرباء فقد عانت القرية من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، مما فاقم أزمة المياه (صعوبة ضخها أو غليها) مما أثر على الحياة اليومية.

ولا يمكن أن ننسى غياب الدعم ولا سيما بعد تحرر سورية، إذ لا وجود أساسي لوكالة "الأونروا" في الشجرة، كما أن وصول المساعدات الإنسانية والمالية من المنظمات الأخرى متوقف حتى يومنا هذا، خاصة في ظل التضخم والغلاء الذي تشهده سوريا.

تحديد وعقبات

وجود عائلة مثل عائلة منيزل يسلط الضوء على قضية أوسع، وهي وجود فلسطينيين خارج نطاق المخيمات التقليدية، هؤلاء غالبا ما يكونون غير مرئيين للخدمات المقدمة من المنظمات الدولية.

إن وصول خدمات الأونروا والمنظمات الإغاثية إليهم ليس تفضلاً، بل هو حق من حقوقهم الأساسية.

لقد ذهب عصر الخوف، ولم يعد مقبولاً أن يشعر أي مواطن، سواء كان سورياً أو فلسطينياً، بالخوف من الإفصاح عن هويته أو طلب حقه في العيش الكريم.

الفلسطيني في الشجرة أو في أي قرية نائية هو جزء من القضية، ووجوده هو شاهد على تشتت شعب وضرورة أن تصل إليه الرعاية أينما كان

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22316

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

في قلب المشـهد الديموغرافي الفلسطيني في سوريا، حيث تتراصُّ المخيمات كحكايات متشابكة الجذور، يعتاد القلـم والذاكرة أن يوجِّها الأنظار إلى تجمُّعات معروفة: مخيم درعا، المزيريب، وجلين… أيقوناتُ صمودٍ أصبحت مرادفةً للهوية والانتماء.

لكنْ، ثمّة حكاية أخرى تُروى هنا… حكاية تخرج عن المألوف، وتختـزل في طياتها ندرةً تستحقُّ الوقوف عندها.

إنها حكاية عائلة فلسطينية واحدة… تقطن في قرية "الشجرة" النائية في حوض اليرموك، بعيداً عن الضوضاء والتجمُّعات، لتصنع وجوداً استثنائياً يشبه إلى حدٍّ كبير حكاية عائلة "أبو جعادة" في معرية، التي أشرنا إليها في تقرير سابق.

هذه ليست مجرّد أسرة تعيش في مكان منعزل… بل هي قصّة انتماء مختلف، وصمود صامت، تستحقّ منّا أن نفتح لها نافذة الضوء.

البحث عن الإبرة في كومة القش

كان اكتشاف وجود عائلة "منيزل" الفلسطينية في الشجرة ثمرة جهد مضنٍ وبحث شاق، قادته مجموعة عمل ملتزمة.

لم يكن الهدف مجرد كتابة تقرير صحفي عابر، بل كان السعي نبيلاً، وهو نقل المعاناة الفلسطينية الخفية وإظهارها للعالم، والتأكيد على أن الحقوق والخدمات يجب أن تصل إلى كل فلسطيني، أينما كان، وليس فقط إلى سكان المخيمات الكبرى.

واجه الفريق صعوبات جمة؛ من رفض الكثيرين الحديث عن الموضوع خوفاً أو حذراً، وإلى ساعات من التفتيش والاستقصاء.

لقد استُخدمت كل السبل: التواصل مع مكاتب "الأونروا"، زيارة مراسل مجموعة العمل للمدارس، والسؤال المباشر في القرية، بل ووصل الأمر إلى سؤال سائقي الحافلات "السرافيس" (المواصلات العامة).

كان الأمر متعباً، لكن الإصرار على إنجازه كان أقوى، مدفوعاً بقناعة راسخة بأن الفلسطيني له حق في أن يُرى ويُسمع، حيثما وجد.

إطار جغرافي وتاريخي

قبل الحديث عن العائلة، يجب فهم الإطار الذي تعيش فيه، بلدة الشجرة، هي ناحية سورية إدارية تتبع محافظة درعا، تقع على مثلث الحدود الأردنية السورية الفلسطينية، وتطل على وادي اليرموك وبحيرة طبريا، وهي منطقة زراعية خصبة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة، خاصة في الربيع، وتضم عدداً من السدود المهمة مثل سد الوحدة المشترك مع الأردن.

 يعود اسم القرية، حسب روايات كبار السن، إلى وجود شجرة عملاقة كانت قائمة في وسطها، نسبت إليها المنطقة، وكان يقال لها: شجرة ابن مذيب.

 يبلغ عدد سكان الناحية ككل أكثر من 34 ألف نسمة، بينما يتراوح عدد سكان بلدة الشجرة نفسها حول 9 آلاف نسمة. تضم البلدة خدمات تعليمية وصحية متعددة، بما في ذلك مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، ومجمعات مهنية، ومركز صحي، مما يجعلها مركزا للنواحي المحيطة.

يعمل معظم سكانها في الزراعة وتربية المواشي، نظرا لخصوبة الأرض ووفرة الموارد المائية.

الوجود النادر

وسط هذا التجمع السوري، تعيش عائلة منيزل الفلسطينية، وهي عائلة صغيرة تشكل وجوداً فلسطينياً وحيداً ونادراً في القرية، حيث يقدر عدد أفرادها في الشجرة بما لا يتجاوز 20-25 فرداً، هم في الغالب أفراد هذه العائلة أو عائلتين في أقصى الحدود.

يغلب على أفراد العائلة العمل في الزراعة والمهن الحرة، متكيفين مع النشاط الاقتصادي السائد في قريتهم.

أما من الناحية التعليمية، فلا يعاني الطلاب الفلسطينيون في الشجرة من مشاكل تختلف عن أهلهم السوريين، فوجود مدارس في القرية يغنيهم عن التنقل إلى قرى أخرى للمراحل التعليمية الأساسية، إلا أنهم، كغيرهم، يضطرون للانتقال إلى مدن مثل درعا أو دمشق لمواصلة التعليم الجامعي.

معاناة مشتركة

لا تعاني عائلة منيزل من مشاكل تخصها كونها فلسطينية، بل تشارك جميع سكان القرية معاناتهم العامة التي تفاقمت خلال الأزمة السورية: منها أزمة المياه المزمنة، إذ عانت الشجرة ومنطقتها من أزمات مائية حادة كانقطاع المياه، والتعديات على الخطوط، والأخطر من ذلك تلوث مياه الشرب.

في أيلول 2023، أدى تلوث المياه إلى انتشار وباء التهاب الكبد الوبائي (A) في المنطقة، حيث أُصيب المئات، وكانت العائلة الفلسطينية جزءا من هذا المجتمع المنكوب الذي عانى من الآلام والوفيات جرّاء شرب المياه الملوثة.

ومن الأزمات انقطاع الكهرباء فقد عانت القرية من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، مما فاقم أزمة المياه (صعوبة ضخها أو غليها) مما أثر على الحياة اليومية.

ولا يمكن أن ننسى غياب الدعم ولا سيما بعد تحرر سورية، إذ لا وجود أساسي لوكالة "الأونروا" في الشجرة، كما أن وصول المساعدات الإنسانية والمالية من المنظمات الأخرى متوقف حتى يومنا هذا، خاصة في ظل التضخم والغلاء الذي تشهده سوريا.

تحديد وعقبات

وجود عائلة مثل عائلة منيزل يسلط الضوء على قضية أوسع، وهي وجود فلسطينيين خارج نطاق المخيمات التقليدية، هؤلاء غالبا ما يكونون غير مرئيين للخدمات المقدمة من المنظمات الدولية.

إن وصول خدمات الأونروا والمنظمات الإغاثية إليهم ليس تفضلاً، بل هو حق من حقوقهم الأساسية.

لقد ذهب عصر الخوف، ولم يعد مقبولاً أن يشعر أي مواطن، سواء كان سورياً أو فلسطينياً، بالخوف من الإفصاح عن هويته أو طلب حقه في العيش الكريم.

الفلسطيني في الشجرة أو في أي قرية نائية هو جزء من القضية، ووجوده هو شاهد على تشتت شعب وضرورة أن تصل إليه الرعاية أينما كان

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22316