سورية | مجموعة العمل
حين يغدو الصمتُ وجعاً والمسافةُ قبراً، وفي الزاوية المنسية من ريف دمشق الجنوبي الشرقي، وحيث تلتحف الأرض بعباءة الصحراء القاسية، يرقد "مخيم الرمدان" كجسد مثقل بالجراح، هناك، على بعد ما يقارب 50 كيلومتراً من ضجيج العاصمة وحياتها، يعيش مئات اللاجئين الفلسطينيين فصلاً جديداً من فصول التغريبة، لا يصارعون فيه فقط قسوة اللجوء، بل يواجهون غول العزلة الجغرافية الذي حول حياتهم إلى سجن مفتوح في قلب الصحراء.
ليس الرمدان مجرد مخيم، بل هو دمعة عالقة في مآقي الخريطة، حيث يطبق الصمت على المكان إلاّ من أنين المرضى وصرخات الحاجة التي تذروها الرياح قبل أن تصل إلى مسامع العالم.
1- واقع معيشي يفتت الصخر وخدمات تحتضر
تحت سقف هذا المخيم، تتكشف مأساة إنسانية يندى لها الجبين، حيث يواجه الأهالي حصاراً غير معلن تفرضه الظروف الاقتصادية القاهرة وتردّي البنية التحتية.
- عزلة القهر / أزمة المواصلات:
لقد تحولت المسافة الفاصلة بين المخيم ودمشق إلى رحلة معاناة وألم يومي، فمع شح وسائل النقل وارتفاع تكاليفها الجنوني، بات الطالب يعجز عن الوصول لجامعته، والعامل يتردد ألف مرة قبل الذهاب لرزقه، والمريض يرى في الطريق عذاباً يضاهي مرضه، إنها عزلة تفرض شعوراً قاسياً بالنفي الإجباري داخل الوطن المؤقت.
- وكالة الأونروا / الشاهد الغائب
في ظل هذا الواقع المظلم، تتجه الأنظار عادةً إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا باعتبارها المظلة الأممية الحامية، إلا أن الواقع في مخيم الرمدان يحكي قصة خذلان مريرة، يشتكي الأهالي بمرارة من تراجع الخدمات بشكل منهجي، فالمساعدات الغذائية تتقلص، والخدمات الاجتماعية باتت شحيحة، والوعود بالتحسين تتبخر كالسراب في صحراء المخيم.
لقد ترك تقليص خدمات الوكالة فراغاً مخيفاً، جاعلًا العائلات الفقيرة تواجه مصيرها منفردة أمام أنياب الغلاء والعوز.
- الخدمات الأساسية / حياة الكفاف
هنا، يصبح الحصول على قطرة الماء النظيفة أو ساعة من الكهرباء حلماً بعيد المنال، تعيش العائلات صراعاً بدائياً لتأمين أبسط مقومات البقاء، في بيئة تفتقر لخدمات النظافة المستدامة والصيانة الدورية، مما حول الأزقة والشوارع إلى مساحات للبؤس والحرمان.
2- القطاع الصحي / حينما تكون "المسافة" حكماً بالإعدام
لعل أكثر ما يدمي القلب في مخيم الرمدان هو المشهد الصحي، فالمستوصف الموجود بإمكانياته المتواضعة ودوامه الجزئي يقف عاجزاً أمام الحالات الطارئة، هنا، لا تقتل الأمراض الناس بقدر ما يقتلهم الانتظار.
صرخة الألم / لا سيارة إسعاف.. والحياة على المحك
في عمق هذه المأساة المركبة، تتجلى الكارثة الكبرى، غياب سيارة إسعاف مجهزة، تتواصل الفصول المأساوية في المخيم مع كل نوبة ألم تداهم مريضاً في الساعات المتأخرة من الليل.
يؤكد الأهالي بصوت مخنوق أن المخيم خالٍ تماماً من أي سيارة إسعاف جاهزة لنقل الحالات الحرجة، مما يضع حياة كل طفل، وشيخ، وامرأة على المحك في كل دقيقة.
لقد وثّق النشطاء قصصاً تقشعر لها الأبدان، حالات لجلطات قلبية ودماغية، وحوادث سير مفاجئة، انتهت نهايات مأساوية ليس لخطورة الإصابة فحسب، بل لأن سيارة الإسعاف الخارجية تأخرت في قطع تلك المسافة الطويلة ويؤكد الأهالي بأسى: نحن نخسر أحبتنا لأننا نخسر الوقت، والدقائق هنا تُحسب بالأرواح لا بعقارب الساعة!
3- مبادرة "يداً واحدة" / نداء الرمق الأخير
أمام هذا العجز الرسمي والصمت الدولي، لم يجد أبناء المخيم سبيلاً سوى الاستنجاد ببعضهم البعض، وبضمائر الإنسانية الحية، مطلقين مبادرة "يداً واحدة":
- المناشدة: هي صرخة استغاثة عاجلة، موجهة من قلوب الأمهات الثكالى وآباء العائلات المهمشة، إلى كل مغترب خرج من رحم هذا المخيم، وإلى كل مؤسسة خيرية لا تزال تحمل نبضاً إنسانياً.
- تأمين ثمن سيارة إسعاف حديثة، تكون بمثابة غرفة عناية مركزة متنقلة مجهزة بالأكسجين والنقالات والإسعافات الأولية، وتكون وقفاً خيرياً دائماً لخدمة المخيم على مدار الساعة.
- إن تأمين هذه السيارة ليس رفاهية، وليست مطلباً تكميلياً.. إنها الفرق بين الحياة والموت.. إنها صمام الأمان الوحيد المتبقي لنا.
ختاماً.. إن ما يجري في مخيم الرمدان ليس مجرد نقص في الخدمات، بل هو امتحان لضميرنا الإنساني الجمعي، إن اللاجئ الفلسطيني الذي صبر على مرارة التغريبة، لا يستحق أن يموت بصمت على قارعة الطريق بانتظار سيارة إسعاف لا تأتي.
هذا التقرير ليس للعرض فقط، بل هو وثيقة إدانة للتقصير، ونداء استنهاض للهمم.
نضعه برسم:
- أبناء المخيم في الشتات، أنتم الأمل الأخير.
- إدارة وكالة الأونروا، لتعيد النظر في سياستها تجاه المخيمات النائية.
- أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء، والمؤسسات الإغاثية، ليكونوا اليد التي تمسح هذا الوجع.
فهل من مجيب قبل فوات الأوان؟
مخيم الرمدان للاجئين الفلسطينيين
- الموقع والتأسيس: يقع في الجنوب الشرقي لمدينة دمشق، قرب منطقة الضمير.
تأسس عام 1954 على مساحة 2,500 دونم.
- الوضع القانوني: مخيم "غير رسمي"، لا تعترف به وكالة "الأونروا" إدارياً، لكنها تقدم خدمات جزئية ومساعدات للحالات شديدة العسر.
- الواقع المعيشي: يُصنف ضمن أفقر مخيمات سوريا، يعاني من تدهور الخدمات والضغط الاقتصادي.
- الديموغرافيا والنزوح: شهد المخيم خلال سنوات الحرب نزوحاً عائلياً داخلياً، وموجات هجرة شبابية واسعة إلى الخارج نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والأمنية.
سورية | مجموعة العمل
حين يغدو الصمتُ وجعاً والمسافةُ قبراً، وفي الزاوية المنسية من ريف دمشق الجنوبي الشرقي، وحيث تلتحف الأرض بعباءة الصحراء القاسية، يرقد "مخيم الرمدان" كجسد مثقل بالجراح، هناك، على بعد ما يقارب 50 كيلومتراً من ضجيج العاصمة وحياتها، يعيش مئات اللاجئين الفلسطينيين فصلاً جديداً من فصول التغريبة، لا يصارعون فيه فقط قسوة اللجوء، بل يواجهون غول العزلة الجغرافية الذي حول حياتهم إلى سجن مفتوح في قلب الصحراء.
ليس الرمدان مجرد مخيم، بل هو دمعة عالقة في مآقي الخريطة، حيث يطبق الصمت على المكان إلاّ من أنين المرضى وصرخات الحاجة التي تذروها الرياح قبل أن تصل إلى مسامع العالم.
1- واقع معيشي يفتت الصخر وخدمات تحتضر
تحت سقف هذا المخيم، تتكشف مأساة إنسانية يندى لها الجبين، حيث يواجه الأهالي حصاراً غير معلن تفرضه الظروف الاقتصادية القاهرة وتردّي البنية التحتية.
- عزلة القهر / أزمة المواصلات:
لقد تحولت المسافة الفاصلة بين المخيم ودمشق إلى رحلة معاناة وألم يومي، فمع شح وسائل النقل وارتفاع تكاليفها الجنوني، بات الطالب يعجز عن الوصول لجامعته، والعامل يتردد ألف مرة قبل الذهاب لرزقه، والمريض يرى في الطريق عذاباً يضاهي مرضه، إنها عزلة تفرض شعوراً قاسياً بالنفي الإجباري داخل الوطن المؤقت.
- وكالة الأونروا / الشاهد الغائب
في ظل هذا الواقع المظلم، تتجه الأنظار عادةً إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا باعتبارها المظلة الأممية الحامية، إلا أن الواقع في مخيم الرمدان يحكي قصة خذلان مريرة، يشتكي الأهالي بمرارة من تراجع الخدمات بشكل منهجي، فالمساعدات الغذائية تتقلص، والخدمات الاجتماعية باتت شحيحة، والوعود بالتحسين تتبخر كالسراب في صحراء المخيم.
لقد ترك تقليص خدمات الوكالة فراغاً مخيفاً، جاعلًا العائلات الفقيرة تواجه مصيرها منفردة أمام أنياب الغلاء والعوز.
- الخدمات الأساسية / حياة الكفاف
هنا، يصبح الحصول على قطرة الماء النظيفة أو ساعة من الكهرباء حلماً بعيد المنال، تعيش العائلات صراعاً بدائياً لتأمين أبسط مقومات البقاء، في بيئة تفتقر لخدمات النظافة المستدامة والصيانة الدورية، مما حول الأزقة والشوارع إلى مساحات للبؤس والحرمان.
2- القطاع الصحي / حينما تكون "المسافة" حكماً بالإعدام
لعل أكثر ما يدمي القلب في مخيم الرمدان هو المشهد الصحي، فالمستوصف الموجود بإمكانياته المتواضعة ودوامه الجزئي يقف عاجزاً أمام الحالات الطارئة، هنا، لا تقتل الأمراض الناس بقدر ما يقتلهم الانتظار.
صرخة الألم / لا سيارة إسعاف.. والحياة على المحك
في عمق هذه المأساة المركبة، تتجلى الكارثة الكبرى، غياب سيارة إسعاف مجهزة، تتواصل الفصول المأساوية في المخيم مع كل نوبة ألم تداهم مريضاً في الساعات المتأخرة من الليل.
يؤكد الأهالي بصوت مخنوق أن المخيم خالٍ تماماً من أي سيارة إسعاف جاهزة لنقل الحالات الحرجة، مما يضع حياة كل طفل، وشيخ، وامرأة على المحك في كل دقيقة.
لقد وثّق النشطاء قصصاً تقشعر لها الأبدان، حالات لجلطات قلبية ودماغية، وحوادث سير مفاجئة، انتهت نهايات مأساوية ليس لخطورة الإصابة فحسب، بل لأن سيارة الإسعاف الخارجية تأخرت في قطع تلك المسافة الطويلة ويؤكد الأهالي بأسى: نحن نخسر أحبتنا لأننا نخسر الوقت، والدقائق هنا تُحسب بالأرواح لا بعقارب الساعة!
3- مبادرة "يداً واحدة" / نداء الرمق الأخير
أمام هذا العجز الرسمي والصمت الدولي، لم يجد أبناء المخيم سبيلاً سوى الاستنجاد ببعضهم البعض، وبضمائر الإنسانية الحية، مطلقين مبادرة "يداً واحدة":
- المناشدة: هي صرخة استغاثة عاجلة، موجهة من قلوب الأمهات الثكالى وآباء العائلات المهمشة، إلى كل مغترب خرج من رحم هذا المخيم، وإلى كل مؤسسة خيرية لا تزال تحمل نبضاً إنسانياً.
- تأمين ثمن سيارة إسعاف حديثة، تكون بمثابة غرفة عناية مركزة متنقلة مجهزة بالأكسجين والنقالات والإسعافات الأولية، وتكون وقفاً خيرياً دائماً لخدمة المخيم على مدار الساعة.
- إن تأمين هذه السيارة ليس رفاهية، وليست مطلباً تكميلياً.. إنها الفرق بين الحياة والموت.. إنها صمام الأمان الوحيد المتبقي لنا.
ختاماً.. إن ما يجري في مخيم الرمدان ليس مجرد نقص في الخدمات، بل هو امتحان لضميرنا الإنساني الجمعي، إن اللاجئ الفلسطيني الذي صبر على مرارة التغريبة، لا يستحق أن يموت بصمت على قارعة الطريق بانتظار سيارة إسعاف لا تأتي.
هذا التقرير ليس للعرض فقط، بل هو وثيقة إدانة للتقصير، ونداء استنهاض للهمم.
نضعه برسم:
- أبناء المخيم في الشتات، أنتم الأمل الأخير.
- إدارة وكالة الأونروا، لتعيد النظر في سياستها تجاه المخيمات النائية.
- أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء، والمؤسسات الإغاثية، ليكونوا اليد التي تمسح هذا الوجع.
فهل من مجيب قبل فوات الأوان؟
مخيم الرمدان للاجئين الفلسطينيين
- الموقع والتأسيس: يقع في الجنوب الشرقي لمدينة دمشق، قرب منطقة الضمير.
تأسس عام 1954 على مساحة 2,500 دونم.
- الوضع القانوني: مخيم "غير رسمي"، لا تعترف به وكالة "الأونروا" إدارياً، لكنها تقدم خدمات جزئية ومساعدات للحالات شديدة العسر.
- الواقع المعيشي: يُصنف ضمن أفقر مخيمات سوريا، يعاني من تدهور الخدمات والضغط الاقتصادي.
- الديموغرافيا والنزوح: شهد المخيم خلال سنوات الحرب نزوحاً عائلياً داخلياً، وموجات هجرة شبابية واسعة إلى الخارج نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والأمنية.