map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

الموت في الغربة.. قصة إنسان يموت وحيداً بلا وداع

تاريخ النشر : 15-12-2025
الموت في الغربة.. قصة إنسان يموت وحيداً بلا وداع

فايز أبو عيد

في صمت الغربة، حيث تخفت الأصوات وتختفي الوجوه، يواجه المغترب لحظات الفقد بوحشة لا تشبه أي وداع في الوطن، حين يغيب عن الدنيا إنسان يعيش وحيداً بعيداً عن أهله وأحبابه، لا تقتصر معاناة الغياب على الجسد وحده، بل تمتد للألم النفسي العميق الذي يكتنف الروح، فالفقد في الغربة يبني سداً من الوحدة الحارقة، حيث لا يرافقه حضن يدفئ، ولا كلمات تعزية تواسي.

النفس المغتربة تتلوى تحت وطأة الحزن المزدوج: حزن الفقد العادي، وحزن فقدان الدعم العائلي والاجتماعي المعتاد في لحظات الوداع، كثير من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الذين اضطروا للهجرة القسرية بسبب الأحداث بسورية يعانون من شعور بالغربة والتهميش الاجتماعي، وتزداد هذه الآثار النفسية حدة مع فقدان أحدهم، إذ لا يجدون مكاناً آمناً يعبرون فيه عن حزنهم، ولا شبكة دعم تقويهم على تجاوز الأزمة.

الانعزال والانطواء يشكل أحد أخطر التحديات، إذ قد يكون الفقيد في الغربة بعيداً عن أهله وأصدقائه تماماً، ما يؤدي إلى موت الوحدة بدلاً من حياة الإنسان، كما تواجه الأسر المهاجرة صعوبات في تجاوز الحداد بسبب الفوارق الثقافية التي تحد من طقوس العزاء التقليدية، المليئة بالعزاء الجماعي والمواساة والتكافل. يُترك الكثيرون ليعانوا صمت الألم في أماكن لا تعترف برثاء الراحل إلا ببرود روتيني، بعيداً عن الدفء الإنساني.

الأثر النفسي يتداخل مع الشعور بالذنب أو القلق تجاه من تركوا في الوطن، وما تركه غيابهم من فراغ يصعب ملؤه، في حالات كثيرة، ينتاب المغتربين شعور بالعجز لأنهم لا يستطيعون تأدية أدوارهم التقليدية في المشاركة بالتشييع ودفن فقيدهم وفتح بيت عزاء له، ما يولد توترات نفسية مستمرة.

بهذا، يصبح الموت في الغربة معركة ليس فقط بين الحياة والموت، وإنما بين الإنسان ووحشة الاغتراب التي تبتلع الوجوه وتُخلي النفوس من الأمان والدعم، وتجعل من الوداع حدثاً مجرّداً من حنان الحضور الإنساني، مخلفاً وراءه صدى الخِواء وذكرى الوحدة التي لا تغتفر.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22445

فايز أبو عيد

في صمت الغربة، حيث تخفت الأصوات وتختفي الوجوه، يواجه المغترب لحظات الفقد بوحشة لا تشبه أي وداع في الوطن، حين يغيب عن الدنيا إنسان يعيش وحيداً بعيداً عن أهله وأحبابه، لا تقتصر معاناة الغياب على الجسد وحده، بل تمتد للألم النفسي العميق الذي يكتنف الروح، فالفقد في الغربة يبني سداً من الوحدة الحارقة، حيث لا يرافقه حضن يدفئ، ولا كلمات تعزية تواسي.

النفس المغتربة تتلوى تحت وطأة الحزن المزدوج: حزن الفقد العادي، وحزن فقدان الدعم العائلي والاجتماعي المعتاد في لحظات الوداع، كثير من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الذين اضطروا للهجرة القسرية بسبب الأحداث بسورية يعانون من شعور بالغربة والتهميش الاجتماعي، وتزداد هذه الآثار النفسية حدة مع فقدان أحدهم، إذ لا يجدون مكاناً آمناً يعبرون فيه عن حزنهم، ولا شبكة دعم تقويهم على تجاوز الأزمة.

الانعزال والانطواء يشكل أحد أخطر التحديات، إذ قد يكون الفقيد في الغربة بعيداً عن أهله وأصدقائه تماماً، ما يؤدي إلى موت الوحدة بدلاً من حياة الإنسان، كما تواجه الأسر المهاجرة صعوبات في تجاوز الحداد بسبب الفوارق الثقافية التي تحد من طقوس العزاء التقليدية، المليئة بالعزاء الجماعي والمواساة والتكافل. يُترك الكثيرون ليعانوا صمت الألم في أماكن لا تعترف برثاء الراحل إلا ببرود روتيني، بعيداً عن الدفء الإنساني.

الأثر النفسي يتداخل مع الشعور بالذنب أو القلق تجاه من تركوا في الوطن، وما تركه غيابهم من فراغ يصعب ملؤه، في حالات كثيرة، ينتاب المغتربين شعور بالعجز لأنهم لا يستطيعون تأدية أدوارهم التقليدية في المشاركة بالتشييع ودفن فقيدهم وفتح بيت عزاء له، ما يولد توترات نفسية مستمرة.

بهذا، يصبح الموت في الغربة معركة ليس فقط بين الحياة والموت، وإنما بين الإنسان ووحشة الاغتراب التي تبتلع الوجوه وتُخلي النفوس من الأمان والدعم، وتجعل من الوداع حدثاً مجرّداً من حنان الحضور الإنساني، مخلفاً وراءه صدى الخِواء وذكرى الوحدة التي لا تغتفر.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22445