نضال الخليل – مجموعة العمل
المرأة الفلسطينية في سوريا، حين يغيب ابنها أو ابنتها أو زوجها، لا تختبر مجرد فقدان، بل تختبر انزياح العالم كله. يصبح الهواء مشحونًا باسم المفقود، وتستيقظ الجدران على صدى خطوات لم تعد موجودة.
الغياب القسري ليس حدثًا عابرًا، بل هو تمدد للفقد داخل النفس، وعالم يُعاد تشكيله كل لحظة على أساس الخسارة. إن الغياب يخلق "حضورًا في الغياب"، ويدفع المرأة إلى عيش اللحظة كما لو كانت مفككة من الزمن:
الفقد القسري: صدمة بلا حدود
يحمل الغياب القسري المرأة في مسارين متوازيين:
في هذا الصمت، يولد زمن معلق تلتبس فيه الحدود بين الحاضر والغياب، ويصبح كل فعل يومي "مراسم" انتظار لا نهاية لها.
تجد المرأة الفلسطينية، التي لطالما كانت محور الصمود الاجتماعي والعائلي، نفسها مضطرة لإعادة تعريف هويتها كل يوم:
الجواب ليس بالكلمات، بل بالممارسة الصامتة للحياة. تصبح المرأة "حاضرة في الغياب"؛ تدير الأسرة، تحمي الأطفال، وتصنع من صمتها قوة، ومن قلقها حضورًا، ومن فقدها معنىً مستمرًا.
في المخيمات السورية، يتحاشى المجتمع الحديث عن الغائبين؛ فالصمت يضاعف العزلة ويجعل المرأة تحمل وحدها الذاكرة، والألم، والأدوار الجديدة. لكن هذا الصمت ليس مجرد غياب للكلام، بل هو لغة جديدة؛ لغة الحركات اليومية، القرارات الصغيرة، والطقوس الرمزية. تخاطب المرأة الفقد عبر كل تفاصيل حياتها، فتعلن للعالم أن من غاب ما يزال حاضرًا في الحياة ولو من خلال حضورها الصامت.
الذاكرة والتوثيق
هنا يظهر الدور الحقيقي للمنظمات والمجموعات التي كانت فاعلة قبل تغير المشهد السياسي؛ تلك التي بدأت التوثيق والبحث عن المفقودين الفلسطينيين قبل أن يطغى الجدل الإعلامي. هذه المنظمات لم تكتفِ بالثرثرة أو بالظهور الإعلامي، لكنها عملت بصمت، بتخطيط، وبمسؤولية، مُضفيةً العمق للذاكرة الجماعية، وحافظةً لدليل وجود الغائبين في عالم يميل إلى النسيان أو التشويش.
أما المبادرات التي ظهرت لاحقًا، فهي غالبًا ما كانت تجليات إعلامية للوعي الجماعي المؤجل؛ تضيف زخارف للمشهد لكنها نادرًا ما تحمل ثقل التوثيق الحقيقي. بهذا المعنى، يمكن القول إن الذاكرة الحقيقية للفقد، التي تصمد أمام الزمن والصمت، كانت ولا تزال في أيدي من تحركوا أولًا بصمت وبدون ضجيج قبل أن تتبدل الظروف.
التمزق النفسي والاجتماعي: صراع وجودي
يترك الغياب القسري آثارًا نفسية عميقة: اكتئاب، قلق، اضطرابات في النوم، وأعراض جسدية. تتقاطع هذه الصدمات مع ضغوط اجتماعية واقتصادية: فقدان الدعم الأسري، تحديات قانونية، وصعوبة الوصول للموارد. كل ذلك يجعل الحياة تجربة وجودية مستمرة حيث تتصارع المرأة مع أسئلة قاسية:
التمزق النفسي والاجتماعي هنا ليس انفصالًا عن الواقع، لكنه إعادة تعريف للوجود نفسه: الإنسان يعيش في فراغ، لكنه يخلق من فراغه حضورًا، ومع ذلك يبقى الوعي بالحقيقة مؤلمًا بلا هوادة.
وعلى الرغم من الألم، تنتج المرأة الفلسطينية وجودها من خلال الصمود اليومي:
الصمود هنا ليس مجرد مقاومة، بل هو ممارسة فلسفية للوجود؛ إعادة بناء المعنى في عالم انهارت فيه البُنى، وتجسيد الحاضر في ظل غياب صار حاضرًا أكثر من أي وقت مضى.
المرأة الفلسطينية في سوريا، في مواجهة الغياب القسري، تصبح مرآة للفقد، حاملة للذاكرة، وراعية للصمود. الغياب يعيد تشكيل الروابط النفسية والاجتماعية ويحوّل الحياة اليومية إلى تجربة وجودية وفلسفية، حيث يصبح الصمود فعلًا شعوريًا وفكريًا معًا.
الذاكرة الجماعية للمفقودين لا تبدأ بالصحافة أو بالظهور الإعلامي، بل بأولئك الذين عملوا بصمت قبل أن تتغير الظروف لتوثيق الفقد وحفظه من الضياع. المرأة هنا، في صمودها اليومي، هي الحافظة الأولى لتلك الذاكرة، لتاريخ الغائبين، وللحقيقة التي تتجاوز الصمت الإعلامي لتؤكد أن الغياب ليس مجرد حدث، بل إعادة تعريف للحياة نفسها، ولوعي الإنسان، ولمعنى الصمود في مواجهة الفراغ.
نضال الخليل – مجموعة العمل
المرأة الفلسطينية في سوريا، حين يغيب ابنها أو ابنتها أو زوجها، لا تختبر مجرد فقدان، بل تختبر انزياح العالم كله. يصبح الهواء مشحونًا باسم المفقود، وتستيقظ الجدران على صدى خطوات لم تعد موجودة.
الغياب القسري ليس حدثًا عابرًا، بل هو تمدد للفقد داخل النفس، وعالم يُعاد تشكيله كل لحظة على أساس الخسارة. إن الغياب يخلق "حضورًا في الغياب"، ويدفع المرأة إلى عيش اللحظة كما لو كانت مفككة من الزمن:
الفقد القسري: صدمة بلا حدود
يحمل الغياب القسري المرأة في مسارين متوازيين:
في هذا الصمت، يولد زمن معلق تلتبس فيه الحدود بين الحاضر والغياب، ويصبح كل فعل يومي "مراسم" انتظار لا نهاية لها.
تجد المرأة الفلسطينية، التي لطالما كانت محور الصمود الاجتماعي والعائلي، نفسها مضطرة لإعادة تعريف هويتها كل يوم:
الجواب ليس بالكلمات، بل بالممارسة الصامتة للحياة. تصبح المرأة "حاضرة في الغياب"؛ تدير الأسرة، تحمي الأطفال، وتصنع من صمتها قوة، ومن قلقها حضورًا، ومن فقدها معنىً مستمرًا.
في المخيمات السورية، يتحاشى المجتمع الحديث عن الغائبين؛ فالصمت يضاعف العزلة ويجعل المرأة تحمل وحدها الذاكرة، والألم، والأدوار الجديدة. لكن هذا الصمت ليس مجرد غياب للكلام، بل هو لغة جديدة؛ لغة الحركات اليومية، القرارات الصغيرة، والطقوس الرمزية. تخاطب المرأة الفقد عبر كل تفاصيل حياتها، فتعلن للعالم أن من غاب ما يزال حاضرًا في الحياة ولو من خلال حضورها الصامت.
الذاكرة والتوثيق
هنا يظهر الدور الحقيقي للمنظمات والمجموعات التي كانت فاعلة قبل تغير المشهد السياسي؛ تلك التي بدأت التوثيق والبحث عن المفقودين الفلسطينيين قبل أن يطغى الجدل الإعلامي. هذه المنظمات لم تكتفِ بالثرثرة أو بالظهور الإعلامي، لكنها عملت بصمت، بتخطيط، وبمسؤولية، مُضفيةً العمق للذاكرة الجماعية، وحافظةً لدليل وجود الغائبين في عالم يميل إلى النسيان أو التشويش.
أما المبادرات التي ظهرت لاحقًا، فهي غالبًا ما كانت تجليات إعلامية للوعي الجماعي المؤجل؛ تضيف زخارف للمشهد لكنها نادرًا ما تحمل ثقل التوثيق الحقيقي. بهذا المعنى، يمكن القول إن الذاكرة الحقيقية للفقد، التي تصمد أمام الزمن والصمت، كانت ولا تزال في أيدي من تحركوا أولًا بصمت وبدون ضجيج قبل أن تتبدل الظروف.
التمزق النفسي والاجتماعي: صراع وجودي
يترك الغياب القسري آثارًا نفسية عميقة: اكتئاب، قلق، اضطرابات في النوم، وأعراض جسدية. تتقاطع هذه الصدمات مع ضغوط اجتماعية واقتصادية: فقدان الدعم الأسري، تحديات قانونية، وصعوبة الوصول للموارد. كل ذلك يجعل الحياة تجربة وجودية مستمرة حيث تتصارع المرأة مع أسئلة قاسية:
التمزق النفسي والاجتماعي هنا ليس انفصالًا عن الواقع، لكنه إعادة تعريف للوجود نفسه: الإنسان يعيش في فراغ، لكنه يخلق من فراغه حضورًا، ومع ذلك يبقى الوعي بالحقيقة مؤلمًا بلا هوادة.
وعلى الرغم من الألم، تنتج المرأة الفلسطينية وجودها من خلال الصمود اليومي:
الصمود هنا ليس مجرد مقاومة، بل هو ممارسة فلسفية للوجود؛ إعادة بناء المعنى في عالم انهارت فيه البُنى، وتجسيد الحاضر في ظل غياب صار حاضرًا أكثر من أي وقت مضى.
المرأة الفلسطينية في سوريا، في مواجهة الغياب القسري، تصبح مرآة للفقد، حاملة للذاكرة، وراعية للصمود. الغياب يعيد تشكيل الروابط النفسية والاجتماعية ويحوّل الحياة اليومية إلى تجربة وجودية وفلسفية، حيث يصبح الصمود فعلًا شعوريًا وفكريًا معًا.
الذاكرة الجماعية للمفقودين لا تبدأ بالصحافة أو بالظهور الإعلامي، بل بأولئك الذين عملوا بصمت قبل أن تتغير الظروف لتوثيق الفقد وحفظه من الضياع. المرأة هنا، في صمودها اليومي، هي الحافظة الأولى لتلك الذاكرة، لتاريخ الغائبين، وللحقيقة التي تتجاوز الصمت الإعلامي لتؤكد أن الغياب ليس مجرد حدث، بل إعادة تعريف للحياة نفسها، ولوعي الإنسان، ولمعنى الصمود في مواجهة الفراغ.