مجموعة العمل - ظاهر صالح
بعد مرور أكثر من سبعة عقود على اللجوء، هل تحولت المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى مقابر للموت البطيء، بدلاً من كونها محطات انتظار للعودة؟ هذا هو التساؤل الذي تثيره الصرخات الأخيرة المدوية الصادرة من خلف أسوار المخيمات؛ صرخات تكشف عن أزمة وجودية تهدد حاضر اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم.
في أزقة المخيمات الضيقة، يطغى همس القلق والرعب، مُجسّداً الخوف من المجهول الذي أضحى قدراً يلاحق العائلات الفلسطينية المهجرة من سوريا إلى لبنان. هذه الأسر، التي فقدت موطنها مرتين، تجد نفسها اليوم تحت وطأة تهديد وشيك بالطرد، مما ينذر بنزوح ثالث. إن هذا الإجراء لا يعد مجرد إخلاء سكن، بل هو نزع لآخر طبقة من الحماية الإنسانية، وإلقاء بالعائلات في هوة التشرد في بلد يئن تحت وطأة الانهيار الاقتصادي.
علماً أن الدعم النقدي الضئيل الذي تقدمه وكالة "الأونروا" لم يكن ترفاً، بل كان ثمن أمن نفسي هشّ، يضمن سقفاً فوق رؤوس الأطفال والمرضى. واليوم، ومع قطع هذا الشريان، تبدأ فصول المأساة: عائلات قادمة من ويلات الحرب واللجوء تجد نفسها عاجزة عن دفع الإيجار، مما يقضي على ما تبقى من صمودها.
كابوس التشرد والمسؤولية الدولية
لقد تحوّل همُّ الإيجار إلى كابوس يومي يدفع الأسر إلى حافة الضياع. كيف يمكن لإنسان أن ينام وهو لا يملك ضماناً لغد آمن؟ إن هذا القلق هو الذي يمزق ما تبقى من كرامتهم. إن التسبب في هذا الخوف والتهديد الوشيك بالطرد ليس مجرد تقصير إداري، بل هو جريمة صامتة تُرتكب بحق الضعفاء، تستدعي محاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال قبل أن يتحول الخوف إلى واقع مرير.
تأسست وكالة "الأونروا" لتكون شاهداً على النكبة ومدافعة عن اللاجئ الفلسطيني، إلا أن قرارها الحالي يضعها في موقف "محايد" غير مبرر بين العائلات وواقع الشارع، متخلية عن اللاجئين ليواجهوا مصيرهم بمفردهم. وهذا يعد تخاذلاً فادحاً؛ فلا يمكن تبرير تعريض العائلات لخطر التشرد بذريعة نقص التمويل، فتوقف المساعدات النقدية يضع الآلاف تحت رحمة مُلّاك البيوت.
إخفاق التخطيط وغياب الإنسانية
لا ينبغي لأي منظمة إغاثية أن تُحمّل اللاجئ عبء أزماتها المالية بشكل مباشر؛ فهذا الإخفاق يدل على غياب التخطيط الإنساني المستدام وآليات الطوارئ الفعالة. إن التهديد بطرد العائلات والأطفال والمرضى إلى العراء يمثل إخفاقاً صارخاً في تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الحماية الدولية.
لذا، يجب الكشف فوراً عن المسؤولين عن تجميد هذه المساعدات الحيوية، والمطالبة بتحقيقات عاجلة لمحاسبة كل من تسبب في هذا التقصير. وفي جوهرها، تمثل أزمة "الأونروا" انعكاساً لتخاذل دولي مزمن، حيث تحول التمويل من التزام أخلاقي ثابت إلى أداة خاضعة للمزاج السياسي، مما يجعل حياة الأسر رهينة لأجندات ضيقة.
تساؤلات مشروعة وحلول عاجلة
كيف يمكن تبرير تخصيص مليارات الدولارات لإغاثة الأزمات المستجدة، بينما يظل ملف اللاجئين الفلسطينيين ـ وهو من أقدم ملفات اللجوء ـ يعاني من نقص تمويل بالغ ومُهين؟ يكشف هذا التفاوت عن انتقائية غير أخلاقية في تطبيق المبادئ الإنسانية. لقد تحولت قضية التمويل إلى ورقة ضغط سياسي، وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية كافة؛ فالحق في حياة آمنة ليس محلاً للتفاوض أو المساومة.
وعليه، فإننا نطالب بالآتي:
إن التخلي عن هذه الأسر يشكل وصمة عار تاريخية، ومنع تشرد هذه العائلات ليس خياراً مطروحاً للنقاش، بل هو واجب مقدس لإنقاذ الإنسان من المجهول القاتل. إن كرامة هذه العائلات وحقها في سقف آمن يمثلان الاختبار الوجودي الأخير لضميرنا الجمعي، وإذا فشلنا فيه، فسنصبح جميعاً شركاء في جريمة إهدار كرامة الإنسان.
مجموعة العمل - ظاهر صالح
بعد مرور أكثر من سبعة عقود على اللجوء، هل تحولت المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى مقابر للموت البطيء، بدلاً من كونها محطات انتظار للعودة؟ هذا هو التساؤل الذي تثيره الصرخات الأخيرة المدوية الصادرة من خلف أسوار المخيمات؛ صرخات تكشف عن أزمة وجودية تهدد حاضر اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم.
في أزقة المخيمات الضيقة، يطغى همس القلق والرعب، مُجسّداً الخوف من المجهول الذي أضحى قدراً يلاحق العائلات الفلسطينية المهجرة من سوريا إلى لبنان. هذه الأسر، التي فقدت موطنها مرتين، تجد نفسها اليوم تحت وطأة تهديد وشيك بالطرد، مما ينذر بنزوح ثالث. إن هذا الإجراء لا يعد مجرد إخلاء سكن، بل هو نزع لآخر طبقة من الحماية الإنسانية، وإلقاء بالعائلات في هوة التشرد في بلد يئن تحت وطأة الانهيار الاقتصادي.
علماً أن الدعم النقدي الضئيل الذي تقدمه وكالة "الأونروا" لم يكن ترفاً، بل كان ثمن أمن نفسي هشّ، يضمن سقفاً فوق رؤوس الأطفال والمرضى. واليوم، ومع قطع هذا الشريان، تبدأ فصول المأساة: عائلات قادمة من ويلات الحرب واللجوء تجد نفسها عاجزة عن دفع الإيجار، مما يقضي على ما تبقى من صمودها.
كابوس التشرد والمسؤولية الدولية
لقد تحوّل همُّ الإيجار إلى كابوس يومي يدفع الأسر إلى حافة الضياع. كيف يمكن لإنسان أن ينام وهو لا يملك ضماناً لغد آمن؟ إن هذا القلق هو الذي يمزق ما تبقى من كرامتهم. إن التسبب في هذا الخوف والتهديد الوشيك بالطرد ليس مجرد تقصير إداري، بل هو جريمة صامتة تُرتكب بحق الضعفاء، تستدعي محاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال قبل أن يتحول الخوف إلى واقع مرير.
تأسست وكالة "الأونروا" لتكون شاهداً على النكبة ومدافعة عن اللاجئ الفلسطيني، إلا أن قرارها الحالي يضعها في موقف "محايد" غير مبرر بين العائلات وواقع الشارع، متخلية عن اللاجئين ليواجهوا مصيرهم بمفردهم. وهذا يعد تخاذلاً فادحاً؛ فلا يمكن تبرير تعريض العائلات لخطر التشرد بذريعة نقص التمويل، فتوقف المساعدات النقدية يضع الآلاف تحت رحمة مُلّاك البيوت.
إخفاق التخطيط وغياب الإنسانية
لا ينبغي لأي منظمة إغاثية أن تُحمّل اللاجئ عبء أزماتها المالية بشكل مباشر؛ فهذا الإخفاق يدل على غياب التخطيط الإنساني المستدام وآليات الطوارئ الفعالة. إن التهديد بطرد العائلات والأطفال والمرضى إلى العراء يمثل إخفاقاً صارخاً في تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الحماية الدولية.
لذا، يجب الكشف فوراً عن المسؤولين عن تجميد هذه المساعدات الحيوية، والمطالبة بتحقيقات عاجلة لمحاسبة كل من تسبب في هذا التقصير. وفي جوهرها، تمثل أزمة "الأونروا" انعكاساً لتخاذل دولي مزمن، حيث تحول التمويل من التزام أخلاقي ثابت إلى أداة خاضعة للمزاج السياسي، مما يجعل حياة الأسر رهينة لأجندات ضيقة.
تساؤلات مشروعة وحلول عاجلة
كيف يمكن تبرير تخصيص مليارات الدولارات لإغاثة الأزمات المستجدة، بينما يظل ملف اللاجئين الفلسطينيين ـ وهو من أقدم ملفات اللجوء ـ يعاني من نقص تمويل بالغ ومُهين؟ يكشف هذا التفاوت عن انتقائية غير أخلاقية في تطبيق المبادئ الإنسانية. لقد تحولت قضية التمويل إلى ورقة ضغط سياسي، وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية كافة؛ فالحق في حياة آمنة ليس محلاً للتفاوض أو المساومة.
وعليه، فإننا نطالب بالآتي:
إن التخلي عن هذه الأسر يشكل وصمة عار تاريخية، ومنع تشرد هذه العائلات ليس خياراً مطروحاً للنقاش، بل هو واجب مقدس لإنقاذ الإنسان من المجهول القاتل. إن كرامة هذه العائلات وحقها في سقف آمن يمثلان الاختبار الوجودي الأخير لضميرنا الجمعي، وإذا فشلنا فيه، فسنصبح جميعاً شركاء في جريمة إهدار كرامة الإنسان.