map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

العودة المستحيلة: لماذا لا يعود فلسطينيّو سورية؟

تاريخ النشر : 20-12-2025
العودة المستحيلة: لماذا لا يعود فلسطينيّو سورية؟

سعيد سليمان ـ مجموعة العمل

مع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو النظام الذي شكّل السبب الرئيسي في تهجير الفلسطينيين من سورية وقتلهم واعتقالهم وتدمير مخيماتهم، برز سؤال جوهري: لماذا لم تتحول نهاية النظام إلى عودة واسعة لفلسطينيّي سورية؟

الإجابة لا تتصل اليوم بالخوف من سلطة قائمة، بقدر ما ترتبط بتداعيات عميقة خلّفها نظام سقط، ولم تُعالج آثار جرائمه بعد.

مخيمات مدمّرة بلا مقومات حياة

كانت المخيمات الفلسطينية في سورية، وعلى رأسها مخيم اليرموك، منطقة مستقرة نسبيًا قبل عام 2011. إلا أن السياسات العسكرية والأمنية للنظام السابق حوّلتها إلى مناطق مدمّرة، أُفرغت من سكانها وبُنيتها التحتية.

ورغم انتهاء السلطة التي تسببت بهذا الدمار، لا تزال المخيمات اليوم تفتقر إلى مقومات العودة الفعلية، من سكن صالح، وخدمات أساسية، وبنى تعليمية وصحية.

وتشير فرق رصد مجموعة العمل إلى أن ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز محاولات عودة فردية محدودة، غير قادرة على تأمين استقرار حقيقي.

الاعتقال: من تهديد قائم إلى جرح مفتوح

لم يعد الاعتقال خطرًا مباشرًا بعد سقوط النظام الذي مارسه بشكل منهجي، إلا أن ملف المعتقلين الفلسطينيين ما يزال مفتوحًا بلا إجابات.

مئات الفلسطينيين اعتُقلوا أو اختفوا قسرًا في سجون النظام السابق، دون أن يُكشف مصيرهم حتى اليوم. هذا الغياب للحقيقة والعدالة لا يمنع العودة أمنيًا، لكنه يترك أثرًا نفسيًا وإنسانيًا عميقًا، ويجعل كثيرًا من العائلات غير قادرة على اتخاذ قرار العودة قبل معرفة مصير أبنائها ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

ملكيات ضائعة وإطار قانوني غائب

من أبرز العوائق التي تواجه العودة اليوم الإشكاليات القانونية المرتبطة بالمنازل والأملاك داخل المخيمات. فقد دُمّرت أحياء كاملة، وضاعت وثائق الملكية خلال سنوات النزوح، دون وجود آليات واضحة لاستعادة الحقوق أو التعويض.

وتؤكد متابعات مجموعة العمل أن غياب إطار قانوني منصف ينظم إعادة الإعمار ويحمي حقوق الفلسطينيين في مخيماتهم يشكّل عامل ردع أساسي أمام العودة، حتى بعد زوال النظام الذي تسبب بالدمار.

اقتصاد منهك لا يشجّع على الاستقرار

تعاني سورية عمومًا، والمخيمات الفلسطينية خصوصًا، من واقع اقتصادي شديد الصعوبة. البطالة مرتفعة، وفرص العمل محدودة، في ظل غياب برامج تعافٍ حقيقية تستهدف الفئات الأكثر تضررًا.

وبالنسبة لفلسطينيّي سورية الذين أعادوا ولو جزئيًا  بناء حياتهم في دول اللجوء، فإن العودة إلى بيئة اقتصادية هشّة دون ضمانات معيشية تبدو خطوة محفوفة بالمخاطر.

لجوء مضاعف… وقرار مؤجل

يعيش فلسطينيّو سورية حالة لجوء مركّبة؛ فهم لاجئون فلسطينيون أصلًا، ثم أصبحوا لاجئين مرة أخرى بفعل سياسات النظام السابق. ومع مرور السنوات، باتت العودة قرارًا معقدًا، لا بسبب الخوف من القمع، بل نتيجة تشابك الخسائر، وغياب خطط واضحة تضمن كرامة العائدين وحقوقهم.

ما الذي يجعل العودة ممكنة؟

إن سقوط نظام بشار الأسد أزال العائق السياسي والأمني الأكبر أمام عودة فلسطينيّي سورية، لكنه لم يُنهِ آثار سياساته. فالعودة الحقيقية تتطلب:

كشف مصير المعتقلين والمختفين قسرًا

معالجة ملف الملكيات والإعمار بعدالة

توفير خدمات أساسية وبنية تحتية صالحة للحياة

إشراك الفلسطينيين أنفسهم في رسم مستقبل مخيماتهم

من دون ذلك، ستبقى العودة حقًا مؤجلًا، لا لأن النظام ما زال قائمًا، بل لأن إرثه الثقيل لم يُفكك بعد.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22472

سعيد سليمان ـ مجموعة العمل

مع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو النظام الذي شكّل السبب الرئيسي في تهجير الفلسطينيين من سورية وقتلهم واعتقالهم وتدمير مخيماتهم، برز سؤال جوهري: لماذا لم تتحول نهاية النظام إلى عودة واسعة لفلسطينيّي سورية؟

الإجابة لا تتصل اليوم بالخوف من سلطة قائمة، بقدر ما ترتبط بتداعيات عميقة خلّفها نظام سقط، ولم تُعالج آثار جرائمه بعد.

مخيمات مدمّرة بلا مقومات حياة

كانت المخيمات الفلسطينية في سورية، وعلى رأسها مخيم اليرموك، منطقة مستقرة نسبيًا قبل عام 2011. إلا أن السياسات العسكرية والأمنية للنظام السابق حوّلتها إلى مناطق مدمّرة، أُفرغت من سكانها وبُنيتها التحتية.

ورغم انتهاء السلطة التي تسببت بهذا الدمار، لا تزال المخيمات اليوم تفتقر إلى مقومات العودة الفعلية، من سكن صالح، وخدمات أساسية، وبنى تعليمية وصحية.

وتشير فرق رصد مجموعة العمل إلى أن ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز محاولات عودة فردية محدودة، غير قادرة على تأمين استقرار حقيقي.

الاعتقال: من تهديد قائم إلى جرح مفتوح

لم يعد الاعتقال خطرًا مباشرًا بعد سقوط النظام الذي مارسه بشكل منهجي، إلا أن ملف المعتقلين الفلسطينيين ما يزال مفتوحًا بلا إجابات.

مئات الفلسطينيين اعتُقلوا أو اختفوا قسرًا في سجون النظام السابق، دون أن يُكشف مصيرهم حتى اليوم. هذا الغياب للحقيقة والعدالة لا يمنع العودة أمنيًا، لكنه يترك أثرًا نفسيًا وإنسانيًا عميقًا، ويجعل كثيرًا من العائلات غير قادرة على اتخاذ قرار العودة قبل معرفة مصير أبنائها ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

ملكيات ضائعة وإطار قانوني غائب

من أبرز العوائق التي تواجه العودة اليوم الإشكاليات القانونية المرتبطة بالمنازل والأملاك داخل المخيمات. فقد دُمّرت أحياء كاملة، وضاعت وثائق الملكية خلال سنوات النزوح، دون وجود آليات واضحة لاستعادة الحقوق أو التعويض.

وتؤكد متابعات مجموعة العمل أن غياب إطار قانوني منصف ينظم إعادة الإعمار ويحمي حقوق الفلسطينيين في مخيماتهم يشكّل عامل ردع أساسي أمام العودة، حتى بعد زوال النظام الذي تسبب بالدمار.

اقتصاد منهك لا يشجّع على الاستقرار

تعاني سورية عمومًا، والمخيمات الفلسطينية خصوصًا، من واقع اقتصادي شديد الصعوبة. البطالة مرتفعة، وفرص العمل محدودة، في ظل غياب برامج تعافٍ حقيقية تستهدف الفئات الأكثر تضررًا.

وبالنسبة لفلسطينيّي سورية الذين أعادوا ولو جزئيًا  بناء حياتهم في دول اللجوء، فإن العودة إلى بيئة اقتصادية هشّة دون ضمانات معيشية تبدو خطوة محفوفة بالمخاطر.

لجوء مضاعف… وقرار مؤجل

يعيش فلسطينيّو سورية حالة لجوء مركّبة؛ فهم لاجئون فلسطينيون أصلًا، ثم أصبحوا لاجئين مرة أخرى بفعل سياسات النظام السابق. ومع مرور السنوات، باتت العودة قرارًا معقدًا، لا بسبب الخوف من القمع، بل نتيجة تشابك الخسائر، وغياب خطط واضحة تضمن كرامة العائدين وحقوقهم.

ما الذي يجعل العودة ممكنة؟

إن سقوط نظام بشار الأسد أزال العائق السياسي والأمني الأكبر أمام عودة فلسطينيّي سورية، لكنه لم يُنهِ آثار سياساته. فالعودة الحقيقية تتطلب:

كشف مصير المعتقلين والمختفين قسرًا

معالجة ملف الملكيات والإعمار بعدالة

توفير خدمات أساسية وبنية تحتية صالحة للحياة

إشراك الفلسطينيين أنفسهم في رسم مستقبل مخيماتهم

من دون ذلك، ستبقى العودة حقًا مؤجلًا، لا لأن النظام ما زال قائمًا، بل لأن إرثه الثقيل لم يُفكك بعد.

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22472