فايز أبو عيد
تُعد قضية المعتقلين والمختفين قسراً في سورية من أبرز الجرائم الإنسانية التي زادت من مأساة آلاف السوريين والفلسطينيين وأضافت وجعاً وألماً لا يمكن أن ينسى، وخلّفت معاناة طويلة الأمد لم تقتصر على المعتقلين فقط، بل تمتد إلى ذويهم الذين عاشوا ولم يزالوا في ظلام المصير المجهول والانتظار المؤلم.
الاعتقال وتكميم الأفواه استخدمت كأداة قمعية من قبل النظام الأسد البائد وأجهزته الأمنية القمعية، إذ تُخفي آلاف الأسماء خلف جدران السجون السرية، دون تقديم أي تفسير عن أماكن الاحتجاز أو الوضع الصحي لهؤلاء المعتقلين.
بعد سقوط ذاك النظام الظالم وتحرير سورية من عائلة استمر حكمها أكثر من 55 عاماً، تم فتح السجون وتحرير المعتقلين، إلا أن هناك عشرات الآلاف من المغيبين قسراً لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم.
ويقدّر عدد المعتقلين أو المختفين قسرا في سوريا بأكثر من 181 ألف شخص، بينهم أكثر من آلاف معتقل فلسطيني، منذ مارس/آذار 2011 حتى 8/12/ 2024. ومن بين هؤلاء، يُصنف ما لا يقل عن 177 ألف شخص مختفين قسراً.
ومن نافل القول إنه رغم سعي الحكومة السورية الجديدة والجهود التي تبذلها للكشف عن مصير المغيبين والمعتقلين إلا أن تلك الجهود لا تزال حتى اليوم لم تثمر، ولأن عائلات المعتقلين والمغيبين قسراً تتحرق وتتلهف لمعرفة مصير أبنائهم، وجب على الجميع أن يتحرك بوتيرة أعلى ومكثفة من أجل أن تفك لغز الغياب في سوريا
ولمعالجة هذه القضية الإنسانية، تتطلب جهود متكاملة على مستويات عدة تشمل الجوانب القانونية والحقوقية والاجتماعية:
التوثيق الشامل والموثوق، إن جمع وتوثيق حالات الاعتقال القسري والاختفاء من قبل الجهات الرسمية الحكومية، ممثلة بـــ الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا، يساهم في بناء الأدلة الضرورية التي يمكن استخدامها في المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية لمحاسبة المتسببين في هذه الجرائم.
الضغط الدولي، على الفاعلين الحقوقيين التعاون بشكل فعال مع الآليات الدولية مثل مجلس حقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، لتعزيز متابعة هذه القضايا وفرض عقوبات رادعة على الجهات المسؤولة، مما يقلل من الإفلات من العقاب.
دعم عائلات المعتقلين نفسياً واجتماعياً، لا يمكن اليوم إغفال الحالة النفسية الصعبة التي تعيشها عائلات المختفين قسراً، ولهذا يجب توفير الدعم النفسي والاستشاري، إلى جانب خدمات اجتماعية تساعدهم على الصمود في وجه المحنة.
رفع وعي المجتمع، ويكون ذلك من خلال الحملات الإعلامية والندوات التوعوية التي تسلط الضوء على هذه القضية، وبدعم من منظمات حقوق الإنسان والشخصيات المؤثرة، لتشكيل ضغط شعبي وسياسي يدعو للعدالة.
المناصرة التشريعية، المطالبة بصياغة وتطبيق وتشريع قوانين واضحة تمنع الإخفاء القسري وتضمن حق ذوي المختفين في المعرفة والعدالة، بما يتوافق مع القوانين الدولية.
ولا بد من القول: إن المحافظة على استمرارية هذه الجهود وتفعيلها ضمن تنسيق محكم بين الفاعلين الوطنيين والدوليين سيرفع من مستوى الحماية القانونية والإنسانية للمعتقلين والمختفين، ويحول معاناتهم إلى مآل للعدالة والكرامة التي يستحقونها.
في الختام، لا بد من التشديد على أن قضية المختفين قسراً وكشف مصيرهم مرتبطة بمدى التزام المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الإنسانية، في حين أن على السلطات السورية أن ألقاء القبض على المتورطين ومحاكمتهم لأن الإفلات من العقاب لا يفاقم معاناة المعتقلين فحسب، بل يصنع نموذجاً قاتماً ينذر بتكرار الانتهاكات ويهدد مستقبل السلام والاستقرار في سورية.
فايز أبو عيد
تُعد قضية المعتقلين والمختفين قسراً في سورية من أبرز الجرائم الإنسانية التي زادت من مأساة آلاف السوريين والفلسطينيين وأضافت وجعاً وألماً لا يمكن أن ينسى، وخلّفت معاناة طويلة الأمد لم تقتصر على المعتقلين فقط، بل تمتد إلى ذويهم الذين عاشوا ولم يزالوا في ظلام المصير المجهول والانتظار المؤلم.
الاعتقال وتكميم الأفواه استخدمت كأداة قمعية من قبل النظام الأسد البائد وأجهزته الأمنية القمعية، إذ تُخفي آلاف الأسماء خلف جدران السجون السرية، دون تقديم أي تفسير عن أماكن الاحتجاز أو الوضع الصحي لهؤلاء المعتقلين.
بعد سقوط ذاك النظام الظالم وتحرير سورية من عائلة استمر حكمها أكثر من 55 عاماً، تم فتح السجون وتحرير المعتقلين، إلا أن هناك عشرات الآلاف من المغيبين قسراً لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم.
ويقدّر عدد المعتقلين أو المختفين قسرا في سوريا بأكثر من 181 ألف شخص، بينهم أكثر من آلاف معتقل فلسطيني، منذ مارس/آذار 2011 حتى 8/12/ 2024. ومن بين هؤلاء، يُصنف ما لا يقل عن 177 ألف شخص مختفين قسراً.
ومن نافل القول إنه رغم سعي الحكومة السورية الجديدة والجهود التي تبذلها للكشف عن مصير المغيبين والمعتقلين إلا أن تلك الجهود لا تزال حتى اليوم لم تثمر، ولأن عائلات المعتقلين والمغيبين قسراً تتحرق وتتلهف لمعرفة مصير أبنائهم، وجب على الجميع أن يتحرك بوتيرة أعلى ومكثفة من أجل أن تفك لغز الغياب في سوريا
ولمعالجة هذه القضية الإنسانية، تتطلب جهود متكاملة على مستويات عدة تشمل الجوانب القانونية والحقوقية والاجتماعية:
التوثيق الشامل والموثوق، إن جمع وتوثيق حالات الاعتقال القسري والاختفاء من قبل الجهات الرسمية الحكومية، ممثلة بـــ الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا، يساهم في بناء الأدلة الضرورية التي يمكن استخدامها في المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية لمحاسبة المتسببين في هذه الجرائم.
الضغط الدولي، على الفاعلين الحقوقيين التعاون بشكل فعال مع الآليات الدولية مثل مجلس حقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، لتعزيز متابعة هذه القضايا وفرض عقوبات رادعة على الجهات المسؤولة، مما يقلل من الإفلات من العقاب.
دعم عائلات المعتقلين نفسياً واجتماعياً، لا يمكن اليوم إغفال الحالة النفسية الصعبة التي تعيشها عائلات المختفين قسراً، ولهذا يجب توفير الدعم النفسي والاستشاري، إلى جانب خدمات اجتماعية تساعدهم على الصمود في وجه المحنة.
رفع وعي المجتمع، ويكون ذلك من خلال الحملات الإعلامية والندوات التوعوية التي تسلط الضوء على هذه القضية، وبدعم من منظمات حقوق الإنسان والشخصيات المؤثرة، لتشكيل ضغط شعبي وسياسي يدعو للعدالة.
المناصرة التشريعية، المطالبة بصياغة وتطبيق وتشريع قوانين واضحة تمنع الإخفاء القسري وتضمن حق ذوي المختفين في المعرفة والعدالة، بما يتوافق مع القوانين الدولية.
ولا بد من القول: إن المحافظة على استمرارية هذه الجهود وتفعيلها ضمن تنسيق محكم بين الفاعلين الوطنيين والدوليين سيرفع من مستوى الحماية القانونية والإنسانية للمعتقلين والمختفين، ويحول معاناتهم إلى مآل للعدالة والكرامة التي يستحقونها.
في الختام، لا بد من التشديد على أن قضية المختفين قسراً وكشف مصيرهم مرتبطة بمدى التزام المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الإنسانية، في حين أن على السلطات السورية أن ألقاء القبض على المتورطين ومحاكمتهم لأن الإفلات من العقاب لا يفاقم معاناة المعتقلين فحسب، بل يصنع نموذجاً قاتماً ينذر بتكرار الانتهاكات ويهدد مستقبل السلام والاستقرار في سورية.