map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

عبد الحي وسعيد محمد بين الغياب والذاكرة شهادة على موتين بلا اعتراف

تاريخ النشر : 21-12-2025
عبد الحي وسعيد محمد بين الغياب والذاكرة شهادة على موتين بلا اعتراف

مجموعة العمل - نضال الخليل

لا يدخل الشقيقان عبد الحي وسعيد محمد إلى النص بوصفهما حادثة مكتملة لكن بوصفهما كسرًا في انتظام المعنى

فهنا لا نقف أمام موتين فقط لكن أمام انقطاع طويل بين الحدث وتسميته بين ما وقع فعلًا وما سمح له أن يُقال

والغياب القسري في جوهره ليس فعل إخفاء للجسد وحده لكنه فعل تعطيل للغة وإفراغ للتاريخ من قدرته على التوثيق

عبد الحي محمد فلسطيني من نابلس من مواليد عام 1979 عاش في سوريا ضمن ذلك الوضع الذي لا يستقر في تعريف واحد: ليس مواطنًا كامل الحقوق ولا لاجئًا عابرًا لكنه كائن قانوني مؤجل

هذا التأجيل لم يكن توصيفًا إداريًا بريئًا بل شرطًا خفيًا جعل حياته أكثر هشاشة وسهل لاحقًا خروجه من المجال العام دون أثر يذكر

في عام 2013 اعتقل عبد الحي من منطقة التضامن في دمشق مع شقيقه سعيد محمد لم يُقدم أي سبب رسمي للاعتقال ولم تُفتح قضية قانونية واضحة ولم يُعلن عن مكان احتجازهما منذ تلك اللحظة دخل الشقيقان ما يعرف في الأدبيات الحقوقية بحالة الاختفاء القسري: حرمان من الحرية وإنكار لمكان الاحتجاز وقطع متعمد لأي صلة قانونية بالعالم الخارجي

في عام 2014 استشهد عبد الحي تحت التعذيب هذه المعلومة على فداحتها لم تقابل باعتراف رسمي ولم تدرج في سجل قضائي وبقيت في نطاق الشهادة غير المكتملة

أما سعيد محمد فقد انتهت حياته هو الآخر في سياق الاعتقال نفسه دون إعلان رسمي عن ظروف الوفاة أو زمنها الدقيق وهكذا لم يُغلق الملف لكنه تُرك مفتوحًا على موتين بلا إطار قانوني

ترك عبد الحي خلفه ثلاثة أطفال لم يرثوا عنه سوى غيابٍ موثق شفهيًا وزمنٍ عائلي مكسور لا يجد صيغة نهائية

 فالعائلة في حالات الاختفاء القسري لا تعيش الفقدان بوصفه حدثًا لكن بوصفه حالة مستمرة تتآكل فيها الحياة اليومية تحت وطأة السؤال غير المسموح بالإجابة

الفلسطينيون في سوريا كانوا تاريخيًا أكثر عرضة لهذا النمط من الانتهاك فغياب الجنسية الكاملة وافتقارهم إلى مظلة حماية سياسية مستقلة جعلاهم خارج أولويات المساءلة

لا تُسجل قضيتهم باعتبارها شأنًا داخليًا كاملًا ولا تُحمل بوصفها قضية لجوء دولية وفي هذه المنطقة الرمادية يصبح الاختفاء القسري ممارسة منخفضة الكلفة لا تستدعي ضغطًا دوليًا جديًا ولا مساءلة داخلية

ما حدث لعبد الحي وسعيد لا يمكن فصله عن هذا السياق فالتعذيب الذي أدى إلى موتهما لم يكن فعلًا طارئًا بل ممارسة ممنهجة موثقة في تقارير حقوقية عديدة عن مراكز الاحتجاز في سوريا منذ عام 2011

التعذيب هنا لا يعمل بوصفه وسيلة تحقيق لكن بوصفه أداة كسر وإلغاء غايته إنتاج الصمت لا انتزاع الحقيقة.

اللغة التي تتأمل الإنسان لا تتعامل مع الضحية كرقم ولا مع الحدث كواقعة مكتملة يمكن تجاهلها ترى الإنسان وقد أخرج من السرد تلاحقه الكلمات لأنها تأخرت عنه فعبد الحي وسعيد لم يموتا داخل قصة واضحة لكن سُحبا منها قبل أن تُكتَب ماتا خارج اللغة الرسمية وبقيا في لغة الشهادة الناقصة حيث الاسم هو الأثر الأخير

إن استعادة اسميهما اليوم ليست فعل حنين إنما إعادة إدخال قسري لهما إلى النص العام ليس بوصفهما رمزين مجردين لكن بوصفهما واقعتين موثقتين:

تاريخ اعتقال مكان معروف، مصير منته بالتعذيب وعائلة ما زالت تحمل النتائج

فالغياب القسري حين لا يسمى يتحول إلى تقنية حكم وحين لا يوثق يصبح قابلاً للتكرار وحين يُنسى يعاد إنتاجه بلا مقاومة

عبد الحي وسعيد محمد لم يخرجا من الحياة فقط لكن أخرجا من السجل وإعادة اسميهما إلى التداول ليست انتصارًا متأخرًا لكنها الحد الأدنى من مقاومة الصمت مقاومة تقول إن الإنسان حتى حين يُمحى جسده   لا يجوز أن يُمحى أثره ولا أن يُترك موته بلا لغة ولا بلا مسؤولية.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22475

مجموعة العمل - نضال الخليل

لا يدخل الشقيقان عبد الحي وسعيد محمد إلى النص بوصفهما حادثة مكتملة لكن بوصفهما كسرًا في انتظام المعنى

فهنا لا نقف أمام موتين فقط لكن أمام انقطاع طويل بين الحدث وتسميته بين ما وقع فعلًا وما سمح له أن يُقال

والغياب القسري في جوهره ليس فعل إخفاء للجسد وحده لكنه فعل تعطيل للغة وإفراغ للتاريخ من قدرته على التوثيق

عبد الحي محمد فلسطيني من نابلس من مواليد عام 1979 عاش في سوريا ضمن ذلك الوضع الذي لا يستقر في تعريف واحد: ليس مواطنًا كامل الحقوق ولا لاجئًا عابرًا لكنه كائن قانوني مؤجل

هذا التأجيل لم يكن توصيفًا إداريًا بريئًا بل شرطًا خفيًا جعل حياته أكثر هشاشة وسهل لاحقًا خروجه من المجال العام دون أثر يذكر

في عام 2013 اعتقل عبد الحي من منطقة التضامن في دمشق مع شقيقه سعيد محمد لم يُقدم أي سبب رسمي للاعتقال ولم تُفتح قضية قانونية واضحة ولم يُعلن عن مكان احتجازهما منذ تلك اللحظة دخل الشقيقان ما يعرف في الأدبيات الحقوقية بحالة الاختفاء القسري: حرمان من الحرية وإنكار لمكان الاحتجاز وقطع متعمد لأي صلة قانونية بالعالم الخارجي

في عام 2014 استشهد عبد الحي تحت التعذيب هذه المعلومة على فداحتها لم تقابل باعتراف رسمي ولم تدرج في سجل قضائي وبقيت في نطاق الشهادة غير المكتملة

أما سعيد محمد فقد انتهت حياته هو الآخر في سياق الاعتقال نفسه دون إعلان رسمي عن ظروف الوفاة أو زمنها الدقيق وهكذا لم يُغلق الملف لكنه تُرك مفتوحًا على موتين بلا إطار قانوني

ترك عبد الحي خلفه ثلاثة أطفال لم يرثوا عنه سوى غيابٍ موثق شفهيًا وزمنٍ عائلي مكسور لا يجد صيغة نهائية

 فالعائلة في حالات الاختفاء القسري لا تعيش الفقدان بوصفه حدثًا لكن بوصفه حالة مستمرة تتآكل فيها الحياة اليومية تحت وطأة السؤال غير المسموح بالإجابة

الفلسطينيون في سوريا كانوا تاريخيًا أكثر عرضة لهذا النمط من الانتهاك فغياب الجنسية الكاملة وافتقارهم إلى مظلة حماية سياسية مستقلة جعلاهم خارج أولويات المساءلة

لا تُسجل قضيتهم باعتبارها شأنًا داخليًا كاملًا ولا تُحمل بوصفها قضية لجوء دولية وفي هذه المنطقة الرمادية يصبح الاختفاء القسري ممارسة منخفضة الكلفة لا تستدعي ضغطًا دوليًا جديًا ولا مساءلة داخلية

ما حدث لعبد الحي وسعيد لا يمكن فصله عن هذا السياق فالتعذيب الذي أدى إلى موتهما لم يكن فعلًا طارئًا بل ممارسة ممنهجة موثقة في تقارير حقوقية عديدة عن مراكز الاحتجاز في سوريا منذ عام 2011

التعذيب هنا لا يعمل بوصفه وسيلة تحقيق لكن بوصفه أداة كسر وإلغاء غايته إنتاج الصمت لا انتزاع الحقيقة.

اللغة التي تتأمل الإنسان لا تتعامل مع الضحية كرقم ولا مع الحدث كواقعة مكتملة يمكن تجاهلها ترى الإنسان وقد أخرج من السرد تلاحقه الكلمات لأنها تأخرت عنه فعبد الحي وسعيد لم يموتا داخل قصة واضحة لكن سُحبا منها قبل أن تُكتَب ماتا خارج اللغة الرسمية وبقيا في لغة الشهادة الناقصة حيث الاسم هو الأثر الأخير

إن استعادة اسميهما اليوم ليست فعل حنين إنما إعادة إدخال قسري لهما إلى النص العام ليس بوصفهما رمزين مجردين لكن بوصفهما واقعتين موثقتين:

تاريخ اعتقال مكان معروف، مصير منته بالتعذيب وعائلة ما زالت تحمل النتائج

فالغياب القسري حين لا يسمى يتحول إلى تقنية حكم وحين لا يوثق يصبح قابلاً للتكرار وحين يُنسى يعاد إنتاجه بلا مقاومة

عبد الحي وسعيد محمد لم يخرجا من الحياة فقط لكن أخرجا من السجل وإعادة اسميهما إلى التداول ليست انتصارًا متأخرًا لكنها الحد الأدنى من مقاومة الصمت مقاومة تقول إن الإنسان حتى حين يُمحى جسده   لا يجوز أن يُمحى أثره ولا أن يُترك موته بلا لغة ولا بلا مسؤولية.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://www.actionpal.org.uk/ar/post/22475