نضال الخليل – مجموعة العمل
المخيم كفضاء مفقود من شبكة حياة إلى إدارة رمزية للغياب
ليست مأساة الفلسطيني السوري اليوم مجرد حدث سياسي أو أثر مباشر للنزاع لكن هي نتيجة تراكم تاريخي لانكسار بنيوي في معنى التمثيل المؤسسي
فالفراغ الذي يعيشه الفلسطيني ليس فراغًا ماديًا فحسب لكنه غياب وظيفة المؤسسات التي صُممت لتحميه وتؤطر حياته اليومية حين تتفكك شروط الحياة الأساسية – السكن والعمل والأمن الاجتماعي – يتحول الإنسان إلى لاجئ بلا حماية والمخيم من مساحة لإعادة إنتاج المجتمع إلى مسرح لتجميد الحقوق
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 150 ألف فلسطيني سوري تعرضوا للنزوح خلال الأزمة السورية بينما عاد حوالي 50 ألفًا إلى المخيمات القديمة في دمشق وريفها ولا سيما اليرموك وخان الشيح وسبينة لكن العودة لم تُقابل بسياسات تمكين بل اصطدمت بقرارات إدارية تقيد الحياة اليومية وتحول العودة من فعل حر إلى استجابة اضطرارية للواقع الاقتصادي
التمثيل الفلسطيني بلا وظيفة: الفراغ البنيوي
في سياق فلسفة الإدراك الاجتماعي التمثيل ليس مجرد كلمة تُحيل إلى حضور صوتي أو صوري في الفضاء العام لكن هو وظيفة عملية تربط الفرد بحقوقه في شروط الحياة الملموسة: السكن، العمل، الكسب، الحركة، الحرية، السلامة
حين نتحدث عن الفلسطيني السوري نحن لا نتكلم عن كائن سياسي مجرد لكن عن وجود اجتماعي نفعي يتعرض للانهيار حين تُفقد المؤسسات وظيفتها وتُترك كما لو أنها مجرد رموز خطابية
الفارق بين أن تكون مؤسسة وُظفت لأداء دور اجتماعي–اقتصادي وأن تكون مجرد توقيع فوق ورقة خطابية هو الفارق بين الحياة والحياة المُجمّدة وهذا هو جوهر مأساة الفلسطيني السوري: المؤسسات التي كان يُرتجى منها أن تكون حامية لم تكن أكثر من خطاب بلا قوة عملية
المخيم: من فضاء حياة إلى مشكلة إدارية
المخيم لم يكن مجرد تجمع مؤقت هو شبكة اجتماعية–اقتصادية تحافظ على الحد الأدنى من العيش المشترك وتعيد إنتاج المجتمع الفلسطيني داخل سوريا وقد استطاع المخيم عبر سنوات طويلة أن يُشكل بديلاً مؤقتًا مستدامًا عن الدولة الوطنية التي تخلت عن دعم الحقوق الاجتماعية
كان المخيم سلطة في حد ذاته ضمن شروطه الضاغطة لكن الحرب والتحولات الإدارية ما بعد النزاع حولت هذا الفضاء إلى قضية إدارية تقنية تُقرأ بسطحية كـ “منع البناء”، “إغلاق المحال”، “تعليق النشاط الاقتصادي”
إن المخيم في الحالة الفلسطينية السورية تعرض لتفكيك شروط الحياة الأساسية وتحويله من فضاء لإعادة إنتاج المجتمع إلى قضية تُدار بإجراءات تقنية
وما يُسمّى اليوم بقرارات البلدية أو القيود الإدارية ليس محايدًا بل طريقة لإخراج الفلسطيني من الحياة الاجتماعية إلى هامش يمكن التحكم فيه دون مساءلة
لقد تحول المخيم في جوهره من كيان يحمي ويحافظ إلى كيان يُجمد الحقوق كأنما هو سجينة لمستوى من الإرادة الإدارية التي لا تُجيب عن الأسئلة الكبرى للحياة اليومية.
غياب المنظمات الفلسطينية: أزمة وظيفة التمثيل
الغياب الفلسطيني ليس مجرد تقصير مرحلي لكن هو فشل بنيوي في وظيفة التمثيل
المنظمات والفصائل التي كانت تمثل الفلسطيني تاريخيًا ظلت أسيرة منطق الخطاب السياسي ولم تتحول إلى أطر حقوقية فاعلة للدفاع عن الحياة اليومية.
الخطاب الفلسطيني السائد تكلم طويلاً عن الهوية والمقاومة والتحرير لكنه لم يُنشئ:
لجان تفاوض قانونية مع السلطات المحلية
برامج اقتصادية مستدامة لدعم العودة
آليات ضغط جماعي وحقوقي لرفع القيود الإدارية
أصبح التمثيل الفلسطيني شعريًا وخاليًا من الوظيفة الواقعية يغطي على هشاشة البنية الاجتماعية والسياسية.
ما يحدث ليس مجرد تراجع سياسي لكنه تحويل السياسة إلى إدارة رمزية للغياب السياسة الحقيقية تحمي الإنسان حين تفقد الدولة القدرة على الحماية بينما الإدارة الرمزية مجرد صدى كلامي عاجز أمام الحياة اليومية للناس
الفرق بين السياسة والإدارة الرمزية هو الفرق بين الحماية والتمثيل الفعلي وبين الصوت الشكلي الخالي من الوظيفة
أزمة الاعتراف: الفقر كوجود
الفقر الذي يعانيه الفلسطيني السوري ليس مجرد انعدام دخل مادي لكن هو غياب الاعتراف المؤسسي الاعتراف هنا يعني حضورًا فعليًا في المؤسسات والآليات التي تحول الحقوق إلى واقع يومي
الإنسان الذي لا يجد من يحول معاناته الفردية إلى قضية عامة يُدفع تدريجيًا إلى الهامش الاجتماعي في هذا الهامش لا يعود الفقر حالة مادية فحسب لكنه يصبح حالة وجودية:
لا حقوق فعلية ولا أفق للاستقرار ولا أدوات للتغيير
الفرد يصبح في مواجهة واقع فردي قاسٍ ومؤسسات بلا وظيفة وقانون بلا أثر
تستطيع الفصائل والمؤسسات الفلسطينية الانتقال من خطاب التاريخ إلى حقوق الحاضر اليومي - من إدارة الرمزية إلى حماية الحياة - من رمزية القضية إلى واقعية العيش
المشكلة ليست مالية أو إدارية فقط لكن في معنى التمثيل ذاته في ما إذا كانت المؤسسات الفلسطينية قادرة على أن تكون أدوات حياة فعلية أو ستظل صناديق خطابية تعزز الفقر وتُكثفه
القضية التي لا تحمي أصحابها في تفاصيل يومهم تفقد معناها العملي وتتحول من مشروع تاريخي إلى فكرة معلقة في الفراغ الاجتماعي وهذا الفراغ إن استمر لا يُهدد الفلسطينيين السوريين وحدهم بل يُعري جوهر القضية الفلسطينية العامة من مضمونها الإنساني.
إن مأساة الفلسطيني السوري اليوم تضعنا أمام سؤال أساسي:
ما قيمة خطاب سياسي أو رمزي إذا كان عاجزًا عن حماية الناس في تفاصيل حياتهم اليومية؟
إن التمثيل ليس فقط صوتًا يعلو في المنابر لكنه وظيفة تحمي الحقوق وتؤمن الحياة.
تتطلب المرحلة اليوم إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على أسس حقوقية واجتماعية تشمل:
إنشاء لجان تفاوض قانونية قادرة على مواجهة القيود الإدارية
تطوير برامج اقتصادية مستدامة لدعم العائدين وتمكينهم من الاستقلال المعيشي
تفعيل آليات ضغط جماعي وحقوقي تجعل صوت الفلسطيني السوري حاضرًا داخل المؤسسة والقرار الإداري
إذا لم تتحول المؤسسات الفلسطينية إلى أطر حماية فعلية تحمي الإنسان وتعيد إنتاج الحياة اليومية سيظل الفلسطيني السوري مُعرضًا للهشاشة وسيستمر الفراغ المؤسسي في تحويل القضية الفلسطينية من مشروع حياة إلى رمزية معلقة في الفراغ الاجتماعي
وهنا عند هذا الفراغ يُختبر جوهر القضية الإنسانية نفسها:
هل هي حقًا مشروع حماية وعيش أم مجرد خطاب بلا أثر؟
في النهاية لا يكفي الكلام عن الحقوق ولا الشعارات التاريخية المطلوب هو عمل مؤسسي يومي قائم على العدالة والحقوق يحول السياسة من خطاب رمزي إلى فعل حياة فقط حينها يمكن أن تُستعاد الفكرة التاريخية للقضية الفلسطينية لتصبح تجربة حياة حقيقية لا مجرد تمثيل رمزي في غياب الوظيفة
نضال الخليل – مجموعة العمل
المخيم كفضاء مفقود من شبكة حياة إلى إدارة رمزية للغياب
ليست مأساة الفلسطيني السوري اليوم مجرد حدث سياسي أو أثر مباشر للنزاع لكن هي نتيجة تراكم تاريخي لانكسار بنيوي في معنى التمثيل المؤسسي
فالفراغ الذي يعيشه الفلسطيني ليس فراغًا ماديًا فحسب لكنه غياب وظيفة المؤسسات التي صُممت لتحميه وتؤطر حياته اليومية حين تتفكك شروط الحياة الأساسية – السكن والعمل والأمن الاجتماعي – يتحول الإنسان إلى لاجئ بلا حماية والمخيم من مساحة لإعادة إنتاج المجتمع إلى مسرح لتجميد الحقوق
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 150 ألف فلسطيني سوري تعرضوا للنزوح خلال الأزمة السورية بينما عاد حوالي 50 ألفًا إلى المخيمات القديمة في دمشق وريفها ولا سيما اليرموك وخان الشيح وسبينة لكن العودة لم تُقابل بسياسات تمكين بل اصطدمت بقرارات إدارية تقيد الحياة اليومية وتحول العودة من فعل حر إلى استجابة اضطرارية للواقع الاقتصادي
التمثيل الفلسطيني بلا وظيفة: الفراغ البنيوي
في سياق فلسفة الإدراك الاجتماعي التمثيل ليس مجرد كلمة تُحيل إلى حضور صوتي أو صوري في الفضاء العام لكن هو وظيفة عملية تربط الفرد بحقوقه في شروط الحياة الملموسة: السكن، العمل، الكسب، الحركة، الحرية، السلامة
حين نتحدث عن الفلسطيني السوري نحن لا نتكلم عن كائن سياسي مجرد لكن عن وجود اجتماعي نفعي يتعرض للانهيار حين تُفقد المؤسسات وظيفتها وتُترك كما لو أنها مجرد رموز خطابية
الفارق بين أن تكون مؤسسة وُظفت لأداء دور اجتماعي–اقتصادي وأن تكون مجرد توقيع فوق ورقة خطابية هو الفارق بين الحياة والحياة المُجمّدة وهذا هو جوهر مأساة الفلسطيني السوري: المؤسسات التي كان يُرتجى منها أن تكون حامية لم تكن أكثر من خطاب بلا قوة عملية
المخيم: من فضاء حياة إلى مشكلة إدارية
المخيم لم يكن مجرد تجمع مؤقت هو شبكة اجتماعية–اقتصادية تحافظ على الحد الأدنى من العيش المشترك وتعيد إنتاج المجتمع الفلسطيني داخل سوريا وقد استطاع المخيم عبر سنوات طويلة أن يُشكل بديلاً مؤقتًا مستدامًا عن الدولة الوطنية التي تخلت عن دعم الحقوق الاجتماعية
كان المخيم سلطة في حد ذاته ضمن شروطه الضاغطة لكن الحرب والتحولات الإدارية ما بعد النزاع حولت هذا الفضاء إلى قضية إدارية تقنية تُقرأ بسطحية كـ “منع البناء”، “إغلاق المحال”، “تعليق النشاط الاقتصادي”
إن المخيم في الحالة الفلسطينية السورية تعرض لتفكيك شروط الحياة الأساسية وتحويله من فضاء لإعادة إنتاج المجتمع إلى قضية تُدار بإجراءات تقنية
وما يُسمّى اليوم بقرارات البلدية أو القيود الإدارية ليس محايدًا بل طريقة لإخراج الفلسطيني من الحياة الاجتماعية إلى هامش يمكن التحكم فيه دون مساءلة
لقد تحول المخيم في جوهره من كيان يحمي ويحافظ إلى كيان يُجمد الحقوق كأنما هو سجينة لمستوى من الإرادة الإدارية التي لا تُجيب عن الأسئلة الكبرى للحياة اليومية.
غياب المنظمات الفلسطينية: أزمة وظيفة التمثيل
الغياب الفلسطيني ليس مجرد تقصير مرحلي لكن هو فشل بنيوي في وظيفة التمثيل
المنظمات والفصائل التي كانت تمثل الفلسطيني تاريخيًا ظلت أسيرة منطق الخطاب السياسي ولم تتحول إلى أطر حقوقية فاعلة للدفاع عن الحياة اليومية.
الخطاب الفلسطيني السائد تكلم طويلاً عن الهوية والمقاومة والتحرير لكنه لم يُنشئ:
لجان تفاوض قانونية مع السلطات المحلية
برامج اقتصادية مستدامة لدعم العودة
آليات ضغط جماعي وحقوقي لرفع القيود الإدارية
أصبح التمثيل الفلسطيني شعريًا وخاليًا من الوظيفة الواقعية يغطي على هشاشة البنية الاجتماعية والسياسية.
ما يحدث ليس مجرد تراجع سياسي لكنه تحويل السياسة إلى إدارة رمزية للغياب السياسة الحقيقية تحمي الإنسان حين تفقد الدولة القدرة على الحماية بينما الإدارة الرمزية مجرد صدى كلامي عاجز أمام الحياة اليومية للناس
الفرق بين السياسة والإدارة الرمزية هو الفرق بين الحماية والتمثيل الفعلي وبين الصوت الشكلي الخالي من الوظيفة
أزمة الاعتراف: الفقر كوجود
الفقر الذي يعانيه الفلسطيني السوري ليس مجرد انعدام دخل مادي لكن هو غياب الاعتراف المؤسسي الاعتراف هنا يعني حضورًا فعليًا في المؤسسات والآليات التي تحول الحقوق إلى واقع يومي
الإنسان الذي لا يجد من يحول معاناته الفردية إلى قضية عامة يُدفع تدريجيًا إلى الهامش الاجتماعي في هذا الهامش لا يعود الفقر حالة مادية فحسب لكنه يصبح حالة وجودية:
لا حقوق فعلية ولا أفق للاستقرار ولا أدوات للتغيير
الفرد يصبح في مواجهة واقع فردي قاسٍ ومؤسسات بلا وظيفة وقانون بلا أثر
تستطيع الفصائل والمؤسسات الفلسطينية الانتقال من خطاب التاريخ إلى حقوق الحاضر اليومي - من إدارة الرمزية إلى حماية الحياة - من رمزية القضية إلى واقعية العيش
المشكلة ليست مالية أو إدارية فقط لكن في معنى التمثيل ذاته في ما إذا كانت المؤسسات الفلسطينية قادرة على أن تكون أدوات حياة فعلية أو ستظل صناديق خطابية تعزز الفقر وتُكثفه
القضية التي لا تحمي أصحابها في تفاصيل يومهم تفقد معناها العملي وتتحول من مشروع تاريخي إلى فكرة معلقة في الفراغ الاجتماعي وهذا الفراغ إن استمر لا يُهدد الفلسطينيين السوريين وحدهم بل يُعري جوهر القضية الفلسطينية العامة من مضمونها الإنساني.
إن مأساة الفلسطيني السوري اليوم تضعنا أمام سؤال أساسي:
ما قيمة خطاب سياسي أو رمزي إذا كان عاجزًا عن حماية الناس في تفاصيل حياتهم اليومية؟
إن التمثيل ليس فقط صوتًا يعلو في المنابر لكنه وظيفة تحمي الحقوق وتؤمن الحياة.
تتطلب المرحلة اليوم إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على أسس حقوقية واجتماعية تشمل:
إنشاء لجان تفاوض قانونية قادرة على مواجهة القيود الإدارية
تطوير برامج اقتصادية مستدامة لدعم العائدين وتمكينهم من الاستقلال المعيشي
تفعيل آليات ضغط جماعي وحقوقي تجعل صوت الفلسطيني السوري حاضرًا داخل المؤسسة والقرار الإداري
إذا لم تتحول المؤسسات الفلسطينية إلى أطر حماية فعلية تحمي الإنسان وتعيد إنتاج الحياة اليومية سيظل الفلسطيني السوري مُعرضًا للهشاشة وسيستمر الفراغ المؤسسي في تحويل القضية الفلسطينية من مشروع حياة إلى رمزية معلقة في الفراغ الاجتماعي
وهنا عند هذا الفراغ يُختبر جوهر القضية الإنسانية نفسها:
هل هي حقًا مشروع حماية وعيش أم مجرد خطاب بلا أثر؟
في النهاية لا يكفي الكلام عن الحقوق ولا الشعارات التاريخية المطلوب هو عمل مؤسسي يومي قائم على العدالة والحقوق يحول السياسة من خطاب رمزي إلى فعل حياة فقط حينها يمكن أن تُستعاد الفكرة التاريخية للقضية الفلسطينية لتصبح تجربة حياة حقيقية لا مجرد تمثيل رمزي في غياب الوظيفة