سعيد سليمان – مجموعة العمل
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، ومع انطلاق حملات التبرع لإعادة الإعمار في مدن سورية متعددة، بقيت مخيمات فلسطينيي سورية التي لحقت بها أضرار هائلة خلال الحرب خارج صيغ إعادة الإعمار الفعلية، ما يطرح تساؤلات حول السياسات، التمويل، والأولويات الدولية والمحلية في مرحلة ما بعد الثورة.
دمار ونزوح هائل
لقد كانت المخيمات الفلسطينية جزءاً من النسيج العمراني السوري قبل الحرب، وكانت مخيمات كبرى مثل مخيم اليرموك تؤوي مئات آلاف اللاجئين، إلا أن سنوات النزاع أدت إلى تدمير واسع في هذه المخيمات ونزوح واسع للسكان.
وتشير تقديرات الأونروا إلى أن نحو 40% من اللاجئين الفلسطينيين في سورية ما زالوا نازحين داخلياً بعد الحرب، بينما هاجر أكثر من 20% منهم خارج البلاد إلى دول الجوار وغيرها من الوجهات، نتيجة الدمار وفقدان السكن والخدمات الأساسية.
هذا النزوح يعكس ليس فقط دماراً في البنية التحتية، بل أيضاً فقداناً في حقوق الملكية، وتفككاً اجتماعياً واقتصادياً لدى فلسطينيي سورية الذين عانوا مراراً منذ اندلاع الثورة في 2011.
حملات التبرعات.. شعارات أكثر من إنجازات
شهد العام الماضي إطلاق عشرات حملات التبرعات التي استهدفت إعادة الإعمار في مناطق سورية متعددة، مثل دمشق وحلب وحمص وريف دمشق ودرعا، وقد بدأ بعضها فعلياً بتنفيذ مشاريع محدودة. في المقابل، فإن حملات من نوع “لعيونك يا يرموك” التي تناولت وضع مخيمات فلسطينيي سورية لم تتجاوز غالباً مرحلة الشعار الإعلامي، ولم تتحول إلى مشاريع واضحة أو برامج تمويلية قابلة للتنفيذ على الأرض، وفق متابعة مجموعة العمل.
الأونروا: تدخلات خدمية بلا مشاريع طويلة الأمد
تلعب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) دوراً بارزاً في تقديم الخدمات الأساسية في المخيمات والبيئات الفلسطينية في سورية، لكن تدخلاتها في ملف إعادة الإعمار تبقى محدودة ومقتصرة في الغالب على دعم الخدمات الأساسية وإصلاحات جزئية، وليس على تنفيذ مشاريع إعادة بناء واسعة النطاق.
تواجه الأونروا تحديات تمويلية كبيرة بعد سنوات من تراجع المساهمات الدولية، ما يقيد قدرتها على أن تمول مشاريع إعادة إعمار شاملة في المخيمات المتضررة بشدة، كما أن الوضع القانوني الخاص باللاجئين الفلسطينيين خارج إطار اتفاقية اللاجئين لعام 1951 يقيد نطاق تدخلات الوكالة مقارنة ببرامج الأمم المتحدة الأخرى.
المنظمات الدولية: أولويات خاصة وسياقات معقدة
تُبدي المنظمات الدولية اهتماماً ببرامج عامة لإعادة الإعمار في سورية، لا سيما في المناطق التي تحمل صفة “التعافي المبكر”، ولكن مخيمات الفلسطينيين لا تُدرج بالضرورة ضمن هذه البرامج بنفس الأولوية، بسبب عوامل متداخلة من الناحية القانونية والسياسية ووضعية اللاجئين الخاصة.
بالتالي، فإن التمويل الدولي يميل إلى التركيز على مشاريع تتعلق بالبنية التحتية العامة والخدمات في المناطق السورية الأساسية، وأقل على برامج إعادة تأهيل المخيمات الفلسطينية، رغم أن الدمار فيها يفوق كثيراً في بعض الحالات مستوى الدمار في المدن الأخرى.
النتائج على الأرض
على الرغم من انتهاء الحرب وتوقف القصف، لا تزال غالبية مخيمات الفلسطينيين في سورية تعيش واقعاً صعباً حيث أن نسبة نزوح كبيرة لم تنته بعد، مع استمرار الحاجة إلى سكن بديل وتأهيل الخدمات الأساسية، فهنالك أضرار هيكلية واسعة في المباني والبنية التحتية، ما يجعل عملية إعادة الإعمار مكلفة ومعقدة مقارنة ببعض المناطق الأخرى، ناهيك عن غياب مشاريع تمويل ملموسة مكرّسة لإعادة البناء والتأهيل طويل الأمد، سواء من الجهات الدولية أو المؤسسات المحلية.
يبقى ملف إعادة إعمار مخيمات فلسطينيي سورية من أكثر ملفات التعافي المؤجلة بعد الحرب، بفعل تداخلات سياسية وقانونية واقتصادية قلّلت من فرص التمويل والتنفيذ بالمقارنة مع مدن سورية أخرى.
بينما تتقدم مشاريع إعادة الإعمار في بعض المناطق السورية، تظل المخيمات الفلسطينية رمزاً لتحديات إعادة التأهيل الحقيقي لمن تضرروا بشكل خاص خلال عقد ونصف من الحرب.
سعيد سليمان – مجموعة العمل
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، ومع انطلاق حملات التبرع لإعادة الإعمار في مدن سورية متعددة، بقيت مخيمات فلسطينيي سورية التي لحقت بها أضرار هائلة خلال الحرب خارج صيغ إعادة الإعمار الفعلية، ما يطرح تساؤلات حول السياسات، التمويل، والأولويات الدولية والمحلية في مرحلة ما بعد الثورة.
دمار ونزوح هائل
لقد كانت المخيمات الفلسطينية جزءاً من النسيج العمراني السوري قبل الحرب، وكانت مخيمات كبرى مثل مخيم اليرموك تؤوي مئات آلاف اللاجئين، إلا أن سنوات النزاع أدت إلى تدمير واسع في هذه المخيمات ونزوح واسع للسكان.
وتشير تقديرات الأونروا إلى أن نحو 40% من اللاجئين الفلسطينيين في سورية ما زالوا نازحين داخلياً بعد الحرب، بينما هاجر أكثر من 20% منهم خارج البلاد إلى دول الجوار وغيرها من الوجهات، نتيجة الدمار وفقدان السكن والخدمات الأساسية.
هذا النزوح يعكس ليس فقط دماراً في البنية التحتية، بل أيضاً فقداناً في حقوق الملكية، وتفككاً اجتماعياً واقتصادياً لدى فلسطينيي سورية الذين عانوا مراراً منذ اندلاع الثورة في 2011.
حملات التبرعات.. شعارات أكثر من إنجازات
شهد العام الماضي إطلاق عشرات حملات التبرعات التي استهدفت إعادة الإعمار في مناطق سورية متعددة، مثل دمشق وحلب وحمص وريف دمشق ودرعا، وقد بدأ بعضها فعلياً بتنفيذ مشاريع محدودة. في المقابل، فإن حملات من نوع “لعيونك يا يرموك” التي تناولت وضع مخيمات فلسطينيي سورية لم تتجاوز غالباً مرحلة الشعار الإعلامي، ولم تتحول إلى مشاريع واضحة أو برامج تمويلية قابلة للتنفيذ على الأرض، وفق متابعة مجموعة العمل.
الأونروا: تدخلات خدمية بلا مشاريع طويلة الأمد
تلعب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) دوراً بارزاً في تقديم الخدمات الأساسية في المخيمات والبيئات الفلسطينية في سورية، لكن تدخلاتها في ملف إعادة الإعمار تبقى محدودة ومقتصرة في الغالب على دعم الخدمات الأساسية وإصلاحات جزئية، وليس على تنفيذ مشاريع إعادة بناء واسعة النطاق.
تواجه الأونروا تحديات تمويلية كبيرة بعد سنوات من تراجع المساهمات الدولية، ما يقيد قدرتها على أن تمول مشاريع إعادة إعمار شاملة في المخيمات المتضررة بشدة، كما أن الوضع القانوني الخاص باللاجئين الفلسطينيين خارج إطار اتفاقية اللاجئين لعام 1951 يقيد نطاق تدخلات الوكالة مقارنة ببرامج الأمم المتحدة الأخرى.
المنظمات الدولية: أولويات خاصة وسياقات معقدة
تُبدي المنظمات الدولية اهتماماً ببرامج عامة لإعادة الإعمار في سورية، لا سيما في المناطق التي تحمل صفة “التعافي المبكر”، ولكن مخيمات الفلسطينيين لا تُدرج بالضرورة ضمن هذه البرامج بنفس الأولوية، بسبب عوامل متداخلة من الناحية القانونية والسياسية ووضعية اللاجئين الخاصة.
بالتالي، فإن التمويل الدولي يميل إلى التركيز على مشاريع تتعلق بالبنية التحتية العامة والخدمات في المناطق السورية الأساسية، وأقل على برامج إعادة تأهيل المخيمات الفلسطينية، رغم أن الدمار فيها يفوق كثيراً في بعض الحالات مستوى الدمار في المدن الأخرى.
النتائج على الأرض
على الرغم من انتهاء الحرب وتوقف القصف، لا تزال غالبية مخيمات الفلسطينيين في سورية تعيش واقعاً صعباً حيث أن نسبة نزوح كبيرة لم تنته بعد، مع استمرار الحاجة إلى سكن بديل وتأهيل الخدمات الأساسية، فهنالك أضرار هيكلية واسعة في المباني والبنية التحتية، ما يجعل عملية إعادة الإعمار مكلفة ومعقدة مقارنة ببعض المناطق الأخرى، ناهيك عن غياب مشاريع تمويل ملموسة مكرّسة لإعادة البناء والتأهيل طويل الأمد، سواء من الجهات الدولية أو المؤسسات المحلية.
يبقى ملف إعادة إعمار مخيمات فلسطينيي سورية من أكثر ملفات التعافي المؤجلة بعد الحرب، بفعل تداخلات سياسية وقانونية واقتصادية قلّلت من فرص التمويل والتنفيذ بالمقارنة مع مدن سورية أخرى.
بينما تتقدم مشاريع إعادة الإعمار في بعض المناطق السورية، تظل المخيمات الفلسطينية رمزاً لتحديات إعادة التأهيل الحقيقي لمن تضرروا بشكل خاص خلال عقد ونصف من الحرب.